أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس، قرارا بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات النيابية، المزمع إجراؤها خلال الأشهر المقبلة، برئاسة القاضي أيمن عباس رئيس محكمة استئناف القاهرة، في خطوة لبدء إجراءات ثالث استحقاقات خريطة المستقبل، التي تم التوافق عليها بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي قبل أكثر من عامين. ويعد مجلس النواب المقبل (الاسم الجديد لمجلس الشعب) هو الأكبر في تاريخ البلاد ويضم 568 نائبا منتخبا بنظامي القائمة والفردي.
وكشفت مصادر مسؤولة في الأوقاف المصرية عن أن «الوزارة حذرت من إقامة الأفراح (مراسم عقد القران للمقبلين على الزواج) والمآتم في مساجدها دون تصريح رسمي مسبق، وقبل الموعد بوقت كاف». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوقاف أرجعت ذلك لمنع استغلال المساجد سياسيا في الدعاية لانتخابات البرلمان المقبل»، فيما أكد مراقبون أن «قرار الأوقاف الذي يعد الأول من نوعه بمصر، يواجه غضبا شعبيا كبيرا، خاصة لأنه يتعلق بمراسم المآتم والأفراح، التي قد تحدث فجأة وتقدر بالآلاف يوميا».
في غضون ذلك، واصلت الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، تحذيرها من استخدام دور العبادة في الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب، وقال وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، لـ«الشرق الأوسط»: «نعد بإجراءات حاسمة ضد من يستغل المنابر في الدعاية الحزبية أو الانتخابية».
وتشدد السلطات المصرية على إجراءاتها لمنع استخدام المساجد في السياسة من قبل أحزاب التيار الإسلامي. وحذرت الأوقاف في منشور رسمي لها لمديرياتها بالمحافظات حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس، من «عدم الموافقة على إقامة أي أنشطة سواء كانت دعوية أو اجتماعية في المساجد أو ملحقاتها، إلا بعد الحصول على أمر كتابي (إذن رسمي) من رئيس القطاع الديني بمقر الوزارة بالقاهرة».
وبررت الأوقاف قرارها بأنه يأتي في إطار بسط السيطرة على جميع المساجد ومنع الأئمة والعمال الرسميين من التحكم في المساجد في إقامة أي شعائر أو احتفالات بها. وأشارت الوزارة إلى أن «مفتشيها وجدوا مساجد مفتوحة ولا يوجد بها أي مسؤول ومفاتيحها مع الأهالي، الذين يقيمون أي مناسبات اجتماعية أو ندوات للدعاية الانتخابية دون إخطار».
وأثار قرار الأوقاف حالة من الجدل بين المصريين الذين أعربوا عن رفضهم للقرار الذي وصفوه بالمتعسف، وقال نور أحمد، الخمسيني: «الأوقاف تتخذ قرارات عشوائية دون دراسة»، متسائلا: «كيف لشخص لديه حالة وفاة مفاجئة وحالته النفسية سيئة أن يذهب للوزارة للحصول على تصريح بإقامة سرادق العزاء». وتابع بقوله: «لو افترضنا أن ذلك تم.. فماذا سيفعل باقي سكان ربوع مصر؟ هل يأتون من محافظات تبعد نحو 14 ساعة سفرا للحصول على توقيع قيادي الأوقاف لإقامة العزاء؟».
وأضاف أحمد، وهو موظف حكومي، لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يتم عقد القران أيضا في المساجد؟ هذا الموروث الثقافي المتعارف عليه عند المصريين»، متسائلا: «هل ستتفرغ قيادات الوزارة للتوقيع على طلبات المقبلين على الزواج وهم بالآلاف يوميا، ويتركون دورهم الدعوي وحماية المساجد من التشدد؟».
لكن المصادر المسؤولة في الأوقاف قالت: «طالبنا الجميع بضرورة الحصول على موافقة مكتوبة من مقر الوزارة بالقاهرة قبل إقامة أي مناسبة سواء دينية أو اجتماعية في المساجد». ولمحت المصادر إلى أنه «قد تخفف الوزارة من إجراءاتها بخصوص تصريح عقد القران، ليكون الحصول على الموافقة من المحافظة التابع لها المسجد الذي سيعقد فيه القران، شرط أن يتم تسليم إيصال بذلك للوزارة بالقاهرة»، مضيفة بقولها: «رصدنا قيام بعض المرشحين للبرلمان باستغلال المساجد في عمل قوافل خيرية وتوزيع أموال وسلع، وذلك في وجود الأئمة وعمال المساجد».
