موقف الأطباء الإسرائيليين الرافض لتغذية الأسير علان قسرًا يحرج سلطات الاحتلال

مشفى «سوروكا» يرفض.. ومدير «بارزيلاي» يتخذ موقفًا مماثلاً.. والتماسات لإلغاء القانون

والدة محمد علان تحمل ملصقا خلال مسيرة تطالب بالحرية لابنها المعتقل (أ.ف.ب)
والدة محمد علان تحمل ملصقا خلال مسيرة تطالب بالحرية لابنها المعتقل (أ.ف.ب)
TT

موقف الأطباء الإسرائيليين الرافض لتغذية الأسير علان قسرًا يحرج سلطات الاحتلال

والدة محمد علان تحمل ملصقا خلال مسيرة تطالب بالحرية لابنها المعتقل (أ.ف.ب)
والدة محمد علان تحمل ملصقا خلال مسيرة تطالب بالحرية لابنها المعتقل (أ.ف.ب)

رفض مدير مستشفى إسرائيلي إطعام الأسير المضرب عن الطعام محمد علان بالقوة أمس، بعدما نقلته إدارة مصلحة السجون إلى المستشفى من أجل تغذيته قسرا، بعد قرار النيابة العامة الإسرائيلية.
وقرر مدير مستشفى «بارزيلاي» في مدينة عسقلان، الدكتور حزاي ليفي عدم تغذية علان قسرا في أعقاب الموقف الذي اتخذه مدير مستشفى «سوروكا».
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الأطباء في مستشفى «سوروكا» رفضوا تغذية الأسير علان المضرب عن الطعام قسرا، فاختار المسؤولون الإسرائيليون نقله إلى مستشفى «بارزيلاي»، بعد أن لمسوا أن مديره يميل إلى الموافقة على تطبيق القانون وتغذية علان بصورة قسرية. غير أن طاقم الأطباء في المستشفى أهابوا بالمدير ليفي عدم الموافقة على تنفيذ عملية التغذية القسرية بحق علان، لأن هذا يعتبر تعذيبا مباشرا للإنسان وفق ما تنص عليه الأخلاقيات الطبية.
وقال عضو الكنيست أحمد الطيبي إنه اتصل شخصيا بمدير المستشفى ليستوضح موقفه، ورد عليه بأنه سيعارض تغذية الأسير علان قسرا، وإنه لا صحة لما نشر عن موافقته.
وأبلغ ليفي الطيبي بأنه سيقوم بتقييم وضع علان وفحصه في حال تدهور وضعه الصحي بعد أخذ موافقته. أما في حال فقد الوعي فإنه سيلجأ لبحث وضعه في لجنة الأخلاقيات التابعة للمستشفى.
واستنكر الطيبي الضغوط الممارسة على مديري المستشفيات من قبل المستوى السياسي، بمن فيهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بهذا الخصوص، ومحاولة دفع الأطباء إلى التخلي عن ضميرهم وأخلاقيات المهنة.
واتهم الطيبي رئيس الحكومة الإسرائيلية محاولته إلقاء فشله السياسي على الكادر الطبي، بدلاً من أن يعالج الموضوع سياسيًا، بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري للفلسطينيين والتوجه نحو الحل السياسي.
وقد وضع موقف الأطباء السلطات الإسرائيلية في موقف حرج، خصوصا أن الكنيست الإسرائيلي أقر قانون التغذية القسرية بحق أسرى مضربين، وقررت النيابة العامة تنفيذه على الفور.
واستمد الأطباء القوة من نقابتهم التي أعلنت، في وقت سابق، رفضها إطعام أي أسير بالقوة. وقال رئيس نقابة الأطباء في إسرائيل، ليونيد ايدلمان، إن نقابة الأطباء ستتقدم بالتماس مستعجل إلى المحكمة العليا للبت في شرعية القانون الجديد القاضي بالتغذية القسرية للسجناء المضربين عن الطعام كوسيلة للاحتجاج، ولكي تبت المحكمة العليا بمدى تعارض هذا القانون مع التزام إسرائيل بالمعاهدات الدولية ذات الشأن.
وقبل أن تتقدم نقابة الأطباء بالتماسها، قدمت مؤسستا ميزان لحقوق الإنسان، ومؤسسة يوسف الصديق، في إسرائيل، أمس، التماسًا للمحكمة العليا الإسرائيلية، ضد قانون إطعام الأسرى القسري الذي أقره الكنيست الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة.
وطالب الالتماس المحكمة العليا بإلغاء القانون وإبطاله، كونه ينافي القانون الدولي الإنساني، وفيه تعدٍّ صارخ على كرامة الأسير وحقوقه وخصوصا حقه في التعبير والاحتجاج. وأوضح الالتماس أن تطبيق هذا القانون باستخدام القوة هو مساس بحقوق الأسير الأساسية المحمية وفق القوانين والمعاهدات الدولية، ووفق القانون الدولي الإنساني، والمصادق عليها في قانون أساس حرية الفرد والكرامة.
وقال المحامي ضرغام سيف: «إن الإضراب عن الطعام هو وسيلة احتجاج ومقاومة شرعية وديمقراطية يحمل قيمة عليا في النضال السلمي. وهي تأخذ بعدًا هامًا وحيزًا كبيرًا، خصوصا عندما يكون الحديث عن أسرى إداريين سجنوا لفترات طويلة من دون محاكمة، وليس لديهم وسائل احتجاج كثيرة، ومحددين ومقيدين في طرق الاحتجاج على أسباب أسرهم، أو على ظروف سجنهم، وسحب غالبية الحريات الشخصية منهم».
وأكدت المؤسستان في التماسهما أن الاعتبارات لهذا القانون ليست مصلحة الأسير المضرب عن الطعام وصحته، وإنما اعتبارات أخرى غريبة لها علاقة بأمن الدولة، بالإضافة إلى هدف إضعاف موقف الأسرى أمام الدولة ومصلحة السجون، في نضالهم لأجل تحسين ظروفهم داخل السجون. وقد ظهر ذلك جليًا في تصريح وزير الأمن الداخلي – غلعاد اردان، عندما قال: «الأسرى الأمنيون معنيون بقلب الإضراب عن الطعام لعملية انتحارية من نوع جديد، بواسطته يهددون دولة إسرائيل».
ويعتقد مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير، المحامي جواد بولس، أن إدارة السجون تبحث عمليًا عن طبيب مدني يكون مستعدًا للقيام بتنفيذ هذا الأمر في أحد المستشفيات.
وأوضح بولس في بيان صحافي صدر عن نادي الأسير أن وضع علان الصحي صعب للغاية وذلك لدخوله أمس اليوم 54 من الإضراب عن الطعام رفضًا لاعتقاله الإداري.
وقال بولس إن علان يعاني من ضعف كبير في النظر، ولا يقوى على الحركة، كما أنه لا يستطيع الذهاب بشكل ذاتي لدورة المياه، ويتقيأ بشكل شبه دائم مواد خضراء وصفراء اللون.
وعلان هو محامٍ اعتقل في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وتم تمديد اعتقاله الإداري مرتين، بسبب انتمائه إلى تنظيم «الجهاد الإسلامي»، من دون توجيه أي تهمة إليه. ومنذ بدأ إضرابه يتناول علان الماء من دون أي مدعمات. وأبلغ علان محاميه بولس أمس أنه يرفض إجراء أي نوع من الفحوصات الطبية كما يرفض العلاج.
ودعا أمس رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع الفلسطينيين إلى تنظيم خيام اعتصام وإضراب عن الطعام اليوم الثلاثاء، ردا على إمعان الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جريمته عن سبق إصرار بحق الأسير علان.
وفي سياق متصل أعلن أمس نادي الأسير أن أسرى سجن «نفحة» ومن كل الفصائل قرروا العصيان الشامل، بينما سارعت إدارة السجن إلى حظر الحركة في عدة أقسام.
وتأتي هذه الخطوة للمطالبة بإلغاء العقوبات التي كانت قد فرضت على الأسرى منذ العام الماضي. وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين اليوم أن إدارة سجن نفحة قررت نقل الأسرى الذين قاموا بحرق الغرف في بداية التصعيد قبل نحو أسبوعين، إلى سجون وأقسام أخرى.
وكان أسرى حركة فتح في سجن نفحة، وعددهم 120 أسيرا، قد علقوا إضرابهم المفتوح عن الطعام يوم أمس، بعد 6 أيام، وذلك لإمهال إدارة المعتقل الوقت لتحسين ظروفهم الاعتقالية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».