السيسي لعلماء الأمة: انتشار أعمال العنف وارتكاب أبشع جرائم القتل.. شوَّها صورة الإسلام

مفتي لبنان لـ {الشرق الأوسط}: الفتوى بغير علم أصابت الأمة بأفكار «خبيثة» بدءًا من التكفير والتطرف ووصولاً للإلحاد

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقباله عددًا من المفتين وكبار علماء الدين الإسلامي المشاركين في مؤتمر دار الإفتاء العالمي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقباله عددًا من المفتين وكبار علماء الدين الإسلامي المشاركين في مؤتمر دار الإفتاء العالمي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

السيسي لعلماء الأمة: انتشار أعمال العنف وارتكاب أبشع جرائم القتل.. شوَّها صورة الإسلام

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقباله عددًا من المفتين وكبار علماء الدين الإسلامي المشاركين في مؤتمر دار الإفتاء العالمي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال استقباله عددًا من المفتين وكبار علماء الدين الإسلامي المشاركين في مؤتمر دار الإفتاء العالمي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس «أهمية تعظيم دور هيئات الإفتاء لتصبح المرجعية الوحيدة لإصدار الفتاوى بما يساهم في تحقيق استقرار المجتمع»، مضيفًا أن «انتشار أعمال العنف والإرهاب وارتكاب أبشع جرائم القتل شوَّها صورة الإسلام».
وشدد الرئيس، خلال استقباله عددًا من المفتين وكبار علماء الدين الإسلامي المشاركين في مؤتمر دار الإفتاء العالمي، على عظمة المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤولين ورجال الدين، ولا سيما في المرحلة الراهنة التي تشهد الكثير مما يطلقه البعض من فتاوى مغلوطة تتسبب في إساءة بالغة للدين الإسلامي.
وكان مؤتمر «الفتوى.. إشكاليات الواقع وآليات المستقبل»، الذي نظمته دار الإفتاء المصرية قد اختتم أعماله في القاهرة أمس، بمشاركة 50 عالمًا ومفتيًا من 30 دولة. وقال رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، إن «الفتوى أصبحت سلاحًا مشروعًا لدى الجماعات الإرهابية في تبرير العنف وإراقة الدماء وزعزعة استقرار المجتمعات». بينما أكد مفتي لبنان، الدكتور عبد اللطيف دريان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفتوى بغير علم أصابت الأمة بأفكار خبيثة بداية من بداية من التكفير والتطرف وصولاً إلى الإلحاد».
من جانبه، قال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن الرئيس السيسي أكد خلال لقائه علماء الدين، أن «التشويه الذي تتعرض له صورة الإسلام جراء انتشار أعمال العنف وارتكاب أبشع جرائم القتل، وتبرير ذلك باِسم الدين وهو براء من كل تلك الأفعال المحرمة».
وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس أكد أهمية تعظيم دور هيئات الإفتاء لتصبح المرجعية الوحيدة لإصدار الفتاوى، بما يساهم في تحقيق استقرار المجتمع ومواجهة الإشكاليات التي تواجه الفتاوى وأهمها تدخل غير المتخصصين لإصدار الفتاوى، بما يؤدي إلى حدوث انقسامات مجتمعية تهدد أمن وسلامة المواطنين وتؤثر سلبًا على عمليات التنمية الحالية. كما أكد الرئيس أهمية توعية المسلمين بدورهم المحوري كسفراء لدينهم يعكسون قيمه السمحة المعتدلة ليس فقط في التعامل فيما بينهم، ولكن أيضًا مع غير المسلمين.
وذكر السفير يوسف، أن «الحضور أشادوا بالقيادة السياسية الحكيمة لمصر التي عكست حرصًا حقيقيًا على مصلحة الشعب المصري وحقن دمائه وتجنيبه مصيرًا مجهولاً؛ بل إنها تسعى بدأب من أجل التعمير والبناء وإرساء قيم الحق والخير، وتحقيق التنمية الشاملة عبر عدد من المشروعات العملاقة ومن بينها مشروع قناة السويس الجديدة».
وأكد الحاضرون للرئيس، أن المؤتمر هدف إلى التصدي لفوضى الإفتاء وعدم السماح لغير المتخصصين من العلماء بإصدار الفتاوى، فضلاً عن عدم استغلال الدين من قبل بعض الجماعات أو القوى السياسية للتأثير على المواطنين.
وذكر السفير علاء يوسف، أن الرئيس أكد أهمية التحرك المبكر لدرء أخطار فكر التطرف والإرهاب عن المجتمعات الإسلامية دون انتظار لاستشراء هذا الفكر داخل تلك المجتمعات، مشددًا على أن يتم هذا التصدي بتجرد كامل لله عز وجل ولصالح الدين الحنيف.
وأكد الرئيس أن تصويب الخطاب الديني وتنقيته مما علق به من أفكار مغلوطة يعد مهمة أساسية تتكامل فيها جهود كافة علماء الدين من رجال الإفتاء والأئمة والوعاظ، من أجل التصدي للرؤى المغلوطة والمشوشة التي تدعي خلافًا للحقيقة أن الدعوة لتصويب الخطاب الديني تنطوي على مخالفة لثوابت الدين والشريعة، وهو الأمر الذي يتنافى تمامًا مع الواقع، ويتطلب دورًا فاعلاً وجهدًا مضاعفًا من علماء الإفتاء لإيضاح الحقائق للمسلمين وفقًا لمنهج الله عز وجل المنصوص عليه في القرآن الكريم والوارد بالسنة النبوية المطهرة ودون المساس بثوابت الدين والعقيدة.
من جانبهم، أشار الحضور للرئيس المصري، إلى أهمية التصدي لمشكلة انضمام المقاتلين الأجانب إلى صفوف الجماعات الإرهابية الموجودة في بعض دول المنطقة، لافتين إلى أنه يتم الاعتماد على وسائل التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لاستقطابهم، لا سيما أن عددًا منهم حديثو عهد بالإسلام، ومن ثم فإن هناك مسؤولية تقع على عاتق علماء الدين لتعريفهم بالقيم الحقيقية للإسلام والتي تتنافى تمامًا مع أعمال العنف والتخريب. وحضر الاجتماع كل من الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، والدكتور أسامة الأزهري عضو المجلس التخصصي لتنمية المجتمع التابع للرئاسة المصرية، وعدد من وزراء الأوقاف والشؤون الدينية بالدول العربية والإسلامية.
ويرى مراقبون أن «مؤتمر القاهرة محاولة من مصر للرد على إرهاب جماعة الإخوان المسلمين وفتاوى التنظيمات الإرهابية بعد أن أصبحت الفتوى سلاحًا مشرعًا في تبرير العنف وإراقة دماء الأبرياء».
وفي كلمته بختام المؤتمر، قال محلب، إن «دعم الدولة المصرية لهذا المؤتمر الذي يمثل خطوة جديدة في مسيرة الدولة المصرية نحو نشر الوجه الصحيح للإسلام، ومساعدة العقل المسلم، بل والعقل العالمي للوقوف صفًا واحدًا في مواجهة الأفكار المتطرفة الساعية إلى تهديد السلم والأمن الإنساني»، لافتًا إلى أن «العالم كله يواجه حالة غير مسبوقة من التوتر والاضطراب نتيجة ظهور حركات متطرفة تعتمد الإرهاب أداة لتنفيذ مآربها؛ فقد تعرض مواطنون آمنون إلى الاعتداءِ على كراماتهم الإنسانية، وعلى حقوقهم الوطنية، وعلى مقدساتهم الدينية، وجرت هذه الاعتداءات باسم الدين، والدين منها براء». وتابع بقوله: «لا يمكن أن يكون القتل والإرهاب نتاجًا للفهم السوي في أي دين، إنما هما مظهر من مظاهر الانحراف لدى أصحاب القلوب القاسية والنفوس المتغطرسة والفكر المشوه، ومصر في هذا الصدد اتخذت قرارها الحاسم الذي لا رجعة فيه بعدم مهادنة الأفكار المدمرة المتطرفة، وخطت خطوات واسعة في محاصرة الفكر التكفيري بفضل جهود علمائها في الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء».
في غضون ذلك، قال الدكتور دريان، مفتي لبنان، إن «قصر الفتوى على أهلها، عودة إلى التخصص، وهذه خطوة صائبة في طريق حماية المجتمعات من التطرف والغلو»، لافتًا إلى أن خروج الفتوى من غير أهلها مفسدة عظيمة وفتنة كبيرة للمجتمع العربي والإسلامي، ولذا عمل الأزهر على إعادة الأمور إلى نصابها وقصر الفتوى على أهلها».
وأضاف مفتي لبنان، في تصريحات مع «الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر أمس، أن «مشاركة علماء ومفتى العالم الإسلامي في الأبحاث التي ناقشها المؤتمر مساهمة في حل الأزمة من خلال مناقشة القضايا التي تعاني منها الأمة، والتي كانت ناتجة عن الفتوى بغير علم والتي نتج عنها أفكار أصابت المجتمع بأفكار خبيثة بداية من الأفكار التكفيرية والإرهابية والمتطرفة ومرورًا بالفكر الإلحادي».
واستطرد قائلاً: «ما عم البلاء على مجتمعنا الإسلامي؛ إلا بسبب إفتاء أصحاب التعصب والهوى من أهل البدع فأصبحوا يفتون الناس بفتاوى عارية عن الدليل الصحيح الصريح ليس لها خطام ولا زمام، وذلك انتصارًا لما عندهم من أفكار مخالفة لهدي النبي محمد، صلى الله عليه وسلم»، موضحًا أن «خطر الفتوى بغير دليل شرعي يستهدف الأمن المجتمعي والاستقرار السلمي لما في ذلك ضلال وإضلال».
في ذات السياق، خلص المشاركون في المؤتمر، إلى ضرورة مخاطبة الرأي العام في ملف الرد على الفتاوى الشاذة والتكفيرية أولاً بأول، ومراعاة المفتين لتغير الأعراف من بلد لبلد عند مباشرتهم للفتوى، ودعوة أجهزة الإعلام لمعالجة أزمة فوضى الفتوى للاقتصار على المفتين المتخصصين في برامجها الإفتائية بجانب زيادة حملاتها التوعوية بضرر تصدر غير المؤهلين للإفتاء.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.