أعلنت قيادة قوات البيشمركة في محور مخمور والكوير أمس أن قواتها تعرضت لهجوم كيماوي من قبل مسلحي «داعش»، مؤكدة أن فريقين من الخبراء الأميركيين والفرنسيين يواصلان البحث في المنطقة لمعرفة نوعية المواد الكيماوية التي استخدمها التنظيم خلال قصف بقذائف الهاون لمواقع البيشمركة في منطقتي تل الريم وسلطان عبد الله (جنوب غربي أربيل) الذي أسفر عن إصابة عدد من البيشمركة بحالات ضيق التنفس واحمرار الجلد والتقيؤ والإسهال الشديدين.
«الشرق الأوسط» زارت مخمور لمعرفة آخر تطورات الوضع الميداني في المحور الذي يشهد وللمرة الثانية قصفا بالأسلحة الكيماوية من قبل مسلحي «داعش» الذين تفصلهم عن مواقع البيشمركة بضعة كيلومترات. وقال نائب قائد محور مخمور والكوير، آراس حسو ميرخان، لـ«الشرق الأوسط»: «قصف تنظيم داعش قبل يومين مواقع قوات البيشمركة في منطقة سلطان عبد الله وتل الريم بنحو خمسين قذيفة هاون، القصف لم يسفر عن أي خسائر بشرية، لكن بعد انتهاء القصف تنفسنا رائحة كريهة في المنطقة وظهرت حالات غير طبيعية في صفوف قواتنا تمثلت بإصابتهم باحمرار في الجلد والعينين وضيق في التنفس وتقيؤ وإسهال شديدين، الأمر الذي دل على أن هذه القذائف كانت تحمل رؤوسا كيماوية، لكننا لا نعلم بالضبط المادة المستخدمة فيها، وتم نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم»، مشيرا بالقول: «يواصل فريقان من الخبراء الأميركيين والفرنسيين حاليا البحث والدراسة في المنطقة لمعرفة نوعية المواد السامة التي استخدمها (داعش) في هجومه على قوات البيشمركة»، ملمحا إلى أن الهجوم الكيماوي على محور مخمور والكوير يعد الثاني من نوعه الذي يشنه «داعش» على المحور المذكور.
وشن تنظيم داعش هجمات عدة بالأسلحة الكيماوية على مواقع البيشمركة في محاور غرب الموصل خلال الأشهر الماضية، وقد أعلن مجلس أمن الإقليم في مارس (آذار) الماضي في بيان له أن قوات البيشمركة جمعت عينات من التربة والملابس بعد هجوم بسيارة مفخخة نفذه التنظيم على مواقعها في تقاطع الموصل - سوريا - الكسك في يناير (كانون الثاني) الماضي، وتم تحليلها في مختبر معتمد من قبل إحدى دول التحالف، واتضح أن العينات تحتوي على مادة الكلور التي استخدمها التنظيم في صناعة أسلحته.
وعن آخر تطورات الوضع الميداني في محور مخمور والكوير، خاصة بعد مرور الذكرى السنوية الأولى لتحريرها من تنظيم داعش، قال ميرخان: «الآن تغيرت معادلات الحرب، قوات البيشمركة أصبحت ذات معرفة جيدة بكيفية محاربة (داعش)، وهناك تنسيق كبير وواسع بين طيران التحالف الدولي وقواتنا، وفي الوقت ذاته الأسلحة المضادة للدروع التي حصلنا عليها كان لها أيضا دور كبير في تغيير المعادلة، خلال المدة الماضية، ركز تنظيم داعش على طريقتين، هما السيارات المدرعة والمفخخة والعمليات الانتحارية في الهجوم، وزراعة العبوات الناسفة في الدفاع، لكن لا نستطيع أن نقول إن (داعش) انتهت، وهو متواصل في الحرب ضدنا وضد قوات الجيش العراقي، لكن تجربته في الحرب مع قوات البيشمركة ووحدات حماية الشعب (المقاتلين الأكراد في سوريا) أثبتت لنا أن الانتصارات التي حققها التنظيم لم تكن تعتمد على قوته، بل كانت على حساب ضعف الأطراف الأخرى، فـ(داعش) لن يستطيع مرة أخرى احتلال منطقة استراتيجية من كردستان، ونقاطنا الأمامية تبتعد عن مخمور عشرات الكيلومترات، فالتنظيم يقصف بين الحين والآخر المناطق الخاضعة لنا في المنطقة بصواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون البعيدة المدى، ونحن أيضا نستطيع قصف الموصل والقيارة المحاذية للكوير، والشرقاط، لكن نحن لا نفعل ذلك من أجل المدنيين الموجودين في تلك المناطق».
