كشف رصد صحيفة «الشرق الأوسط» للمؤشر العقاري في وزارة العدل عن انخفاض قيمة صفقات القطاع العقاري السعودي بنسبة 6 في المائة في الربع الثالث من العام الهجري، حيث بلغت قيمتها 104 مليارات ريال (27.7 مليار دولار)، مقابل الفترة ذاتها من العام الماضي، التي تجاوزت فيها المبالغ المصروفة على الصفقات أكثر من 111 مليار ريال، إلا أن الفارق بين العامين هو انخفاض قيمة القطاع السكني للعام الحالي لأكثر من 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار)، في الوقت الذي زادت قيمة صفقات القطاع التجاري أكثر من ملياري ريال.
وأوضح عدد من العقاريين أن فرق الحركة بين العامين هو أنها لا تزال تواصل انحدارها كلما قارنتها بالفترة ذاتها مع العام الذي يسبقها، إلا أن الجديد هنا هو فرق الحركة بين القطاعين السكني والتجاري، كما أكدوا أن ما يميز الحركة هذا العام عن سابقتها هو انخفاض الأسعار ولو بنسب طفيفة، إلا أنها تسمى في نهاية المطاف انخفاض، بعكس الحركة التي ظلت منحدرة منذ سنوات ولم يطرأ عليها أي تغير في الأسعار.
وقال ياسر المريشد، المدير التنفيذي لشركة المريشد العقارية القابضة، إن «القطاع العقاري منذ ما يقارب العقد، وهو يسير باتجاه منخفض من قيمة الصفقات والمبيعات بالتوازي مع الارتفاعات المتكررة لأسعار العقار، إلا أن أهم ما يميز المقارنة بين الربع الثالث من العام الحالي مع الربع المماثل من العام الماضي هو الانخفاض في الأسعار في مختلف القطاعات، وإن كانت بنسب غير متكافئة من النزول الحاصل في الإقبال، إلا أن تسجيلها الجديد من الانخفاضات يبث الاطمئنان بأن السوق في تراجع صحيح بدليل الانخفاض الحاصل في القيمة ونتيجة عدم استطاعة معظم المستثمرين مقاومة بقاء الأسعار مرتفعة رغم انخفاض الطلب بكميات متتالية.
وأضاف أن انتعاش السوق مربوط بمزيد من الانخفاض مما سيمكن الجميع من التملك، ويعكس ازدهارًا في الحركة العقارية، سيستفيد منه الجميع بلا استثناء، وهذا هو السيناريو الوحيد لتصحيح حال السوق، وأن الأمور الأخرى التي يتحدث عنها معظم العقاريين؛ من ضرورة التوسع في القروض العقارية والدعم الحكومي المفترض لهم، ما هو إلا رماد يذرونه في أعين المشترين لاستبعاد فكرة انخفاض الأسعار، وهو أمر غير صحيح.
ولفت المريشد إلى أن حركة الانتعاش مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بعودتها إلى حالها الطبيعي أو حتى انخفاضها بقيم معقولة تمكن لشريحة الأكبر من المواطنين تملك السكن وهو ما لا توفره الأسعار الحالية للعقار.
يشار إلى أن حركة الأراضي تجاوزت الـ90 في المائة من مجمل الحركة العقارية كاملة بقيمة تجاوزت الـ94 مليار ريال، في مقابل تحركات تليها لقطاع الشقق وصل إلى 2.7 مليار ثم حركة نسبية نوعًا ما لحركة الأراضي الزراعية بـ2.3 مليار وهو نشاط يعتبر حديث التصدر في المراكز الثلاثة الأولى من الحركة العقارية، تليها بدرجات متقاربة بقيم لا تتجاوز المليار ريال لكل واحد منها الكثير من القطاعات مثل المحلات والعمائر والفلل والبيوت والمراكز التجارية، حيث إنها لم تكن مؤثرة في الضغط على المؤشر العقاري، حيث إن حركتها لم تتجاوز الـ6 في المائة كحد أقصى من المعدل العام.
من جهته، أفاد علي العبد السلام، المستشار التمويلي بشركة عقارية، بأن أخبار انخفاضات الطلب تكاد تسيطر على حديث المجالس، مشيرًا إلى أن هناك تراجعًا متواصلاً ونزيفًا في الطلب يسجل مستويات جديدة بشكل دوري.
