بدا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الأسبوع، متفرغًا لبحث كل ملابسات الأزمة السورية من خلال لقاءاته مع أهم اللاعبين الخارجيين والداخليين من الأطراف المعنية بهذه الأزمة. فبعد أن استهل برنامج لقاءاته هذا الأسبوع بمباحثات بالغة الإثارة والأهمية مع نظيره السعودي عادل الجبير الذي فاجأ الداخل والخارج بعدد من التصريحات التي أكد فيها أن «الأسد انتهى ولا مكان له في سوريا»، عاد لافروف واستقبل أمس وفد لجنة المتابعة لمؤتمر القاهرة - 2، بعد لقائه السابق مع وفد الائتلاف الوطني السوري برئاسة خالد خوجة.
وجاء لقاء لافروف أمس مع وفد لجنة المتابعة لمؤتمر القاهرة - 2 في أعقاب إعلان وزارة الخارجية الروسية عن مكالمة هاتفية جرت بين لافروف ونظيره الأميركي جون كيري أكدا فيها «ضرورة العمل من أجل استئناف المفاوضات بين كل أطراف الأزمة السورية تحت رعاية الأمم المتحدة، من أجل التمهيد لتنفيذ وثيقة جنيف - 1».
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، بحث مع رمزي عز الدين، نائب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، في موسكو «تنفيذ مبادرة دي ميستورا التي تنص على تشكيل أربع مجموعات عمل خاصة بالتنسيق بين مواقف دمشق والمعارضة السورية بشأن المسائل المتعلقة بضمان السلام المدني في سوريا، بالإضافة إلى إنشاء مجموعة اتصال بمشاركة الجهات الإقليمية والدولية المعنية، وذلك بهدف عقد مؤتمر (جنيف – 3)».
إلى ذلك، جدّد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد خوجة، أمس، رفض المعارضة السورية مشاركة النظام السوري في الحرب ضد الإرهاب، وذلك ردًا على مبادرة طرحتها موسكو بتشكيل تحالف واسع يضم القوات السورية والعراقية والجماعات الكردية المسلحة وجماعات المعارضة السورية المعتدلة للتصدي لتنظيم داعش.
وأكد خوجة خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة الروسية موسكو عقب المباحثات التي أجراها ووفد «الائتلاف» مع لافروف وبوغدانوف، أن «تنفيذ هيئة الحكم الانتقالية التي نص عليها بيان جنيف يجب أن لا تشمل المجرم بشار الأسد وزمرته الحاكمة خلال المرحلة الانتقالية ومستقبل سوريا». وأردف: «وجدنا تفهمًا من الجانب الروسي لرؤية الائتلاف فيما يتعلق بالحل السياسي، وأوضحنا أن عملية الانتقال السياسي في سوريا يجب أن تكون ضمن إطار مبادئ بيان جنيف».
كذلك شدد خوجة على «أهمية الخروج من الوضع الراهن في سوريا والفوضى، نتيجة الحرب التي يشنها نظام الأسد ضد الشعب السوري وضرورة العودة إلى وضع يضمن الاستقرار في المنطقة». وعلى أن «الحل السياسي يجب أن يحافظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا ويحمي مؤسسات الدولة، التي هي ملك الشعب السوري، من الانهيار».
وبيّن خوجة أثناء مؤتمره الصحافي أن «الائتلاف» الذي يرأسه «اتفق مع القيادة الروسية على الاستمرار في المشاورات واللقاءات لإيجاد حل عادل في سوريا يحافظ على استمرار العلاقات، وبالتالي ستكون اللقاءات مستمرة مع القيادة الروسية في المرحلة المقبلة».
وفيما يخص محاربة الإرهاب، أوضح خوجة أن «نظام الأسد انسحب أمام تنظيم داعش، وسلمه الكثير من المناطق الاستراتيجية، واستورد ميليشيات طائفية لقتل الشعب السوري، ونفذ هجمات على الأسواق الشعبية والتجمعات السكانية بكل الأسلحة المتاحة له، مما يزيل أي لبس حول أن نظام الأسد هو مصدر الإرهاب والفوضى في المنطقة، وبالتالي لا يمكن أن يكون شريكًا في محاربة الإرهاب».
