وسط مخاوف من تفرده بالسلطة.. العبادي يضع حياته في مقابل مواصلة «الإصلاح»

رئيس الوزراء كرر ضمنًا اتهامات سابقة نفتها أوساط مقربة من المالكي بأنها تريد اغتياله

وسط مخاوف من تفرده بالسلطة.. العبادي يضع حياته في مقابل مواصلة «الإصلاح»
TT

وسط مخاوف من تفرده بالسلطة.. العبادي يضع حياته في مقابل مواصلة «الإصلاح»

وسط مخاوف من تفرده بالسلطة.. العبادي يضع حياته في مقابل مواصلة «الإصلاح»

للمرة الثانية في غضون سنة يقف الحظ إلى جانب مهندس الكهرباء حيدر العبادي الذي تسلم منصبه رئيسا لوزراء العراق في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي خلفا لزعيمه في حزب الدعوة نوري المالكي الذي تولى السلطة لدورتين برلمانيتين (2006 - 2014). ورغم أن المالكي كان يعد العدة لولاية ثالثة بعد حصول كتلته (ائتلاف دولة القانون) على أعلى المقاعد في البرلمان العراقي (93 نائبا) من بينهم العبادي نفسه الذي كان اكتفى أول الأمر بمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان سليم الجبوري في انتخابات نافسه فيها الزعيم الذي أفل نجمه أحمد الجلبي بحيث لم يتمكن من حسم الجولة لصالحه إلا بعد مساومات سريعة جرت بين قيادات التحالف الوطني انسحب على أثرها الجلبي من المنافسة لصالح العبادي.
في المرة الأولى جرت عملية اختبار قوة بين المالكي من جهة والطبقة السياسية من جهة أخرى لصالح مرشح الكتلة الأكبر والتي حسمت بعملية قيصرية داخل التحالف الوطني جرى بموجبها اختيار العبادي مرشحا لرئاسة الوزراء بدلا عن المالكي بعد أن حسمت المرجعية الشيعية في مدينة النجف أمرها حين أفتت بضرورة اختيار رئيس جديد للوزراء. وما إن شكل العبادي حكومته وفق طريقة المحاصصة الطائفية والعرقية المعمول بها في العراق منذ عام 2003 حتى حظي بتأييد داخلي وإقليمي ودولي قل نظيره. لكن طوال سنة تقريبا لم يتغير شيء مما تم التعهد به باستثناء النيات الحسنة والاعتراف بالقصور وحتى الفشل وهو ما لم يكن معمولا به في زمن المالكي الذي كان يؤمن بنظرية المؤامرة وأن هناك من يتربص به بحيث يمنعه من القيام بأي إصلاح.
ورغم أن العبادي يحمل دكتوراه في هندسة الكهرباء فإن العراقيين لم يلمسوا طوال عشرة شهور من حكمه منجزا ملموسا على صعيد الكهرباء. وبحلول شهر أغسطس (آب)، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى ما فوق الخمسين، فقد انفجرت الإرادة الشعبية عبر مظاهرات كان واضحا أنها هذه المرة تختلف عن كل مرة. وهنا وقف الحظ ثانية مع العبادي بقوة. فالمتظاهرون على كثرتهم (عشرات الآلاف في بغداد وعدة محافظات) أدانوا الطبقة السياسية ورفعوا شعارات حادة ضد الفساد والفاسدين، لكنهم استثنوا العبادي ولو بطريقة التحذير المبطن فيما لم يتعامل مع مطالب الجماهير.
المرجعية الشيعية التي طالما وجهت انتقادات وتحذيرات وجدت أن الحراك الجماهيري ينسجم مع رؤيتها للإصلاح وهو ما جعلها تندفع بقوة باتجاه حث العبادي على القيام بإصلاحات جوهرية.
العبادي الذي كان أعلن قبل شهور من مدينة كربلاء أن هناك من يريد اغتياله وأنه سيستمر في تعهداته حتى لو اغتالوه بالفعل حيث قال بالنص وباللهجة العراقية (يريدون يغتالوني.. خل يغتالوني). هذه العبارة، التي حملت في وقتها تأويلات كثيرة بشأن الجهة المستفيدة من اغتيال العبادي حتى تم ربطها بجهة مقربة من المالكي وهو ما نفته أوساط المالكي المقربة بقوة، كررها العبادي بالأمس في بيان مقتضب وجهه إلى الشعب العراقي بعد دقائق من تصويت البرلمان بالأغلبية المطلقة على ورقة إصلاحاته. إذ قال العبادي طبقا للبيان: «أهنئ جميع العراقيين على إقرار حزمة الإصلاحات وأعاهدكم على مواصلة طريق الإصلاح وإن كلفني ذلك حياتي متوكلا على الله تعالى ومستندا إلى تأييد الشعب». هذه العبارة التي يرتبط مضمونها بحزمة الإصلاحات سترتبط هي الأخرى بحزمة جديدة من التأويلات بشأن من هي الجهة التي تستفيد من اغتيال العبادي.