ولفت إلى أن العاملين في القطاع العقاري يتعايشون بشكل فعلي مع ندرة الطلب؛ لذا تجد أن جميع الشركات تعمل وبشكل جدي على تسويق ما لديها، في إشارة واضحة إلى قرب سقوط الأسعار نحو مزيد من الانخفاضات، في ظل بقاء الوحدات السكنية والأفرع العقارية على حالها معروضة للبيع منذ فترات طويلة قد تمتد إلى سنوات في بعض الأحيان.
وحول رؤيته لمستقبل العقار، أوضح أنه من الملاحظ من البيانات التي أظهرتها المؤشرات أن حركة الأراضي تعتبر هي المحرك الأساسي للسوق، نظرًا إلى الاعتماد الكبير عليها؛ لذا عندما تجري السيطرة على أسعار الأراضي عبر سرعة تطبيق الرسوم، فإن السوق سينحدر لا محالة، موضحًا أن السوق لا يعاني بتاتًا من نقص الأراضي كما هو مشاع بقدر ما هو ارتفاع في أسعارها؛ لذا يعتقد أن السيطرة على أسعار الأراضي يعني إحكام القبضة على قيمة القطاع العقاري بشكل كامل، وهو ما يتضح من الانخفاض الحاصل في الأسعار بمجرد إعلان تطبيق فرض الرسوم فما بالك بتطبيقها.
إلى ذلك، أكد سليمان الناصر، الذي يمتلك شركة عقارية، أن المؤشرات تشير إلى أن الانخفاض الحاصل هو في قطاع السكن أو التملك بأكثر من 10 مليارات ريال خلال سنة واحدة في نفس الربع «الثالث»، وهو مبلغ كبير ومؤثر، إلا أن ما أنقذ الموقف هو زيادة قيمة العمليات التجارية لتصل إلى 39 مليون ريال، وهو الأمر الذي كان له ثقله في المؤشر العقاري وإلا خسارة المؤشر لهذا المبلغ في أقل من سنة يدل على أن هناك عزوفًا كبيرًا استطاع المؤشر أن يكشف الغشاوة على من يسوق بأن العقار لا يزال يبذل بذلاً حسنًا في حركته، وهو ما ينفيه بشكل قاطع المؤشرات العقارية التي وضحت بالأرقام حجم الانخفاض، وأن الأمر لا يقاس على الحركة التجارية لأن المستثمر لا يهتم بالقيمة، لأن ما سيدفعه سيسترده عن طريق قيمة الإيجارات.
واستطرد الناصر بالقول: «إن الكثير من شركات التطوير العقاري توقفت بشكل ملحوظ عن إنشاء المجمعات السكنية التجارية، نتيجة تخبط حالة السوق وضبابية الرؤية المستقبلية لها ونتيجة انخفاض الطلب إلى مستويات كبيرة، مما يعني أن القطاع العقاري لم يعد جاذبًا للاستثمار رغم تزعمه لشتى القطاعات الاقتصادية الأخرى في فترات ماضية، وأن تأثير هذا الركود على الأداء العام للسوق انعكس على عمليات البناء فهي شبه متوقفة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وأسعار المقاولين».
وزاد الناصر أن هناك ارتفاعًا في تكاليف مواد البناء، التي أصبحت تشكل ضغطًا إضافيًا على أداء القطاع الذي لم يعد يحتمل مزيدًا من الضغوطات، خصوصًا أن السوق تترنح بشكل يعجز عن تفسير ما يحدث فيها، موضحًا أن التجار يتوجسون خيفة من حال السوق في الأعوام المقبلة، خصوصًا إذا تمت مشروعات وزارة الإسكان التي وعدت بها في إيجاد بديل برعاية حكومية بأسعار معقولة، وهو ما سيدفع بالسوق التجاري إلى منحنيات أشد خطورة.
تراجع قيمة الصفقات 6 % مع استمرار تراجع حركة العقار في السعودية
القطاع السكني يفقد 2.6 مليار دولار والقطاع التجاري يشهد ارتفاعًا طفيفًا
تراجع قيمة الصفقات 6 % مع استمرار تراجع حركة العقار في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة