مسؤول صيني يدافع عن رجال الإطفاء بعد تفجيرات تيانجين

مسؤول صيني يدافع عن رجال الإطفاء بعد تفجيرات تيانجين
TT

مسؤول صيني يدافع عن رجال الإطفاء بعد تفجيرات تيانجين

مسؤول صيني يدافع عن رجال الإطفاء بعد تفجيرات تيانجين

دافع مسؤول صيني كبير عن فريق الإطفاء الذي سكب ماء على النيران المستعرة في مخزن بشمال شرقي الصين، كان يحوي مواد سريعة الاشتعال، في تصرف قال خبراء أجانب إنّه ربما ساهم في حدوث انفجارين كبيرين أسفرا عن مقتل 54 شخصًا.
وقالت وسائل الإعلام الرسمية إنّ أكثر من 12 من رجال الإطفاء لقوا حتفهم جراء الانفجارين اللذين وقعا في ميناء تيانجين المزدحم ليل الأربعاء. وأصيب نحو 700 شخص منهم 71 في حالة خطيرة.
ولا تزال أعمدة الدخان تتصاعد اليوم (الجمعة)، وسط حاويات الشحن المدمرة وآلاف السيارات المحترقة ومباني الميناء المتضررة. وقال مسؤول بالمدينة للصحافيين إنّ عمال الإنقاذ أخرجوا شخصًا على قيد الحياة من تحت الأنقاض. وقال التلفزيون الرسمي فيما بعد إنّه من فريق الإطفاء.
وذكرت الشرطة أن المخزن - وهو مصمم لتخزين مواد كيماوية خطرة وسامة - كان يحوي في الأساس نترات أمونيوم ونترات بوتاسيوم وكربيد كالسيوم وقت وقوع الانفجارين. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إنّ النيران أمسكت بعدد من الحاويات بالمخزن قبل حدوث الانفجارين.
وقال خبراء في الأمن الكيماوي إنّ كربيد الكالسيوم يتفاعل مع الماء ويكون غاز الأسيتيلين شديد الانفجار. وأشاروا إلى أن من الممكن أن يكون الانفجار نجم عن رش رجال الإطفاء الماء على كربيد الكالسيوم.
وقال لي جيندي نائب رئيس إدارة الإعلام في هيئة الإطفاء التابعة لوزارة الأمن العام في تصريحات لموقع «ذا بيبر سي إن» الإخباري إنّ المجموعة الأولى من رجال الإطفاء استخدمت الماء. وأضاف: «كنا نعرف بوجود كربيد الكالسيوم بالداخل، لكننا لم نكن نعرف أنه كان انفجر بالفعل».
وتابع قائلا: «لم يكن أحد يعلم شيئًا في تلك المرحلة وليست المسألة أن رجال الإطفاء تصرفوا بحماقة»، مضيفًا أنّ المخزن كبير وأنّهم لم يكونوا يعرفون موقع كربيد الكالسيوم على وجه التحديد.
من جهته، قال ديفيد ليجيت خبير الأمن الكيماوي في كاليفورنيا لوكالة رويترز للأنباء، إنّ انفجار الأسيتيلين ربما فجّر نترات الأمونيوم. وكان الفاصل بين الانفجارين نحو 30 ثانية وكان الانفجار الثاني أكبر كثيرا من الأول.
وميناء تيانجين هو عاشر أكبر ميناء في العالم، وكان الانفجاران كبيرين لدرجة أن أقمارًا صناعية في الفضاء رصدتهما، وأنهما سُجّلا على أجهزة الاستشعار الخاصة بالزلازل.
كما أفادت وكالة شينخوا أنّ فريقا من مركز الزلازل الإقليمي في بكين التابع لهيئة رصد الزلازل، توجه إلى تيانجين وكذلك 214 خبيرًا بالمواد النووية والكيماوية الحيوية بالجيش الصيني.
وانتقل آلاف من السكان إلى 10 مدارس قريبة بعد أن لحقت أضرار بمبان سكنية كان معظمها بسبب الموجات الاهتزازية الناجمة عن الانفجارين.
في الوقت نفسه تحاول شركات أجنبية من أنحاء مختلفة من العالم تحديد حجم الأضرار التي لحقت بمنشآتها داخل وحول الميناء الذي يعد مدخلاً إلى شمال شرقي الصين.
من ناحية أخرى، أعلنت الحكومة الصينية اليوم أنّها ستبدأ حملة تفتيش عن الكيماويات والمواد المتفجرة الخطيرة على مستوى البلاد، وأنّ عليها أن تتعلم الدرس «القاسي» مما حدث.
وذكرت الحكومة الصينية في بيان نشر على موقعها الإلكتروني أنّها ستتخذ إجراءات صارمة مع الأنشطة غير القانونية بهدف تعزيز الأمن الصناعي.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»