حذرت دار الإفتاء في مصر من مساعي تنظيم داعش المتطرف لدى جماعة الإخوان المسلمين للانضمام له، وإعلان البيعة لزعيمه أبو بكر البغدادي. وقالت الدار في تقرير أعده مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء الشاذة أمس، إن «تلك الدعوة تأتي في سياق السباق والتنافس بين الجماعات والحركات المتطرفة للفوز بأعضاء جدد وتجنيد المزيد من المقاتلين».
وبينما قال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(داعش) يحاول جاهدا جذب مزيد من المقاتلين تحت رايته.. والدعوة الأخيرة للإخوان تتوازى مع التحرك الكبير للتنظيم خلال الفترة الماضية على أرض مصر»، قلل اللواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي في مصر، من دعوة «داعش»، وقال إن «الدعوة لن تؤثر على السلطات الأمنية في شيء، ومصر تحارب الإرهاب أيا كانت الراية التي يرفعها».
في غضون ذلك، قال الشيخ نبيل نعيم، القيادي السابق في «تنظيم الجهاد» المصري، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا فرق بين ما يعتنقه الإخوان و(داعش).. ففكرهم واحد، وهو العنف والتخريب».
وتطلق دار الإفتاء على «داعش» اسم «دولة المنشقين عن (القاعدة) في العراق والشام»، في حملة دولية أعلنتها منتصف أغسطس (آب) الماضي، كما دشنت الدار صفحة على «فيسبوك» للرد على شبهات التنظيم، وأفتت بأن ما يقوم به «داعش» من ترويع للآمنين وتدمير للممتلكات العامة والخاصة ونهبها لا يمت للإسلام بصلة.
ويشار إلى أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، طلب البغدادي من الجماعات المتطرفة التي أعلنت ولاءها له بإلغاء أسمائها، وجعلها ولايات تابعة لتنظيمه، وقد استجاب تنظيم «أنصار بيت المقدس»، وهو واحد من أقوى التنظيمات المتطرفة التي نشطت في شبة جزيرة سيناء عقب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وأعلن مبايعته لـ«داعش»، وأطلق على عناصر تنظيمه «داعش مصر».
وتدرج الولايات المتحدة تنظيم «أنصار بيت المقدس» و«داعش» على لوائح الإرهاب، وهو ما يتسق مع الموقف الرسمي للسلطات المصرية، التي تضيف إلى القائمة جماعة «الإخوان» كأحد تنظيمات الإرهاب، وترى أن الأخيرة هي المحرك الرئيس، وهمزة الوصل بين كل التنظيمات الإرهابية الناشطة في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
ولفتت الإفتاء في تقرير أعده المرصد ونشرته على موقعها الرسمي، أمس، إلى أن الخسائر السياسية التي لحقت بجماعة الإخوان في مصر عقب الثورة الشعبية في 30 يونيو (حزيران) عام 2013، والتي أطاحت بحكم الإخوان، إضافة إلى فشل تنظيم «داعش» في تحقيق مكاسب بسيناء، أدتا إلى محاولة قادة الجماعتين الاندماج في كيان واحد تحت قيادة واحدة، من أجل التصدي لقوات الجيش والشرطة المصرية، وذلك بعدما فشلت الجهود المنفردة لكلا الحركتين في النيل من الدولة المصرية وزعزعة استقرارها.
وأكد مرصد الإفتاء أن دلائله الاستقصائية تكشف مساعي «داعش» التحالف مع تنظيمات موالية للقاعدة من أجل حشد الجهود والقوات لمواجهة قوات الأمن المصرية، خاصة وأن التنظيم قد فشل فشلا ذريعا، ومُنى بهزيمة نكراء في سيناء جراء محاولته السيطرة على مساحات قليلة من الأرض لتكون نقاط تمركز وانطلاق؛ إلا أنه تمت مواجهتها بقوات متعددة من الجيش والشرطة، وباستبسال كبير من أفراد وضباط الشرطة والقوات المسلحة المكلفة بحماية سيناء وحفظ الأمن فيها، وهو ما أثبت للتنظيم عدم قدرته على هزيمة الأمن المصري بجهوده المنفردة، وأنه بحاجة ماسة لدعم تنظيمات كثيرة في المنطقة لتكون له فرصة في تحقيق أهدافه.
وتشير تقارير رسمية مصرية إلى هجرة قطاع عريض من شباب الإخوان والتيار الإسلامي الرافض لعزل مرسي، خلال حكم هذا الأخير، إلى سوريا والانضمام لـ«داعش»، وإلى أن هؤلاء الشباب شغلوا مواقع في التنظيم. كما أكد تقرير مرصد الإفتاء وجود تبادل في الأدوار بين تنظيم «داعش» وجماعة الإخوان بمصر، حيث يوجه «داعش» الدعوة للإخوان لمبايعته والانضمام إليه، بينما يقوم الإخوان بتكفير قيادات الدواعش في الداخل والخارج، بما يتفق ومنهجية علاقة «داعش» بتنظيم القاعدة المتطرف من مهاجمة كليهما لمنهجية الآخر، رغم ثبوت علاقة وثيقة تجمعهما في الأهداف والمقاصد الساعية إلى نشر الفوضى والإرهاب.
ودعا المرصد إلى الحفاظ على حالة التماسك والتضامن الداخلي في مواجهة حركات وتنظيمات التكفير، واستمرار دعم المجتمع في الحرب الشرسة ضد الفكر المتطرف والتنظيمات المتعددة.
من جهته، قال نجم إن «دعوة (داعش) في ظل سعي عدد من الحركات الإرهابية والتكفيرية في المنطقة إلى كسب تأييد حركات إرهابية على شاكلتهم، تتخذ من الإسلام ستارا لمنهجيتهم الدموية مثل جماعة الإخوان المتشددة وفق ما أقره القانون المصري». وفي السياق ذاته، قال اللواء مسلم إن «مصر تحارب الإرهاب أيا كانت الراية التي يرفعها أو اسم الجماعة الإرهابية التي تقف وراءه»، لافتا إلى أن «دعوة (داعش) لن تغير في الأمر شيئا على الأرض، لأن السلطات المصرية تعمل على اجتثاث عناصر الإرهاب من على كامل التراب».
وربط اللواء مسلم بين دعوة «داعش» لضم الإخوان، وإعلان «داعش» مسؤوليته عن تفجير مقر الأمن الوطني قبل يومين، والذي أصيب فيه نحو 29 شخصا، بينهم 6 من رجال الشرطة، وذلك بعد انفجار سيارة ملغومة خارج مبنى للأمن الوطني المصري بحي «شبرا الخيمة» شمال القاهرة، وقد أعلن تنظيم داعش «فرع مصر» مسؤوليته عن التفجير.
وأشار اللواء مسلم إلى أن «إعلان (داعش) مسؤوليته عن التفجير يؤكد وجود تنسيق بين جماعة الإخوان و(داعش) في ترتيب عمليات الإرهاب في مصر، وذلك بأن يقوم أنصار الإخوان بعمليات إرهابية فيما يعلن (داعش) مسؤوليته، ليخفف من وطأة اتهام الإخوان بالإرهاب في خارج مصر وداخلها؛ لكن يظهر في النهاية أن الأهداف النهائية لا تخدم سوى جماعة الإخوان».
من جانبه، قال الشيخ نعيم، وهو خبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن «هناك تحالفا يجمع بين الإخوان و(داعش) بفضل وجود تقارب آيديولوجي بين الاثنين ونزوعهما للعنف، وهو ما يفسر حمل الإخوان لراية (داعش) في مسيراتهم أكثر من مرة، ورفع أنصار جماعة الإخوان أكثر من مرة خلال مظاهراتهم في حي المطرية (شرق القاهرة) رايات تنظيم (داعش) السوداء، وهتافهم للتنظيم».
وسبق أن اعترف الشيخ يوسف القرضاوي، الأب الروحي للإخوان ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (المقيم في قطر)، والصادر بحقه حكم إعدام غيابيا في مصر، قابل للنقض في قضية اقتحام السجون خلال ثورة 25 يناير» عام 2011، في فيديو مصور خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، بانتماء زعيم تنظيم «داعش» البغدادي، لجماعة الإخوان.
ويؤكد خبراء مصريون أن «داعش» و«جبهة النصرة»، و«أنصار الشريعة»، و«التوحيد»، و«الجهاد»، و«أنصار بيت المقدس»، كلها جماعات وتنظيمات خرجت من تحت عباءة الإخوان، وأن قادة «داعش» يقرون بالأفكار المتطرفة وفتاوى الدماء الصادرة من مشايخ الإخوان. وفي هذا الصدد أوضح الشيخ نعيم أن «هذه الكيانات جميعها تحمل نفس الفكر ونهج العنف والإرهاب والتكفير، فلا فرق بين ما يعتنقه الإخوان و(داعش)، لأن فكرهم واحد في العنف والتخريب».
الإفتاء المصرية تكشف النقاب عن مساعي «داعش» إلى استقطاب ودمج أطر الإخوان
تقارير رسمية تؤكد التحاق قطاع عريض من شباب التيار الإسلامي بالتنظيم المتطرف
الإفتاء المصرية تكشف النقاب عن مساعي «داعش» إلى استقطاب ودمج أطر الإخوان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة