قمة لدول جوار جنوب السودان في أديس أبابا بمشاركة البشير لإنقاذ عملية السلام

الوساطة ترفض طلب طرفي النزاع تمديد المحادثات وإرجاء التوقيع المحدد الاثنين

الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره رئيس جنوب السودان سلفا كير أثناء حضورهما مؤتمرا صحافيا في مطار الخرطوم في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره رئيس جنوب السودان سلفا كير أثناء حضورهما مؤتمرا صحافيا في مطار الخرطوم في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

قمة لدول جوار جنوب السودان في أديس أبابا بمشاركة البشير لإنقاذ عملية السلام

الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره رئيس جنوب السودان سلفا كير أثناء حضورهما مؤتمرا صحافيا في مطار الخرطوم في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره رئيس جنوب السودان سلفا كير أثناء حضورهما مؤتمرا صحافيا في مطار الخرطوم في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

بدأت قمة رباعية مصغرة لدول جوار جنوب السودان ضمت الرئيس السوداني عمر البشير الذي وصل أديس أبابا أمس لإنقاذ عملية السلام الحالية بين طرفي النزاع في هذا البلد الذي استقل حديثًا.
وتشارك دول: السودان، أوغندا وكينيا، إلى جانب جنوب السودان، برعاية الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (إيقاد). ويشارك نائب رئيس جنوب السودان جيمس واني إيقا في القمة بعد أن رفض سلفا كير الحضور إليها، في وقت أكدت جوبا أن وفدها لم ينسحب وأن كير استدعى رئيس الوفد نيال دينق نيال للتشاور معه.
في غضون ذلك رفض فريق الوساطة التابع للهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (الإيقاد) تمديد المحادثات بين طرفي النزاع في جنوب السودان عن المهلة المحددة لها في 17 من الشهر الحالي للتوقيع على وثيقة اتفاق السلام التي أعدتها الوساطة مع الشركاء الدوليين والإقليميين، وشددت الوساطة على أن الموعد التي حددته يعتبر نهائيًا ولا رجعة فيه، بينما يطالب طرفا النزاع بإعطاء مزيد من الوقت للتفاوض، في وقت أكدت جوبا أن نائب رئيس البلاد جيمش واني إيقا سيشارك في قمة الإيقاد التي يتوقع أن تبدأ غدًا (الأحد)، وأكدت أن وفدها لديه التفويض الكامل لمناقشة كل القضايا، وقد أربكت التعديلات التي اقترحها الرئيس الأوغندي يوري موسيفني خلال القمة التي عقدها في بلاده الأسبوع الماضي عملية التفاوض.
وقال وزير الخارجية في جنوب السودان برنابا مريال بنجامين لـ«الشرق الأوسط» إن «نائب رئيس البلاد جيمس واني ايقا سيشارك في القمة، التي يتوقع أن تنعقد الأحد»، مؤكدًا أن وفد حكومته ما زال موجودًا في أديس أبابا ويواصل المحادثات مع المتمردين، وقال «لم ننسحب من المحادثات وكل ما في الأمر أن الرئيس سلفا كير استدعى رئيس الوفد نيال دينق نيال للتشاور حول آخر تطورات عملية السلام والمفاوضات الحالية لكن وفدنا موجود الآن في أديس أبابا وما زال يواصل الحوار»، وأوضح أن قمة الرؤساء التي انعقدت في عنتيبي نهاية الأسبوع الماضي أكدت أنها ستعمل على إدراج تعديلات كثيرة وإجراء تغييرات في مسودة الاتفاق الذي دفعت به وساطة الإيقاد للطرفين، مضيفًا أن «الرئيس سلفا كير ميارديت لن يدخل في مفاوضات جديدة مع زعيم المتمردين رياك مشار وأن الوفد الحكومي لديه التفويض الكامل»، مشددًا على أن حكومته جادة في عملية السلام وإنهاء النزاع، وتابع «لن يذهب الرئيس سلفا كير للحوار مرة أخرى مع مشار وإذا توصل وفدا التفاوض إلى اتفاق وقتها يمكن أن يذهب الرئيس للتوقيع فقط».
