مسؤولون وسياسيون عرب يدعون إلى تجنب توظيف الدين في السياسة لمواجهة خطر الإرهاب

«منتدى أصيلة» يعيد النظر في أسباب معاناة الدول العربية وتأجج الصراعات

جانب من ندوة «العرب: أن نكون أو لا نكون» في منتدى أصيلة الثقافي الدولي الـ37 («الشرق الأوسط»)
جانب من ندوة «العرب: أن نكون أو لا نكون» في منتدى أصيلة الثقافي الدولي الـ37 («الشرق الأوسط»)
TT

مسؤولون وسياسيون عرب يدعون إلى تجنب توظيف الدين في السياسة لمواجهة خطر الإرهاب

جانب من ندوة «العرب: أن نكون أو لا نكون» في منتدى أصيلة الثقافي الدولي الـ37 («الشرق الأوسط»)
جانب من ندوة «العرب: أن نكون أو لا نكون» في منتدى أصيلة الثقافي الدولي الـ37 («الشرق الأوسط»)

دعا مشاركون في ندوة «العرب: أن نكون أو لا نكون» المنظمة ضمن فعاليات منتدى أصيلة الثقافي الدولي الـ37 مساء أول من أمس في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في أصيلة، إلى ضرورة إيجاد حل لإشكالية الدين والدولة لمواجهة خطر الإرهاب والتطرف وانهيار المنطقة العربية.
واعتبرت سميرة رجب، وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة البحرينية السابقة، أن العالم العربي ما زال يشهد منذ أكثر من أربعة أعوام حربا إقليمية طائفية وتحولات دراماتيكية متصارعة تجاوزت مرحلة سقوط الأنظمة إلى عملية تدمير منهجية للثوابت والقيم والنسيج الاجتماعي وانتشال الفوضى وإنتاج دول فاشلة. وأشارت إلى أن العالم العربي لم يستيقظ بعد رغم الصدى المدوي لتصريحات مسؤول أميركي رفيع المستوى تفيد بأنه «عليكم نسيان وجود دول اسمها العراق وسوريا وليبيا في الطريق ولبنان التي تتحول إلى دولة فاشلة». ودعت سميرة رجب إلى ضرورة التوجه لمنهجية جديدة في التفكير العربي لمواجهة الأحداث والتقليل شيئا ما من جلد الذات والإصرار دائما أن ما يحدث بمجمله هو نتيجة الأوضاع الداخلية، وتساءلت «ألم يحن الوقت لتغيير أطرنا الفكرية والدخول في أطر القرن 21 ومناقشة قضايانا بمستوى الحدث الخطير المهدد لوجودنا أم سنبقى في أطر القرن الماضي؟».
ومن جانبه، ذكر واسيني الأعرج، وهو روائي وباحث جزائري وأستاذ التعليم العالي بجامعة السوربون بباريس، أنه لا خيار أمام العرب إما «أن نكون.. أو نكون»، مشيرًا إلى أنه في نهاية المطاف لا خيار إلا القبول بالتفتت والانهيار، وهو الاستسلام الكلي لما يقع اليوم، أو إدخال الذكاء والثقافة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة والقاسية. كما ذكّر الأعرج أن اتفاقية «سايس - بيكو» قسمت جزءا كبيرا من الأرض العربية ومزقتها، حيث تم إدخال الكيان الإسرائيلي، ليس كمشروع إيجاد أرض ولكن أيضا مشروع تفكيري على الأمل البعيد، لأن كل ما يحدث في هذه المنطقة مربوط بالضرورة بطبيعة هذا الكيان، مبرزا أن الأخطر الآن هو أن الكيانات أو التمزقات دخلت إلى عمق هذه الأرض وكأنه استكثرت على العرب أن تكون عندهم حتى الدويلات الصغيرة، وأنه الآن يتم تفكيك هذه الدويلات إلى جزئيات صغيرة».
أما ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير شؤون مجلس الوزراء ووزير الثقافة والإعلام سابقا، فعزا أسباب ظاهرة التمزق الذي تعيشه بلداننا اليوم إلى طبيعة النظام السياسي، وأكد أن المشكلة تكمن في تطور بناء الدولة وطبيعة النظم السياسية التي قامت فيها وتلت الاستقلال، مشيرًا إلى أن المغرب والأردن عرفا عملية بناء الدولة الجديدة وبناء النظام السياسي عكس بعض الدول العربية. وأضاف عبد ربه أن النظام السياسي هو الذي يفرض نفسه كأولوية على حساب إقامة دولة حديثة مستقلة لمواطنيها جميعا، موضحا أن هذا الأمر تطور وأحدث شرخا متزايدا بين الدولة ومؤسسات الدولة.
وبين صالح القلاب، كاتب ومحلل سياسي ووزير الإعلام الأردني سابقا، أن هناك فرقًا بين مفهوم المسلمين والإسلام السياسي، وتحدث عن الدولة والمسألة الطائفية في العالم العربي، مشيرا إلى أن الكل يعرف أن سوريا اليوم تنفجر طائفيا. كما ذكر أن «داعش» ليست ظاهرة غريبة، بل تبث في التاريخ أن هناك جماعات أو تنظيمات أخطر من الداعشيين، كانوا يقتلون الحجاج ويقطعون رؤوسهم، وأنها لم تكن في الدول العربية فقط بل وصلت أوروبا والعالم كله.
وبدورها، ذكرت بهية جواد الجشي، السفيرة بوزارة الخارجية البحرينية حاليا، أن رجال الدين في الحضارات السابقة كانت لهم السلطة والسيطرة، وأنه مع نشوء الفكر القومي بدا من الصعب المزج بين الفكر السلفي والفكر الحديث. وأفادت الجشي أن المشكلة تبدو في توظيف الدين في السياسة، مما أدى إلى التطرف والصراع، موضحة أن مفهوم الأمة «نجده واضحا في فكر الإخوان المسلمين الذين يقولون إن الأمة دين ودنيا بمعنى سيطرة الدين على جميع مفاصل الدولة، وأن حزب الله قدم هويته الشيعية وأصبح رأس حربة للنظام الإيراني». وتضيف: «إن ما نشهده من إرهاب وتطرف اليوم هو جزء من مخطط يروم إلى ضرب المجتمعات وتشتيتها»، داعية إلى ضرورة إعادة النظر في توظيف الدين في الأنظمة السياسية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».