وعن المناطق التي تمكنت قوات البيشمركة من تحريرها حتى الآن، بين ميرخان بالقول: «حررت قواتنا المناطق الكردستانية كافة الواقعة في حدود هذا المحور، واستطاعت السيطرة على ثلاث نقاط استراتيجية في تلك المنطقة المتمثلة في مرتفعات سلطان عبد الله، وبعد هذه المناطق التي حررناها تبدأ المناطق العربية، هناك نحو ألف متطوع من أبناء العشائر العربية متعاونون مع قوات البيشمركة ضد (داعش) وهم موجودون إلى جانب البيشمركة في النقاط الأمامية، وهم من سكان القرى الواقعة في تلك المناطق الممتدة حتى ناحية القيارة (جنوب الموصل) الخاضعة لـ(داعش). نحن نريد أن تكون عملياتنا المقبلة في المنطقة بالتنسيق مع أهالي المنطقة لكي يكونوا مطمئنين إلى أن البيشمركة إذا دخلت تلك المناطق فستكون لمساعدتهم، لكن في الحقيقة نحن ننتظر تسليح هؤلاء المتطوعين الذين دربتهم قوات التحالف الدولي، وكان من المقرر تسليحهم من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد قبل نحو تسعة أشهر، لكن مع الأسف لم يتم ذلك لحد الآن، نحن لا نريد خوض معركة تحرير المناطق الأخرى خارج الأراضي الكردستانية وحدنا، بل نريد أن يكون تحريرها عن طريق عمليات عسكرية بالتنسيق مع بغداد، لكن قوات الجيش لحد الآن لا تمتلك تلك الإمكانية لتحرر قضاء شرقاط التابع لمحافظة صلاح الدين (جنوب الموصل)، لننطلق معا نحو المناطق الأخرى. أما بخصوص ما قدمناه لهؤلاء المتطوعين العرب، فقوات البيشمركة هي التي قدمت لهم السلاح والتجهيزات وخصصت لهم المقرات، لكنهم تم تعينهم الآن كقوات حشد وطني يتلقون رواتبهم من بغداد».
وعن إمكانيات قوات البيشمركة، بعد مرور عام على بدء الحرب ضد «داعش»، أكد نائب قائد محور مخمور والكوير: «نحن لا نمتلك حتى الآن الأسلحة الكافية والمطلوبة لمواجهة التنظيم، وحتى الآن الأسلحة التي يمتلكها التنظيم هي أقوى من أسلحتنا وأكثر منها، فعدد قذائف الهاون التي يطلقها (داعش) على مواقعنا يوميا هي أكثر مما نطلقها نحن عليهم، لأن الأسلحة والأعتدة الموجودة لدى قوات البيشمركة قليلة، صحيح أننا استلمنا أنواعا من الأسلحة التي قلصت الكثير من مشكلاتنا في المعركة خاصة الأسلحة المضادة للدروع، لكن ما زلنا بحاجة للكثير من الأسلحة لمواجهة التنظيم والقضاء عليه».
أما عن جنسيات مسلحي «داعش» الذين يقاتلون البيشمركة في مناطق جنوب الموصل المحاذية لمحور مخمور والكوير، فكشف ميرخان: «حاليا 80 في المائة من مسلحي (داعش) هم من أهالي المناطق الخاضعة للتنظيم، حيث يقوم التنظيم بين مدة وأخرى بنقلهم إلى مناطق أخرى من جبهاته والإتيان بمقاتلين عراقيين من مناطق أخرى إلى هذا المحور، مع وجود مجموعة من المسلحين الأجانب الذين يقدمون لهم الاستشارة في المعارك»، مضيفا أن أكثر من 30 مسلحا من «داعش» سلموا أنفسهم لقوات البيشمركة بعد تركهم صفوف التنظيم خلال المدة القليلة الماضية.
قوات البيشمركة تتعرض لثاني هجوم كيماوي من قبل «داعش» في محور مخمور والكوير
قائد في القوات الكردية: قواتنا أصبحت ذات معرفة بأسلوب قتال التنظيم المسلح
قوات البيشمركة تتعرض لثاني هجوم كيماوي من قبل «داعش» في محور مخمور والكوير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة