حماس تهاجم إيران على خلفية التقارب مع أبو مازن

أبو مرزوق: الأولويات بين واشنطن وطهران في المنطقة أصبحت واحدة.. ونرجو ألا يؤثر ذلك على القضية

حماس تهاجم إيران على خلفية التقارب مع أبو مازن
TT

حماس تهاجم إيران على خلفية التقارب مع أبو مازن

حماس تهاجم إيران على خلفية التقارب مع أبو مازن

شنت حركة حماس هجوما غير مسبوق على إيران بعد تقاربها الأخير مع السلطة الفلسطينية، مستبقة زيارة مرتقبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يحدد موعدها.
وهاجم موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة هذا التقارب، ملمحا إلى أن الدور الإيراني الجديد مبني على الموقف الأميركي، وقال في تصريحات رسمية: «الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة له انعكاسه الكبير على خارطة المنطقة، خاصة مع التحول الأميركي نحو إيران، فأميركا باتت تعتبر الجمهورية الإسلامية شريكا في حل الأزمات، وليس جزءا منها، وتجاوزت عن سياساتها السابقة باعتبار إيران راعية للإرهاب، خاصة في فلسطين بدعمها لحماس وللجهاد الإسلامي وفصائل أخرى تقاوم إسرائيل».
وأضاف أبو مرزوق قائلا: «إيران تضع في سلم أولوياتها محاربة الإرهاب خاصة في العراق وسوريا، وهي نفس الأولوية التي تتبناها أميركا، ومن هنا وبعد الاتفاق النووي ستدخل إيران لاعبا أساسيا في أزمات المنطقة.. ولكن ما يهمنا نحن في هذا التغير ألا يكون له انعكاس على الموقف من القضية الفلسطينية، وهذا ما نرجوه رغم المرحلة التي تمر بها علاقات حماس والجهاد من جهة والجمهورية الإسلامية من الجهة الأخرى، والتوتر المصطنع الذي لا داعي له رغم كل الذرائع التي سيقت لتبرير ذلك في الإعلام».
وعد أبو مرزوق محاولة السلطة التقرب من إيران أنه «إساءة للحسابات أكثر منه إيجابيا». وأردف: «إن قراءة السلطة لهذه العلاقة وللتغير الذي حدث دفع بها إلى إرسال عضو لجنتها التنفيذية المجدلاني لزيارة طهران والترتيب لزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لها، بل أكثر من ذلك، دعت السلطة باعتبار سفير إيران في عمان سفيرا غير مقيم لدى السلطة في رام الله».
وتابع: «وهي نفس الخطوات التي سلكتها السلطة في سوريا بعد توتر العلاقة مع حماس في الأزمة السورية، وبانتهازيتها أساءت أكثر مما أحسنت، فالتبدلات في المنطقة تتغير بسرعة كبيرة ولم تستقر بعد، وإن بقي ثابت وحيد لم يتغير هو الحق الفلسطيني في كل فلسطين، وعودة الشعب الفلسطيني لدياره، وبوصلة كل الشعوب نحوها».
ويتضح من حديث أبو مرزوق أن حماس مستفزة من التقارب الفلسطيني - الإيراني في حين كانت تسعى هي لمثل هذا التقارب، وذلك بعد أن فاجأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس المراقبين بداية الشهر الحالي بإرسال مبعوث شخصي له لإيران، وتوجت الزيارة بموافقة من إيران على استقبال عباس، فيما يتوقع أن يزور وفد من حركة فتح إيران في وقت قريب.
وكانت العلاقة بين إيران والسلطة متوترة إلى حد كبير على غرار العلاقة مع سوريا فيما كانت العلاقة جيدة إلى حد كبير مع حماس، قبل أن تتوتر بسبب الخلاف على دعم النظام السوري.
واضطرت حماس في 2012 لمغادرة سوريا بطلب من النظام، فيما بدأت العلاقة تتحسن مع السلطة. وانسحب هذا على العلاقة مع إيران. والأسبوع الماضي وافقت الحكومة السورية على إعادة فتح مكاتب حركة فتح في دمشق بشكل رسمي بعد 3 عقود من إغلاقها بسبب خلافات مع منظمة التحرير والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات آنذاك.
وأبلغ السوريون الفلسطينيين أن القيادي في حركة فتح سمير الرفاعي سيكون معتمدا للحركة في الجمهورية العربية السورية.
وإذا ما زار عباس إيران فستكون هذه ثاني زيارة له لإيران منذ توليه السلطة قبل 10 أعوام.
وقام عباس بزيارة إيران في عام 2012، ضمن إطار مشاركة السلطة الفلسطينية في مؤتمر دول عدم الانحياز.
يذكر أن العلاقات الفلسطينية - الإيرانية بلغت ذروتها مع قيام الثورة الإسلامية في 1979، إثر منح السلطات في طهران سفارة إسرائيل لتكون مقرا لمنظمة التحرير الفلسطينية. وبدأت العلاقات الفلسطينية - الإيرانية يصيبها الفتور مع بداية الحرب بين العراق وإيران، حيث اتجهت منظمة التحرير الفلسطينية إلى الموقف العربي المساند للعراق ضد إيران.
وازدادت العلاقات سوءا عقب توقيع منظمة التحرير اتفاقية أوسلو مع إسرائيل عام 1993. وأوضحت مصادر فلسطينية أن بداية الاتصالات لإعادة العلاقات مع إيران كانت بمبادرة من خلال سفارة فلسطين في بيروت.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».