السودان: الحركة الشعبية المسلحة تجري تعديلاً في قيادة الجيش وتطيح برئيس هيئة الأركان

دعت إلى إسقاط نظام الرئيس عمر البشير عبر انتفاضة شعبية ومساندة الكفاح المسلح

السودان: الحركة الشعبية المسلحة تجري تعديلاً في قيادة الجيش وتطيح برئيس هيئة الأركان
TT

السودان: الحركة الشعبية المسلحة تجري تعديلاً في قيادة الجيش وتطيح برئيس هيئة الأركان

السودان: الحركة الشعبية المسلحة تجري تعديلاً في قيادة الجيش وتطيح برئيس هيئة الأركان

أعلنت الحركة الشعبية في السودان إعفاء رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي التابع للحركة عبد العزيز آدم الحلو وتعيين القائد جقود مكوار مرادة بديلاً عنه، لكنها أبقت الحلو في منصبه كنائب رئيس الحركة ونائبًا للقائد العام للجيش الشعبي. وشددت الحركة على أن إسقاط النظام الحاكم في السودان هو الهدف الرئيسي عبر طريق الانتفاضة الشعبية المسنودة بالكفاح المسلح، وجددت في الوقت نفسه على أنها مع الحل الشامل الذي يفضي إلى تغيير النظام وأنها ترفض الحل الجزئي للأزمة في البلاد.
وقالت الحركة الشعبية في السودان في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن اجتماعًا هامًا ضم رئيس الحركة مالك عقار ونائبه عبد العزيز آدم الحلو ونائب الأمين العام ياسر عرمان قد انعقد في منطقة تقع تحت سيطرتها في جنوب كردفان في الفترة من 30 يوليو (تموز) إلى 5 أغسطس (آب) الحالي. وأكدت أن الاجتماع قرر تعيين القائد جقود مكوار رئيسًا لهيئة أركان الجيش الشعبي التابع للحركة وقائدًا للجبهة الأولى بدلاً من عبد العزيز آدم الحلو الذي أبقي في موقعه كنائب للقائد العام ونائب رئيس الحركة. ووفقًا للبيان تم حل هيئة الأركان السابقة وتشكيل أخرى جديدة في إطار «خطة عامة لتأهيل جيش جديدة». وقال البيان إن الحلو قدم خدمات كبيرة لا تقدر بثمن للجيش الشعبي والحركة الشعبية. وأضاف: «لقد تمكن الحلو وهيئة أركانه من هزيمة قوات وميليشيات النظام على أربع سنوات متتالية».
ويعد الحلو من القيادات التاريخية للحركة الشعبية والجيش الشعبي منذ انضمامه في عام 1985 برئاسة مؤسس وزعيم الحركة جون قرنق دي مابيور، وتولى الحلو عدة مناصب خلال عمله في الجيش الشعبي لأكثر من 29 عامًا، وظل يعرف داخل منظومة الحركة الشعبية بـ«رجل المهام الصعبة»، وشغل منصب نائب والي جنوب كردفان خلال الفترة الانتقالية (2005 - 2011)، وخاض الانتخابات لمنصب الوالي ضد أحمد هارون المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2007.
وأعلنت الحركة الشعبية عن هزيمة قواتها لحملة «الصيف الحاسم» التي شنتها القوات الحكومية للعام الرابع على مواقع الحركة الشعبية على منطقتي (جنوب كردفان والنيل الأزرق) واللتين تشهدان حربًا أهلية منذ أربعة أعوام. وشددت في بيانها على أن الوضع الإنساني في المنطقتين لا يمكن حله إلا بفتح المسارات الإنسانية ووقف القصف الجوي في المنطقتين ودارفور، وكشفت عن اتصالات بين الحركة والجيش السوداني ورسائل متبادلة. وقال البيان: «لدينا موقف قديم ومعلن من الجيش السوداني قبل وبعد نظام الإنقاذ، وإن عملية تسييس قد جرت للجيش ومع ذلك لا يزال هناك تيار وطني داخله يرغب في التغيير حتى من بين الإسلاميين، لا سيما أن الجيش تم إهماله وتهميشه لمصلحة جهاز الأمن وميليشياته». وتابع: «لدينا اتصالات مع الجيش السوداني ورسائل متبادلة ونعلن أننا على استعداد للتعامل مع الجيش لإنهاء الحرب ووضع نهاية لمعاناة السودانيين ومنع البلاد من الانهيار».
ونفت الحركة مشاركتها في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس السوداني قبل أكثر من عام، وقالت إن أجهزة أمن حزب المؤتمر الوطني الحاكم حاولت في اليومين الماضيين «عبر بعض صحافييها التشويش على موقف الحركة المعلن من قضية الحوار الوطني بأن الحركة سوف تشارك فيه وأن أجهزة الأمن حددت بعض ممثلي الحركة». وأكدت أنها تؤيد الحل الشامل والحوار القومي الدستوري المفضي إلى التغيير وأن مواقفها متطابقة مع تحالف قوى نداء السودان التي تضم المعارضة السلمية والعسكرية، وأوضحت أن الحل الشامل يبدأ بوقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية ووقف القصف الجوي ضد المدنيين في المنطقتين ودارفور بالتوصل إلى وقف شامل للأعمال العدائية، وتوفير الحريات مدخل لأي حوار قومي دستوري وإشراف الآلية الأفريقية الرفيعة وعقد اجتماع تحضيري في مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا وفق قرار الاتحاد (456).



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.