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس الأوغندي يوري موسيفني قد انتقد مسودة الاتفاق التي قدمتها الوساطة خلال القمة التي عقدها في عنتيبي الأسبوع الماضي التي ضمت إلى جانبه الرئيس الكيني أوهورو كنياتا ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين إضافة إلى وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور الذي أناب عن رئيس بلاده عمر البشير، وقالت المصادر إن موسيفني وصف أمام القمة أن المسودة مقدمة من (الرجل الأبيض) وليس مقترحًا أفريقيًا، في إشارة إلى الشركاء الدوليين من دول الترويكا (الولايات المتحدة، بريطانيا والنرويج) إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وأوضحت المصادر أن رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت هو من طلب من موسيفني إدخال تعديلات على مسودة الإيقاد التي يفترض أن يتم التوقيع عليها الاثنين المقبل.
وقالت المصادر إن جوبا طلبت تمديد المحادثات لإعطاء طرفي النزاع فرصة إضافية لإجراء مفاوضات مباشرة حول التعديلات الجديدة، وقد أدخل الوسطاء التعديلات التي اقترحتها قمة عنتيبي مما أربك عملية التفاوض برمتها – بحسب ما تقول مصادر المعارضة – خاصة في تقاسم السلطة في ثلاث ولايات وهي (أعالي النيل، الوحدة وجونقلي) وقد أعطت مسودة الاتفاق (53) في المائة للمعارضة، وتحتضن هذه الولايات حقول النفط أكبر مصادر الدخل في هذه الدولة، وتم إجراء تعديلات أخرى تتعلق بالترتيبات الأمنية وتراجعت الإيقاد عن مقترحها السابق بأن تصبح جوبا منزوعة السلاح من طرفي النزاع.
من جهته شدد رئيس فريق وسطاء الإيقاد السفير الإثيوبي سيوم مسفن على أن 17 من الشهر الحالي هو الموعد النهائي لطرفي النزاع في جنوب السودان ليوقعا على مسودة اتفاق السلام، وقال للصحافيين «لن يكون هناك أي تمديد جديد وتم إبلاغ رئيسي الوفدين لن يتركوا مقر المحادثات 17 من أغسطس (آب) دون توقيع اتفاق السلام النهائي وسيحضر رؤساء دول الإيقاد هنا في أديس أبابا ليكونوا شهودًا على توقيع اتفاق السلام النهائي لجنوب السودان»، داعيًا قيادة الطرفين إلى التحلي بالشجاعة والإرادة السياسية اللازمة لإنهاء الأزمة، وأوضح أن المجتمع الدولي قد نفد صبره مع حكومة الرئيس سلفا كير ميارديت وزعيم المعارضة المسلحة نائب الرئيس السابق رياك مشار، وتابع «لن يتم منح الطرفين وقتا إضافيا للتفاوض على مسودة الاتفاق التي أمامهما»، وأضاف «هذا يكفي من الإحباط الذي يسود وسط شعب جنوب السودان وأنحاء العالم الذي شاهد المأساة.. لا توجد فرصة أخرى».
من جهتها اتهمت المعارضة المسلحة التي يقودها نائب الرئيس السابق رياك مشار وساطة الإيقاد بالتحيز إلى الطرف الحكومي وأنها زادت من الربكة التي تسود عملية السلام، وطالبت بإلغاء الموعد المحدد بالتوقيع على الاتفاق، الاثنين، المقبل وإعطاء الأطراف مزيدا من الفرصة لمواصلة التفاوض، وقال متحدث باسمها، إن «الوقت المتبقي بحسب مهلة الوساطة لن يتم فيه التوصل إلى اتفاق سلام»، معتبرًا أن الإيقاد غير جادة في عملية الوساطة وإنجاح عملية السلام برمتها لأنها أدخلت تغييرات كثيرة على المسودة النهائية قدمها الرئيس الأوغندي يوري موسيفني في قمة «عنتيبي» الأسبوع الماضي والتي ضمت إلى جانبه الرئيس الكيني أوهورو كنياتا ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين ووزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.