أما عضو الهيئة الرئاسية في الائتلاف عبد الأحد أسطيفو، فوصف لقاءات موسكو بأنها «مرنة جدًا»، خصوصًا أن الجانب الروسي «بدا متفهّمًا لوجهة نظر المعارضة أكثر من أي وقت مضى». وذكر أسطيفو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المحادثات مع لافروف وقبله مع بوغدانوف، تركزت على ثلاثة أمور أساسية: الأول مسألة الحل السياسي ومحاربة الإرهاب، والثاني بيان جنيف والقرارات الدولية وتقرير (مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان) دي ميستورا، والثالث العملية الانتقالية للحكم في سوريا». وأردف أسطيفو: «استمعنا إلى وجهة المسؤولين الروس من العملية الانتقالية، كما عبّرنا عن رؤيتنا لسوريا الجديدة وضرورة ألا يكون للأسد أو أي ممّن تلطخت أيديهم بالدماء دور في هيئة الحكم الانتقالية ولا في مستقبل سوريا، وكانت نسبة التوافق على معظم القضايا كبيرة جدًا، ويبدو أننا بحاجة إلى لقاءات متعدّدة على مستوى خبراء».
وعن الأسباب التي جعلت الموقف الروسي أكثر مرونة، رأى أسطيفو أن «تداعيات الاتفاق النووي بدأت بالظهور، فالتحرك الدبلوماسي الروسي ومعه المبادرة الإيرانية المعدّلة وتقرير دي ميستورا، كلها تدلّ على أن المسار السياسي للقضية السورية بدأ بالتحرك وعاد إلى الأولوية، لكن ذلك لا يعني أن الطبخة أصبحت جاهزة، واللافت أن المبادرات بدأت تأتي من حلفاء النظام». وأضاف: «بعد مشاركتي في أغلب اللقاءات مع المسؤولين الروس، فإننا للمرة الأولى نلمس تبدّلاً في المفردات التي استخدمها لافروف وبوغدانوف، لا سيما في البند المتعلّق بمصير بشار الأسد، ومن الواضح أن روسيا بدأت تقتنع بأن 23 مليون سوري لا يمكن اختصارهم بشخص الأسد».
وعمّا يُحكى عن تردد المجتمع الدولي في القبول بإسقاط الأسد حاليًا في غياب البديل، أوضح أسطيفو أن «بيان جنيف واضح، وهو ينص على هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات واسعة، وفور تشكيل هذه الهيئة يبدأ حل المشكلات العالقة وننطلق في (خارطة طريق) نتوصل من بعدها إلى انتخابات حرّة وبناء سوريا الجديدة، ومن المؤكد أن الشعب السوري قادر على حل مشكلاته بنفسه بعد التخلص من الديكتاتور».
هذا، وتأتي لقاءات لافروف وبوغدانوف مع المعارضة السورية ممثلة بـ«الائتلاف الوطني» و«هيئة التنسيق الوطنية» وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، استكمالاً للمباحثات التي كان قد أجراها وزير الخارجية الروسي الثلاثاء الماضي مع نظيره السعودي عادل الجبير في موسكو، حيث اتفق الجانبان على إيجاد حل للنزاع في سوريا على أساس «إعلان جنيف» لكنهما اختلفا على مصير الأسد.
وعلى صعيد آخر، من المقرّر أن يجري لافروف مباحثات الاثنين المقبل مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف المتوقع وصوله إلى موسكو في ختام جولة شملت العراق وسوريا ولبنان.
كيري ولافروف يبحثان حل الأزمة السورية وتنفيذ وثيقة «جنيف ـ 1»
خوجة يرفض مشاركة الأسد و«زمرته» في هيئة الحكم الانتقالية
كيري ولافروف يبحثان حل الأزمة السورية وتنفيذ وثيقة «جنيف ـ 1»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة