أعلن المجلس المحلي لمدينة دوما الواقعة في غوطة دمشق الشرقية، أن دوما «مدينة منكوبة». ويأتي هذا الإعلان غداة المجزرة الأخيرة التي ارتكبها النظام، الأحد الماضي، إثر قصف الطيران الحربي لسوق شعبية في وسط المدينة، أودى بحياة أكثر من 112 مدنيًا بينهم نساء وأطفال وجرح المئات، حالات بعضهم حرجة للغاية، فضلاً عن قصفها بمئات الصواريخ والبراميل المتفجرة، وحصار التجويع وقطع كل طرق الإمداد للمدينة.
ولم يجد المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد في إعلان دوما «مدينة منكوبة» سوى توصيف واقعي للوضع الإنساني الكارثي الذي تعيشه المدينة وسكانها. ولفت إلى أن الوضع في دوما مأساوي أكثر من أي وقت مضى بعد محاصرتها منذ أكثر من سنتين. وأكد أبو زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمم المتحدة اعترفت بأن دوما محاصرة، لكنها صعبة الوصول. وقال إن «أول مجزرة كيماوية ارتكبت في الغوطة الشرقية، كان لدوما النصيب الوافي منها، عدا عن أنها محرومة من أبسط مقومات الحياة وهي الماء والكهرباء والدواء، وهناك حالات مرضية مستعصية جدًا، كما أن المواد الغذائية تكاد تكون شبه مقطوعة بالكامل وبعض الناس تأكل من النفايات».
وذكّر أبو زيد أن مجلس الأمن الدولي أصدر القرارين 2139 و2165 اللذين نصا على إدخال المساعدات إلى مناطق الغوطة المحاصرة، حتى من خارج المعابر التي يسيطر عليها النظام، لكن حتى الآن لم تدخل أي مساعدات إلى الغوطة الشرقية، ومع ذلك هناك أكثر من 700 ألف مواطن سوري في المنطقة بلا ماء ولا كهرباء ومحرومون من أدى مقومات الحياة، وباتوا في حالة يرثى لها. وأكد أن التصعيد الجوي حوّل الناس في دوما وكل مناطق الغوطة إلى أشلاء، وهناك تهديد دائم بقتل المدنيين في الغارات الجوية التي ينفذها طيران النظام ليلاً، بالإضافة إلى الموت جوعًا، وعلى الرغم من كلّ هذه الأدلة يقف المجتمع الدولي صامتًا أمامها، ولا يزال يتعامل مع حكومة بشار الأسد كأمر واقع.
المستشار القانوني للجيش الحر، عبر عن أسفه لأن مجزرة دوما الأخيرة، وقعت أمام أعين المسؤول التنفيذي للعمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيف أوبراين وأثناء وجوده في سوريا، وهذا المسؤول لم يستطع الدخول إلى أي منطقة محاصرة بما فيها دوما، على الرغم من الحصانة الأممية التي يتمتع بها، ومع ذلك لا يصدقون التقارير التي نرفعها لهم.
ووثّق المجلس المحلي لمدينة دوما في بيانه، مجزرتين كبيرتين ارتكبهما النظام بحق سكان دوما، في أسبوع واحد الأولى وقعت في 12 أغسطس (آب) الحالي، حيث قام الطيران الحربي التابع للنظام السوري باستهداف المدنيين العزل في السوق الشعبية للمدينة بهجمات صاروخية أسفرت عن استشهاد 30 مدنيًا، وإصابة أكثر من 150 آخرين. والثانية في 16 الشهر الحالي، عندما قام الطيران بقصف مدينة دوما وتركز القصف على الأسواق الشعبية والتجمعات السكنية والمؤسسات المدنية العاملة في المدينة، مما أدى إلى سقوط 112 شهيدا، وجرح 550 مدنيًا 40 في المائة منهم من الأطفال، بالإضافة إلى ثماني نساء، عدا عن مفقودين لم يعلم مصيرهم حتى الآن. مشيرًا إلى أن الغارات الجوية بالطيران الحربي أدت إلى دمار السوق بشكل كامل وفقدان أكثر من 600 عائلة لمصدر رزقهم ومنازلهم.
وقال «نتيجة للكارثة الإنسانية فإن المجلس المحلي يعلن دوما مدينة منكوبة وفق كامل المعايير الدولية والإنسانية والأممية، ويطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وكل المنظمات والهيئات الإغاثية والطبية والبعثات الدبلوماسية باتخاذ الإجراءات والقرارات الكفيلة والتي نصت عليها قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، للضغط على النظام السوري لوقف الهجمات ضد المدنيين ووقف كل أشكال القصف، كما طالب بتدخل الهيئات الدولية المتمثلة باللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري وإدخال المساعدات الطبية والغذائية لإنقاذ 125 ألف عائلة محاصرة في الغوطة الشرقية، وفتح ممرات إنسانية آمنة لدخول المساعدات الغذائية والطبية وإخراج الحالات الطبية الحرجة.
أما في العاصمة السورية دمشق ومحيطها، فلم يكن الحال أفضل من دوما، إذ أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن اشتباكات عنيفة دارت (أمس) بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في حي التضامن، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، بينما قصفت قوات النظام صباحًا مناطق في حي الحجر الأسود جنوب العاصمة دمشق، ولم يُفد عن وقوع خسائر بشرية. وكانت مدينة حرستا في الغوطة الشرقية هدفًا للطيران الحربي الذي شنّ صباح أمس ست غارات على عدة مناطق داخل المدينة، وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية من جهة أخرى، في محيط إدارة المركبات ومشفى الشرطة قرب حرستا، ترافق مع قصف مكثف من قبل قوات النظام على مناطق الاشتباك.
دوما «مدينة منكوبة».. ومجلسها المحلّي يناشد وقف المجازر وفتح ممرات إنسانية آمنة
اشتباكات عنيفة داخل العاصمة دمشق والنظام يقصف حي الحجر الأسود
دوما «مدينة منكوبة».. ومجلسها المحلّي يناشد وقف المجازر وفتح ممرات إنسانية آمنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة