عمرو موسى في «منتدى أصيلة»: يستحيل أن تتزعم إيران منطقة الشرق الأوسط

مصطفى عثمان إسماعيل يدعو إلى وضع قوانين حازمة لمحاربة الطائفية

عمرو موسى في «منتدى أصيلة»: يستحيل أن تتزعم إيران منطقة الشرق الأوسط
TT

عمرو موسى في «منتدى أصيلة»: يستحيل أن تتزعم إيران منطقة الشرق الأوسط

عمرو موسى في «منتدى أصيلة»: يستحيل أن تتزعم إيران منطقة الشرق الأوسط

قال عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية السابق ووزير خارجية مصر الأسبق، إن هناك أربعة عناصر ضرورية للإجابة بنعم عن سؤال «العرب: نكون أو لا نكون»، الذي هو عنوان الندوة الختامية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الـ37، أجمعها في ضرورة التغيير والإصلاح، والوعي بالزمن الذي نعيش فيه وارتباطاته وتداعياته ومتطلباته، وفلسفة الحكم والديمقراطية.
وذكر موسى، الذي كان يتحدث في الجلسة الختامية للندوة، في معرض حديثه عن المنطقة العربية ومستقبلها والوضع الإقليمي، أن هذا الأخير الآن مرشح لإطلاق نظام إقليمي جديد، يأخذ في اعتباره الانهيارات التي حصلت والتغيرات التي جرت، مشيرا إلى أن من سيرسم هذا النظام الجديد هو العالم العربي لأنه يشكل الأغلبية، وهو الذي يشكل البنك الرئيسي للمكونات السكانية لهذه المنطقة.
وقال موسى إن إيران لا تستطيع أن تتزعم منطقة الشرق الأوسط مهما حدث لا هي ولا تركيا ولا إسرائيل، مشيرا إلى أن العالم العربي لن يتزعمه إلا مكون عربي، ومشددا على استحالة أن تسيطر إيران على العالم العربي. وقال «مستقبلنا أن نسهم معا في تحقيق استقرار المنطقة، وليس في إثارة المنطقة واستخدام الشيعة والسنة، وهو استخدام خاطئ تماما ولا يمكن أن نقبل به».
وقال موسى إن الشيعة والسنة ليسوا أعداء، وإنما هناك من يعمل لتحقيق هذه العداوة وتعميقها وبالتالي منع الاستقرار في المنطقة.
وعاتب موسى، في معرض تعليقه على مداخلة عطاء الله مهاجراني، وزير الثقافة الإيراني الأسبق، تصريحات أحد المسؤولين الإيرانيين التي قال فيها إن إيران تسيطر على سبع عواصم عربية، وإنها تعيد بناء الدولة الفارسية وعاصمتها بغداد. وقال موسى لمهاجراني: «لم يكن من الأصح القول بذلك»، عادا تلك التصريحات إهانة كبرى، وإرهاصات سلبية، في حين أن الصحيح هو أن يكون البناء متجها نحو التعاون وليس الصدام، واستعمال الأموال التي ستأتي لخير المنطقة وشعوبها بدل أن تستعمل في سياسات سلبية ستؤدي بالضرورة إلى اصطدام.
من جهته، قال محمد الخزاعي، عضو مجلس الشورى في البحرين، إن تفشي الإرهاب وتمدده من خلال ما يسمى بتنظيم داعش يثير عدة علامات استفهام حول من يقوم بدعمها ويمولها ماديا ويزودها بالسلاح بإسقاطه من الجو أو من خلال الحدود المفتوحة، مشيرا إلى أن أحد القادة العسكريين للولايات المتحدة وتحالفها الدولي صرح بأن القضاء على «داعش» يتطلب عشرة أعوام، موضحا أن قضية ما يسمى بالشرق الأوسط لم تعد على قائمة أولويات الإدارات الأميركية، وأن الأولوية أصبحت للشرق الأوسط الجديد ولحماية دولة إسرائيل من أعدائها المحيطين بها من ناحية، وتحقيق استراتيجية الولايات المتحدة من ناحية أخرى.
وقال الخزاعي «يجب علينا أن ندرك أن هناك دولتين تحيطان بنا من الشرق والشمال لهما أطماع إقليمية تستندان فيها إلى ماضيهما الإمبراطوري التليد، وأن ورقة الدين التي تلعبانها ما هي إلا ستار للتدخل في شؤوننا الداخلية»، داعيا إلى ضرورة العمل على بناء دول حديثة تقوم على المؤسسات ومبادئ الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتبني النظام الديمقراطي كأسلوب حياة، وتكريس مبادئ حقوق الإنسان، وإعادة النظر في المناهج التعليمية والعمل على فصل الدين عن الدولة.
من جهته، قال مصطفى عثمان إسماعيل، وزير خارجية السودان الأسبق، إن العلاقة الملتبسة والمتسمة بالتنافر بين تجاذبات الدولة والدين أضحت في المنطقة العربية مرتكزا لاستيلاد الخلاف الطائفي والاستفادة منه في التوجهات السياسية عبر اختراق مفاهيم الدولة الحديثة وأطرها المفاهيمية والمؤسسية، وعزا الأسباب التي قادت إلى التشرذم الطائفي في المنطقة العربية إلى ضمور مفهوم الدولة واكتفائه في كل تطوراته بترسيم أجنبي جعل الدولة بحدودها الاستعمارية سابقا على مفهوم الأمة وأطرها الطبيعية.
ويرى إسماعيل أن الحل يكمن في البناء الداخلي من الناحيتين السياسية والاجتماعية، ويقتضي رؤية منهجية صادعة يجتمع لها كل مثقفي ونخب البلاد، إضافة إلى اعتماد منهج يباعد بين مفهوم الدولة الدينية وبين ما لحق به من تشوهات تأتت من كلا الفريقين المؤيدين والمعارضين. وعد إسماعيل مجموعة من التوصيات في ختام مداخلته، أبرزها؛ وضع قوانين حازمة لمحاربة الطائفية وإعلاء الوطن على القبيلة والجنس واللون واللغة، واحترام أديان ومعتقدات الآخرين من دون تسفيهها والتقليل منها، وإغلاق دور العبادة المتشددة، وتجفيف مصادر تمويل الجماعات الطائفية المتطرفة عرقيا أو دينيا، وأيضا ضرورة إيجاد آلية عربية إسلامية قوية لمعالجة الخلافات وفض النزاعات الطائفية في الإقليم العربي الإسلامي.
وتحدث الكاتب التونسي حسونة المصباحي عن بعض أسباب تدهور العرب، كاشفا أن الذي ينظر إلى العرب الآن يراهم قطعانا هائمة على وجوهها لا تعرف ما سيحدث لها في حاضرها ولا في مستقبلها القريب أو البعيد، مضيفا أن النخب تشتتت وفقدت البوصلة وباتت عاجزة عن مواكبة ما يحدث، وأن «مافيات ثقافية استغلت ذلك وبرزت لتلعب أدوارا قذرة أعادت الجمود إلى الثقافة العربية وأفسدتها»، مشيرا إلى أن الأوضاع ازدادت سوءا بسبب انتشار الحركات الأصولية في جميع أنحاء العالم العربي.
وأوضح المصباحي أنه لا بد من الإقرار بأن فشل «التنويريين الجدد» في التجذر في واقع مجتمعاتهم لا تعود أسبابه إليهم فقط، وإنما أيضا للأنظمة الاستبدادية التي بتضييقها على الحريات العامة والخاصة وبقمعها الشديد للمعارضين وللمنتقدين لأساليب حكمها، أسهمت في قطع الصلة بين المثقف «الحداثي والتنويري» وبين مجتمعه، مبرزا أنه في غياب خطاب معارض يقرأ الواقع في تفاصيله، لم تجد الجماهير العريضة غذاء ثقافيا وفكريا يقيها شر الخطاب الرسمي المحنط غير خطاب آخر يروجه المتشددون الذين تكاثروا بسبب ما يمكن تسميته بـ«الجهل المعمم».
وقال المصباحي إن العرب ما داموا عاجزين عن «التحاور مع التاريخ» في مفهومه الواسع والعميق، فإنهم سيظلون سجناء ماضيهم، وبالتالي محرومين من امتلاك الأدوات الفعلية لفهم واقعهم وتغييره نحو الأفضل للتأقلم مع العالم وما يشهده من تحولات كبيرة وصغيرة.
ومن جهته، دعا الكاتب المغربي أحمد المديني الأدباء والكتاب لأن يحولوا أقلامهم إلى مشاعل إما تنير ظلمات الجهل أو تدعو إلى الإصلاح أو الكفاح من أجل طرد المحتل الأجنبي واسترجاع السيادة. وقال «إن تحقيق كينونة الكاتب الفنان والمفكر تختلف عن ذلك الذي تبحث عنه القيادات السياسية بمنظوماتها الآيديولوجية وحتى ترسانتها العسكرية، وإن التقت معه حين يخص الأمر بالتغيير والتجديد.. فهي كينونة لصيقة بإعلاء القيم الرمزية وترسيخ المبادئ الجوهرية لإقامة الإنسان في الأرض ولإطلاق أجنحة أحلامه بلا قيود».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».