ظريف في سوريا يروج للمبادرة الإيرانية: وقف إطلاق النار وحكومة موسعة

الحل المطروح ينص على بقاء الأسد.. وحلف لمواجهة «الإرهاب»

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يتحدث للصحافيين في أعقاب لقاء جمعه بالرئيس السوري بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يتحدث للصحافيين في أعقاب لقاء جمعه بالرئيس السوري بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

ظريف في سوريا يروج للمبادرة الإيرانية: وقف إطلاق النار وحكومة موسعة

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يتحدث للصحافيين في أعقاب لقاء جمعه بالرئيس السوري بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يتحدث للصحافيين في أعقاب لقاء جمعه بالرئيس السوري بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى دمشق يوم أمس حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد بعدما أنهى زيارته إلى لبنان مجتمعا بعدد من المسؤولين، في جولة ترتكز محادثاتها على المبادرة الإيرانية حول الأزمة السورية بشكل أساسي، إضافة إلى الاتفاق النووي الأخير وانعكاساته على سياسة إيران في المنطقة. وكان الملف اللبناني، ولا سيما رئاسة الجمهورية، غائبا عن المباحثات التي أكد خلالها ظريف «عدم تدخل طهران في شؤون لبنان الداخلية، ووقوفها في الوقت عينه إلى جانب الشعب اللبناني وشعوب المنطقة للمساعدة في تحقيق السلام والاستقرار».
وفي تصريح له عقب لقائه الأسد أكد ظريف أن «المباحثات مع الرئيس السوري كانت جيدة وارتكزت على حل الأزمة في سوريا»، معتبرا أنّه «آن الأوان للاعبين الآخرين ولجيراننا أن يهتموا بالحقائق ويرضخوا لمطالب الشعب السوري ويعملوا من أجل مكافحة التطرف والإرهاب والطائفية».
وبعدما كان ظريف التقى مساء الثلاثاء كلا من رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام وأمين عام حزب الله حسن نصر الله، اجتمع يوم أمس برئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل، إضافة إلى وزير الدفاع سمير مقبل وممثلي الفصائل الفلسطينية في لبنان.
وتشير المعلومات إلى أن المبادرة الإيرانية المؤلفة من أربع نقاط، تتضمن وقفا لإطلاق النار وتشكيل حكومة «وحدة وطنية». ولفتت مصادر مطلعة على لقاء نصر الله - ظريف، إلى أن الوضع السوري كان بندا رئيسا على طاولة البحث بين الطرفين، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن القول لغاية الآن بأن هناك مبادرة إيرانية، بل هي مجموعة أفكار تحتاج إلى بلورة بالاتفاق مع قوى أخرى على رأسها روسيا»، موضحة «خلاصة الأفكار الإيرانية هي: الوصول إلى حل سياسي مع تمسك إيران بالنظام الشرعي في سوريا وبقاء الرئيس السوري بشار الأسد على رأس السلطة، في موازاة العمل على تحالف دولي لمواجهة الإرهاب»، وعما طرح لجهة انسحاب حزب الله من سوريا، لفتت المصادر: «بعد أي حل سياسي من الطبيعي أن تعود كل القوى غير السورية إلى بلادها».
وأشارت المصادر إلى أن رئاسة الجمهورية اللبنانية لم تكن مدرجة على جدول أعمال المسؤول الإيراني في لبنان، مضيفة: «سبق لسوريا وإيران أن أكدتا أن حزب الله يأخذ القرار المناسب في رئاسة الجمهورية ودعم حليفه (النائب ميشال عون) حتى النهاية».
وقال ظريف بعد لقائه والوفد المرافق رئيس مجلس النواب نبيه بري: «نحن نعتقد أنه بمعالجة الملف النووي والقضية النووية توفرت وتتوفر الأرضية الصالحة للمزيد من التعاون بين الدول الإسلامية في هذه المنطقة، إذ إن الخلافات الطائفية الداخلية والتطرف تعتبر التحدي الكبير ومن التحديات الكبيرة في هذه المنطقة، ولا يمكن القضاء على هذه التحديات إلا بمزيد من التعاون بين الدول فيها. وكل الشعوب في المنطقة تتوقع منا هذا الأمر، ونحن نعتقد أنه لا بد لكل الجيران ولكل الدول المجاورة أن تتبنى الحوار والتعاون، وأن يكونا مدار اهتمام هذه الدول لتحقيق المصالح المشتركة».
وفي مؤتمر صحافي جمعه مع وزير الخارجية جبران باسيل، قال ظريف: «نمد يد التعاون إلى جميع الجيران في هذه المنطقة ونحن على استعداد للتعاون ولتبادل الأفكار والقيام بعمل مشترك بين هذه الدول لمكافحة التطرف والإرهاب والطائفية، ونتمنى أن تجني شعوب هذه المنطقة والشعب اللبناني ثمار التعاون».
وثمَّن ظريف «الدور الكبير الذي لعبه شخص رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لتوفير الأمن ومكافحة التطرف والإرهاب وخلق وإيجاد التعاون بين مختلف الفرقاء اللبنانيين، كما ثمَّن هذا الدور الذي أدى إلى مزيد من الهدوء والاستقرار والأمن في هذا البلد». واعتبر أنّ اليوم ليس يوم المنافسة والتنافس في لبنان، وإن كان لا بد من التنافس فلا بد أن يكون لإعمار لبنان.
وكان لباسيل كلمة قال فيها: «لقد استشعرنا نحن وإيران منذ البداية خطر الإرهاب ونبهنا كثيرا من استبعاد إيران عن هذه المواجهة»، مضيفا: «وقد استقطبت سوريا للأسف العناصر الإرهابية من خارجها ويتصدر اليوم الإرهاب ويصدر من الأرض السورية في اتجاه دول كثيرة، ولبنان يعاني ذلك على حدوده الشرقية في مواجهته (داعش) و(النصرة)». ولفت باسيل إلى أزمة النزوح السوري في لبنان، معتبرا أنّ عودة اللاجئين إلى بلادهم يمكن أن تكون المقدمة السياسية لأي حل سياسي في سوريا، والدافع لوقف حمام الدم وإيجاد مناطق آمنة يعودون إليها، وبالتالي تكون مقدمة لأي حل سياسي كالحل القائم على البنود الأربعة التي قدمتها إيران لوقف حمام الدم. ورأى أن النزوح في المنطقة أصبح مرادفا لإلغاء التعددية، لأن الأقليات من النازحين ترحل ولا تعود.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.