من جانب آخر، هناك من بات يربط بين طريق الإصلاح الطويل الذي يخشى فيه العبادي على حياته وإمكانية نشوء ديكتاتورية جديدة أو تفرد بالسلطة. ففي ظل نظام عراقي لا يزال سائبا لجهة عدم وجود مؤسسات ضامنة للتغيير والإصلاح فإن إمكانيات التفرد بالسلطة ليست مستبعدة. لكن المفكر العراقي المعروف والنائب السابق في البرلمان العراقي حسن العلوي ينفي إمكانية نشوء ديكتاتورية جديدة في العراق سواء ما يتعلق منها بشخص العبادي نفسه أو طبيعة النظام السياسي. العلوي وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يقول إن «الديكتاتورية ليست قرارا يتخذه شخص بعينه إنما هي مجموعة عناصر تتشكل منها الشخصية الديكتاتورية وهي الصرامة والتماسك والإرادة، وعدم التراجع، وعدم رمش العين»، مضيفا أن «العبادي ليس شخصية مؤهلة للعب دور ديكتاتوري بناء على هذه المواصفات الهامة وأمور أخرى غيرها لعل من أبرزها أن أي ديكتاتور يحتاج إلى جماعة أو جهاز من نسيجه وهو ما لا يمتلكه العبادي». ويشير العلوي إلى أن «النظام السياسي في العراق على علاته يمنع نشوء ديكتاتورية حيث هناك دستور صعب تغييره وهناك برلمان مكون من مكونات عرقية وطائفية وهناك محكمة عليا وهناك انتخابات».
وردا على سؤال بشأن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي اتهمه خصومه بالديكتاتورية، قال العلوي: «في الواقع إن المالكي لم يكن هو الآخر ديكتاتوريا بالمعنى الذي أشرنا إليه ولو كان ديكتاتورا لما تم إقصاؤه من منصبه فهو لم يتمكن في النهاية من تغيير أي من قواعد اللعبة في العراق بحيث يستمر في السلطة». ويرى العلوي أن «النظام الاجتماعي في العراق القائم على انقسام مجتمعي تمثله أعراق وطوائف لم يعد يسمح بحصول انقلابات جذرية»، واصفا «حزمة إصلاحات العبادي بأنها فوقية حيث لامست الحافات والضواحي فقط». وحول ماهية الإصلاحات الجذرية، قال العلوي إن «الإصلاح الحقيقي هو أن يختار العبادي بالاتفاق مع مجلس النواب حكومة تكنوقراط من خارج المحاصصة وفي حال التصويت عليها سيكون طريق الإصلاح قد تحقق بشكل صحيح».
من جهته، يقول المنسق العام للتيار المدني في العراق، رائد فهمي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن التفرد أو حتى الديكتاتورية يبقى أمرا مطروحا لا سيما في ظل نظام سياسي لا تزال فيه الكثير من الثغرات بما فيها الثغرات التي سينفذ منها الرافضون لحزمة الإصلاحات رغم موافقتهم عليها». ويضيف فهمي أن «الخشية الآن ليست من العبادي الذي يريد الإصلاح بل من القوى السياسية التي ستبدأ تماطل وتسوف لعرقلة الإصلاحات كالقول إن هذا يحتاج تعديلا دستوريا أو ذاك لا قانون له وبالتالي فإننا اليوم نريد لهذه الإصلاحات أن تمضي قبل الشعور بالخوف من التفرد والديكتاتورية مع عدم استبعاد ذلك لكن ليس بالطريقة التي يمكنها أن تقلب معادلات سياسية». ويؤكد فهمي أن «العبادي اليوم يستمد قوته من الإرادة الشعبية وهي بالقدر الذي تفوضه المضي في طريق الإصلاح فإنها يمكن أن تشكل ضمانة بعدم التفرد لأن الجماهير لم تخرج على أصل النظام السياسي بل خرجت ضد الفاسدين والفاشلين».



الشرع يؤكد للسيسي حرصه على بدء صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)
TT

الشرع يؤكد للسيسي حرصه على بدء صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)

أكد الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حرصه على بدء صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية وخاصة مصر، وذلك خلال لقاء جمعهما على هامش القمة العربية الطارئة بالقاهرة، اليوم (الثلاثاء).

من جهته، دعا الرئيس المصري إلى إطلاق عملية سياسية شاملة تضم كافة مكونات الشعب السوري خلال لقائه الشرع. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن السيسي أكد في لقائه مع الشرع حرص مصر على دعم الشعب السوري «ومراعاة إرادته واختياراته لتحقيق الاستقرار والتنمية». وأضاف أن السيسي شدد خلال الاجتماع على أهمية إطلاق عملية سياسية شاملة «لا تقصي طرفاً». وأوضح المتحدث أن الرئيس المصري شدّد على حرص مصر على وحدة الأراضي السورية وسلامتها وعلى «رفض مصر لأي تعدٍ على الأراضي السورية».

وذكرت الرئاسة المصرية أن الرئيس السوري أكّد حرصه على «بدء صفحة جديدة من علاقات الأخوة مع الدول العربية، وخاصة مصر».