قيادات البيشمركة تطالب الأطراف السياسية في كردستان بحل خلافاتها تفاوضيا

حذرت من تداعيات الصراعات على أمن الإقليم

قيادات البيشمركة تطالب الأطراف السياسية في كردستان بحل خلافاتها تفاوضيا
TT

قيادات البيشمركة تطالب الأطراف السياسية في كردستان بحل خلافاتها تفاوضيا

قيادات البيشمركة تطالب الأطراف السياسية في كردستان بحل خلافاتها تفاوضيا

دعا 42 من قادة قوات البيشمركة، أمس، الأطراف السياسية في إقليم كردستان إلى نبذ الصراعات السياسية غير الصحيحة وغير المناسبة، بينما بينها التي تعرض مستقبل الإقليم للخطر، وطالبوها بالعودة إلى طاولة الحوار والتفاوض والابتعاد عن النفس الحزبي في التعامل مع القضايا المطروحة للتباحث.
وجاء في رسالة وجهها هؤلاء القادة إلى رئاسات الإقليم والبرلمان والحكومة، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها: «بشهادة العالم كله، ومنذ أكثر من سنة، يدافع عشرات الآلاف من قوات البيشمركة، وعلى طول جبهة تبلغ أكثر من ألف كيلومتر، عن أرض وشعب كردستان ضد أشرس إرهابيي العصر في أصعب الظروف من البرد والحر وسهر الليالي في خنادق القتال، وضحت قوات البيشمركة حتى الآن بأكثر من 1200 مقاتل من مقاتليها وآلاف الجرحى والمعاقين، لكن مع الأسف الشديد، وفي هذه الأوضاع الحساسة والخطيرة تنشغل الأطراف السياسية في الإقليم بالصراعات غير الصحيحة وغير المناسبة، معرضين الإقليم لمصير مجهول».
وطالب الموقعون هذه الأطراف باحترام قوات البيشمركة وتضحياتها، والالتفات إلى المخاطر التي يواجهها الإقليم، من أجل الحفاظ على الموقف الموحد ووحدة الصف، والأخذ بنظر الاعتبار الأوضاع المعيشية التي يعيشها المواطن الكردي الذي يعاني يوميًا من عشرات المشكلات، داعين هذه الأطراف إلى العودة السريعة لطاولة الحوار بعيدًا عن النفس الحزبي واتخاذ الخطوات نحو حل سلمي بروح وطنية، بعيدًا عن أي تعصب قد يدفع ثمنه شعب كردستان.
بدوره، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وقائد قوات البيشمركة في محوري غرب وشرق نهر دجلة، زعيم علي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الصراعات بين الأطراف السياسية في الإقليم لها تأثير على كل فرد من أفراد المجتمع الكردستاني بشكل عام وقوات البيشمركة خاصة، فهم منزعجون مما يدور اليوم على الساحة السياسية من صراعات، لأن هدف قوات البيشمركة هو الحفاظ على الأمن وتوفير الأمان والاستقرار في الإقليم، وعندما تشعر بأن هناك خطوة ستؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، فإنها بالتأكيد ستنزعج من ذلك، لذا نحن وجهنا هذه الرسالة من منطلق الشعور بالمسؤولية، وأردنا من خلالها أن نظهر رأينا مما يحدث من صراعات سياسية اليوم في الإقليم للقادة السياسيين وخطورتها على مستقبل الإقليم، خصوصًا إذا لم تتوصل هذه الأطراف السياسية إلى توافق أو إلى أي نتيجة في نهاية الأمر، حينها قد تقع أحداث مأساوية قد تندلع حرب داخلية أو تتدهور الأوضاع في هذا الوقت الذي يشهد الإقليم فيه حربًا ضروسًا ضد إرهابيي (داعش)»، مبينًا أن «الأوضاع التي يشهدها الإقليم من الحرب ضد تنظيم داعش والأزمة الاقتصادية غير مناسبة لإثارة مسألة رئاسة الإقليم».
