سوريا: جيش الفتح على تخوم الشريط العلوي والنظام يسعى إلى تحصين اللاذقية وجبلة

تقدّم المعارضة في سهل الغاب واقترابها من قيادة عمليات «حزب الله» والقوات الإيرانية

سوريا: جيش الفتح على تخوم الشريط العلوي والنظام يسعى إلى تحصين اللاذقية وجبلة
TT

سوريا: جيش الفتح على تخوم الشريط العلوي والنظام يسعى إلى تحصين اللاذقية وجبلة

سوريا: جيش الفتح على تخوم الشريط العلوي والنظام يسعى إلى تحصين اللاذقية وجبلة

دخلت معارك الريف الجنوبي الشرقي لجسر الشغور في محافظة إدلب، وسهل الغاب في الريف الشمالي الغربي لحماة، بين القوات النظامية و«حزب الله» من جهة، والفصائل الإسلامية المعارضة من جهة أخرى، منعطفًا بالغ الدقة مع تقدّم ميداني لصالح المعارضة التي تمكنت أمس من الوصول إلى نقطة تبعد أقل من كيلومترين اثنين، عن مقر قيادة عمليات قوات النظام السوري و«حزب الله» والقوات الإيرانية في سهل الغاب، بعد معارك كرّ وفر كبّدت قوات النظام 12 قتيلاً وعشرات الجرحى.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن اشتباكات عنيفة دارت (أمس)، بين الجيش السوري النظامي ومقاتلي «حزب الله» اللبناني ومسلحين موالين لهما، وبين مقاتلي «جيش الفتح». وأكد المرصد أن «معارك عنيفة شهدها محيط قرية (البحصة) التي يقطنها مواطنون من الطائفة المرشدية، وهي تبعد أقل من 2 كلم عن مقر قيادة عمليات «حزب الله» وقوات النظام والمقاتلين الآسيويين في بلدة جورين.
وتعدّ جورين النقطة الأقرب إلى مركز قيادة عمليات النظام وحزب الله والقوات الإيرانية في سهل الغاب وجسر الشغور، التي يتم الوصول إليها منذ بدء الاشتباكات بين الطرفين.
هذا التقدم الميداني لمقاتلي المعارضة في سهل الغاب وريف جسر الشغور، يرى فيه الناطق الإعلامي باسم «تجمّع ثوار سوريا» عمر الجبلاوي، أهمية كبرى، لأنه «ينقل المعارك من ريف إدلب الذي لم يبق فيه أي وجود للنظام، إلى المناطق الداخلية في اللاذقية وجبلة، أي إلى معقل النظام». ويؤكد الجبلاوي لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام الذي خسر ريف إدلب وسهل الغاب، انتقل إلى حماية مواقعه في المناطق العلوية، بعدما جعلته المعارضة يشعر بخطر غير مسبوق، فالمعارك الآن باتت على أبواب جورين ومعاقل بشار الأسد وجماعته، جازمًا بأنه «لم تبق أي بلدة سنية في إدلب وسهل الغاب من دون تحرير، لذلك فإن المعركة باتت الآن على أبواب جورين التي أضحت تحت مرمى نيران «جيش الفتح» وعلى أطراف الشريط العلوي الذي يسعى النظام إلى تحصينه، خصوصًا وأن عمليات نزوح بدأت من القرى العلوية التي باتت تحت مرمى المعارضة إلى داخل مدينتي اللاذقية وجبلة، اللتين تقعان تحت السيطرة الكاملة للنظام. وكشف الجبلاوي عن «خلافات كبيرة وصلت إلى حد استخدام السلاح بين النظام ومؤيديه من الطائفة العلوية الذين يرفضون زج أبنائهم في المعارك ويمنعونهم من الالتحاق بالخدمة العسكرية للنظام».
أما في البعد العسكري لاقتراب الفصائل المقاتلة من مقرّ قيادة عمليات «حزب الله» والقوات الإيرانية، فيشير الجبلاوي إلى أن «القوة البشرية والعسكرية الموجودة في متناول جيش الفتح، باتت أكبر من القوة النارية والبشرية لدى النظام وحزب الله، ولولا سلاح الطيران لكانت الأمور تغيرت على الأرض منذ زمن»، معتبرًا أن الوصول إلى نقطة قريبة جدًا من غرفة عمليات «حزب الله» هي رسالة واضحة بأن الثوار قادرون على تحرير كل الأراضي السورية. وأكد أن انتقال المعارك إلى قلب القرى العلوية سيدفع بالدول المعنية بالأزمة السورية إلى اتخاذ إجراءات سريعة، لوقف هذه المعركة، والحؤول دون التوغل داخل البلدات العلوية تجنبًا لوقوع مجازر فيها.
وكان ناشطون تحدثوا عن «اشتباكات عنيفة دارت في محيط المشيك والزيارة وتل واسط والمنصورة وفورو في سهل الغاب. وأشاروا إلى أن «المعارك كانت عبارة عن عمليات كرّ وفرّ تمكن خلالها مقاتلو الفصائل من استعادة نقاط كانت قوات النظام سيطرت عليها يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وأسفرت هذه الاشتباكات عن إعطاب عدة آليات ودبابات وعربات مدرعة للنظام بواسطة صواريخ التاو الأميركية الصنع، ومقتل ما لا يقل عن 12 عنصرًا نظاميًا وعشرات الجرحى، واستشهاد 9 مقاتلين من الفصائل الإسلامية في سهل الغاب وريف جسر الشغور».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.