في السياق ذاته، قالت وزارة الأوقاف إنها «مثل جميع مؤسسات الدولة المصرية حريصة على انتخابات حرة ونزيهة ومعبرة عن إرادة الناخبين»، لافتة إلى أن «الأئمة الرسميين والقيادات سوف يمنعون نهائيا من ممارسة الخطابة بالمساجد، وسوف يتم إجبارهم للحصول على إجازة إلزامية، بمجرد أن يتقدموا بأوراق ترشحهم للانتخابات، وذلك إعمالا لمبدأ الشفافية».
واعتادت بعض أحزاب تيار الإسلام السياسي استغلال المساجد في الدعاية لمرشحيها في الانتخابات، وتقديم الخدمات والإعانات المالية للأسر، كنوع من «الهدايا» لتحفيز الناخبين للتوجه لصناديق الاقتراع.
ودخلت إجراءات الانتخابات البرلمانية بؤرة الضوء أمس، عقب القرار الرئاسي بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات وتضمن قرار تشكيلها اثنين من نواب رئيس محكمة النقض، واثنين من نواب رئيس مجلس الدولة، واثنين من رؤساء محاكم الاستئناف، وقال مسؤول قضائي إن «اللجنة العليا للانتخابات بتشكيلها الجديد سوف تعقد أول اجتماعاتها مطلع الأسبوع المقبل، لمناقشة الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية»، مرجحا أن يتم إعلان ملامح الجدول الزمني للانتخابات وضوابط وشروط الترشح.
وأشار المسؤول القضائي إلى أن موعد فتح باب الترشيح من المرجح أن يكون مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، ليتم تلقي طلبات الترشح والبت فيها وإعلان المقبولين والمستبعدين وتلقي الطعون، على أن تجري الانتخابات على مرحلتين، الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) والثانية في نوفمبر (تشرين الثاني).
من جهة أخرى، شرعت وزارة الأوقاف أمس في تركيب كاميرات مراقبة بـ«5 مساجد كبرى بالعاصمة القاهرة كخطوة لتعميم التجربة، وهي: عمرو بن العاص والسيدة زينب والسيدة نفيسة (جنوب القاهرة)، والنور (شرق) والحسين (وسط العاصمة)، وذلك بهدف رصد الحركة في المساجد وخصوصا من قبل الجماعات المتشددة التي تدعو للعنف ضد السلطة في البلاد».
وقالت المصادر المسؤولة نفسها إن الأوقاف تريد مراقبة الأئمة والدعاة الرسميين بها، لمنع إقحام بعضهم نفسه في العمل السياسي، ومراقبة صناديق التبرعات «التي تستغلها بعض الجماعات في توجيه أموالها للمظاهرات والعنف»، على حد قولها، فضلا عن تأمين المساجد من العناصر الإرهابية.
وسبق أن انفردت «الشرق الأوسط» مطلع أغسطس (آب) الحالي، بأن الأوقاف تعتزم نشر كاميرات لمراقبة المساجد، وأكدت المصادر أمس أن «مراقبة الأئمة والمصلين لا تعتبر انتهاكا لحرمات المساجد»، معللة ذلك بأن «أحد مساجد محافظات الصعيد شهد اعتداء مختل عقلي على المصلين، وأن المصالح والمواقع الهامة تراقب إلكترونيا، ولا أحد يعتبر ذلك انتهاكا».
وسبق أن أعلنت مصر عام 2010 خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك عن مشروع لمراقبة المساجد، وهو المشروع الذي قوبل بالرفض من قبل نواب جماعة الإخوان المسلمين في مجلس الشعب (البرلمان)، وأكدوا وقتها أن «مراقبة المساجد سوف تقضي على هيبة الأئمة والدعوة».
مصر تستعد للبرلمان.. والسيسي يصدر قرار تشكيل «العليا للانتخابات»
الأوقاف تتصدى لاستغلال المساجد في الدعاية للمرشحين
مصر تستعد للبرلمان.. والسيسي يصدر قرار تشكيل «العليا للانتخابات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة