العبادي يحيل ضباطًا كبارًا إلى القضاء بتهمة التخلي عن الرمادي

مكتبه: فتح التحقيق أيضًا مع من تركوا معدات عسكرية في أرض المعركة

عناصر أمن عراقيون يحضرون أسلحتهم خلال عملية عسكرية لاستعادة الضواحي الشرقية من الرمادي من «داعش» أول من أمس (أ.ب)
عناصر أمن عراقيون يحضرون أسلحتهم خلال عملية عسكرية لاستعادة الضواحي الشرقية من الرمادي من «داعش» أول من أمس (أ.ب)
TT

العبادي يحيل ضباطًا كبارًا إلى القضاء بتهمة التخلي عن الرمادي

عناصر أمن عراقيون يحضرون أسلحتهم خلال عملية عسكرية لاستعادة الضواحي الشرقية من الرمادي من «داعش» أول من أمس (أ.ب)
عناصر أمن عراقيون يحضرون أسلحتهم خلال عملية عسكرية لاستعادة الضواحي الشرقية من الرمادي من «داعش» أول من أمس (أ.ب)

وافقت الحكومة العراقية، على تقديم بعض قادة عمليات الأنبار إلى القضاء العسكري، بتهمة تخليهم عن مواقعهم في الرمادي في مايو (أيار) الماضي ما سهل سيطرة تنظيم داعش على المدينة، إضافة إلى تشكيل مجلس تحقيق بخصوص من ترك معداته وأسلحته وعتاده في أرض المعركة.
وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، فإن الأخير «صادق على قرارات المجلس التحقيقي حول انسحاب قيادة عمليات الأنبار والقطعات الملحقة بها من مدينة الرمادي، وتركهم مواقعهم من دون أوامر في مايو الماضي». وأشار البيان إلى أن «التقرير لم يحتوِ فقط على إحالة بعض القادة إلى القضاء العسكري، بل واحتوى على أوامر لتشكيل مجلس تحقيق بخصوص من ترك معداته وأسلحته وعتاده بأرض المعركة، ووجهت هذه الأوامر لوزارتي الدفاع والداخلية في المنطقة».
وحول موافقة الحكومة العراقية على تقديم بعض قادة عمليات الأنبار للقضاء العسكري، أوضح الخبير في الشؤون العسكرية اللواء الركن عبد الكريم خلف، أن عقوبة التخلي عن المواقع العسكرية بغير تعليمات مسبقة وفق القوانين العسكرية هي الإعدام. وقال خلف لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع الضباط في الجيش العراقي يتلقون الأوامر من سلسلة القيادات العسكرية، وما حدث في مدينة الرمادي هو مسؤولية شخص قائد عمليات الأنبار في ذلك الوقت فلا يمكن لأي وحدة عسكرية أن تنسحب ما لم تكن قد تلقت أوامر مسبقة بذلك من القيادات المسؤولة عن أي وحدة عسكرية ضمن قاطع العمليات». وأضاف خلف: «إن جريمة انسحاب الوحدات العسكرية وتركها لأسلحتها ومعداتها العسكرية في مواقع كثيرة في مدينة الرمادي من دون تلقيها أمرا بالانسحاب تعد من جرائم التخاذل وخيانة الوطن ويعاقب القانون على مرتكبها بالإعدام، وهذا الأمر تتحمله القيادات العسكرية ابتداء من آمر السرية وانتهاء بقائد العمليات مرورا بجميع القادة والضباط الكبار في حال عدم تلقيهم أوامر بالانسحاب».
وأشار خلف إلى أن «القيادة العامة للقوات المسلحة ستقوم حتمًا بإعطاء الأوامر لتشكيل لجان تحقيقية لهذا الأمر تتكون كل لجنة عادة من ثلاثة ضباط مختصين في التحقيق القضائي وبعد التحقيق سينال المتهم الذي يثبت تقصيره العقوبة حسب القوانين العسكرية».
من جانبه، قال عضو مجلس محافظة الأنبار الناطق الرسمي باسمه، عيد عمّاش، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن قرار تشكيل لجان تحقيقية وإحالة عدد من القيادات العسكرية في عمليات الأنبار للمحاكمة أثلج صدورنا خصوصًا بعدما استهتر البعض بأرواح الناس الذين يفترض أن يكون مؤتمنا عليهم حيث انسحبت معظم قوات الجيش من مدينة الرمادي قبل دخول مسلحي (داعش) إليها وبدا الأمر كعملية تسليم».
وأضاف عمّاش «إن من بين القوات المنسحبة من دون أي مبرر، كانت قوات الفرقة الذهبية التي اتخذت قرار الانسحاب الفوري من منطقة حي الملعب وسط مدينة الرمادي قبل يومين من دخول تنظيم داعش وسيطرته على المدينة، إذ شوهدت أكثر من 150 عجلة تابعة للفرقة الذهبية تتجه صوب قاعدة الحبانية تاركة قوات الشرطة المحلية تتصدى وحدها لمسلحي التنظيم مما تسبب في سقوط أكثر من 500 شهيد من منتسبي الشرطة وسقوط عدد كبير من المدنيين الأبرياء على أيدي مجرمي داعش». وأضاف عمّاش: «لا بد من التحقيق مع هؤلاء المتسببين في الكارثة وإنزال أقسى العقوبات بهم لكي يكونوا عبرة لغيرهم، فمن أمن العقاب أساء الأدب، ولا يجب أن تحتوي المنظومة العسكرية على مثل هذه الشاكلة التي استهترت بكرامة العراق أرضًا وشعبا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.