من جهته، قال القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، وأحد قادة قوات البيشمركة، مصطفى جاورش، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها مواطنو الإقليم إثر عدم توزيع الرواتب ونقص الخدمات، والشعور بالمسؤولية التاريخية تجاه ما يحدث، والحرص على توعية الأطراف السياسية الكردستانية، دفعت بقوات البيشمركة إلى توجيه هذه الرسالة،، فلا يمكن أن تستمر هذه الصراعات في وقت يقدم فيه أبناؤنا أرواحهم في جبهات القتال دفاعًا عن هذه الأرض، لذا طالب قادة البيشمركة جميعًا بإصلاح هذه الأوضاع»، مؤكدًا في الوقت ذاته، أنه «ليس هناك أي مشكلة في جبهات القتال، وأن الرسالة نابعة من شعور البيشمركة بمسؤوليتهم التاريخية تجاه ما يجري من أحداث على الساحة السياسية الكردية»، مضيفًا أن «على الأحزاب السياسية الجلوس معًا والتوصل إلى حل لما يجري لإخراج الناس من أزمتهم وحالة القلق التي يشهدونها بسبب هذه الصراعات».
من جانبه، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأحد قادة البيشمركة الميدانيين في محور مخمور والكوير، علي حسين، إن «قوات البيشمركة في جبهات القتال غير خاضعة لتأثيرات الأطراف السياسية في الإقليم، ولا تتدخل في الوضع الحالي في الإقليم، ولن تصبح جزءًا من تلك المشكلات، ورسالة قوات البيشمركة للأطراف السياسية هي التعامل مع الأحداث بمسؤولية وبروح وطنية، والابتعاد عن المنافسة الحزبية، فالمرحلة الحالية في الإقليم بحاجة إلى الحوار والتوافق والتفاهم حول كل القضايا».
وعن الأوضاع الميدانية في جبهات مخمور والكوير، قال حسين: «بشكل عام قوات البيشمركة تسيطر على كافة جبهات القتال مع تنظيم داعش، وتمتلك المبادرة، وقواتنا تمكنت من تحرير 95 في المائة من الأراضي الكردستانية من إرهابيي (داعش). أما المناطق الأخرى من الموصل الخاضعة للتنظيم، فإننا سنتحرك باتجاهها إذا كان لبغداد برنامج لتحريرها، وحينها سننسق مع بغداد والتحالف الدولي، فنحن لا نريد أن نكون جزءًا من المشكلات، بل نريد أن نكون جزءًا من الحل، فمشكلتنا ليست مع العرب، وليست لنا أي مشكلات مع العرب الموجودين في المنطقة، بل هناك تعاون فيما بيننا».
ويشهد الإقليم حاليًا صراعات بين الأطراف السياسية الكردية الرئيسية حول مسألة رئاسة الإقليم، حيث تطالب الأطراف الأربعة المتمثلة في الاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير، والجماعة الإسلامية، والاتحاد الإسلامي الكردستاني، بتعديل قانون رئاسة الإقليم وقدمت كل واحدة منها مشروعًا خاصًا بهذا الصدد، وتطالب في الوقت ذاته بجعل النظام السياسي في الإقليم نظامًا برلمانيًا كاملاً، وبانتخاب رئيس الإقليم داخل البرلمان وتقليص بعض صلاحيات الرئيس العسكرية والقانونية، بينما يؤكد الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم الحالي مسعود بارزاني، على ضرورة التوافق بشأن هذه المسائل كافة، وقد عبّر عن استعداده لبحث هذه المقترحات كافة.
وتشير الأوساط السياسية في الإقليم إلى أن الأطراف السياسية اقتربت من التوصل إلى حل لهذه المسألة، وقد يعلن عنه قبل 19 أغسطس (آب) الحالي، الذي تنتهي فيه ولاية الرئيس، بينما تواصل تركيا وإيران والولايات المتحدة الأميركية وساطتها بين هذه الأطراف للتوصل إلى حل توافقي يقضي ببقاء بارزاني في منصبه لعامين آخرين؛ أي حتى انتهاء الدورة البرلمانية الحالية في عام 2017، مقابل جعل النظام السياسي في كردستان العراق برلمانيًا كاملاً وتقليص بعض صلاحيات الرئيس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.