إنقاذ 400 مهاجر وفقدان أكثر من مائتين قبالة الشواطئ الليبية

سبع سفن تشارك في عملية الإغاثة.. وعدد ضحايا البحر المتوسط يتخطى عتبة الألفين

سفينة خفر السواحل الإيطالي «ميشيل فيوريلو» تشارك في عملية البحث عن المفقودين بعد حادثة غرق زورق صيد مكتظ بمهاجرين قبالة سواحل ليبيا يوم أمس (رويترز)
سفينة خفر السواحل الإيطالي «ميشيل فيوريلو» تشارك في عملية البحث عن المفقودين بعد حادثة غرق زورق صيد مكتظ بمهاجرين قبالة سواحل ليبيا يوم أمس (رويترز)
TT

إنقاذ 400 مهاجر وفقدان أكثر من مائتين قبالة الشواطئ الليبية

سفينة خفر السواحل الإيطالي «ميشيل فيوريلو» تشارك في عملية البحث عن المفقودين بعد حادثة غرق زورق صيد مكتظ بمهاجرين قبالة سواحل ليبيا يوم أمس (رويترز)
سفينة خفر السواحل الإيطالي «ميشيل فيوريلو» تشارك في عملية البحث عن المفقودين بعد حادثة غرق زورق صيد مكتظ بمهاجرين قبالة سواحل ليبيا يوم أمس (رويترز)

أعلنت قوات خفر السواحل الإيطالية فقدان أكثر من مائتي مهاجر بعد ظهر الأربعاء قبالة الشواطئ الليبية بعد غرق زورق صيد مكتظ بمهاجرين باحثين عن وسيلة للعبور إلى أوروبا.
ونجحت عملية إغاثة مكثفة في إنقاذ 400 من الناجين كما نقلت 25 جثة، بحسب آخر حصيلة لقوات خفر السواحل الإيطالية، إلا أنه بحسب عدد من المصادر كان المركب يقل أكثر من 600 شخص. وتشارك سبع سفن إغاثة في عمليات الإنقاذ مدعومة بطوافات ألقت في مكان الحادث زوارق مطاطية لمساعدة المهاجرين الغرقى.
وقد تكون حادثة الغرق هذه الأسوأ منذ أبريل (نيسان) الماضي، حين لقي 800 مهاجر حتفهم غرقًا، وهي تأتي غداة إعلان منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من ألفي لاجئ لقوا حتفهم العام الحالي في البحر المتوسط.
وأوضحت قوات خفر السواحل الإيطالية أن عناصرها تلقوا نداء استغاثة من قطانية في صقلية، فعمدوا إلى تحويله على مركزهم في روما الذي ينسق عمليات إغاثة زوارق المهاجرين في جنوب إيطاليا. وعلى الفور، توجهت إلى الموقع سفينتان كانتا في المنطقة على بعد نحو 15 ميلاً من السواحل الليبية، الأولى «ديغنيتي» تستخدمها منظمة أطباء بلا حدود والثانية تابعة للبحرية الآيرلندية. ووصلت السفينة الآيرلندية أولاً، وعمدت إلى استخدام زورقين مطاطيين للاقتراب من مركب الصيد، لكنه سرعان ما انقلب بسبب اكتظاظه بالمهاجرين. وبحسب فيديريكو فوسي، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في إيطاليا، فإن البحر كان هادئًا جدًا، إلا أن المركب غرق بسرعة لأنه من معدن، والأرجح أن كثيرًا من المهاجرين لا يزالون عالقين بين حطامه.
ومن جهتها، كتبت منظمة أطباء بلا حدود على حسابها في «تويتر» أن: «الطاقم على متن (ديغنيتي) يؤكد أن كثيرين لقوا حتفهم بطريقة مأسوية، لكن ليس لديه أي أرقام حتى الآن».
وصباحًا، أعلنت الناشطة الإيطالية نوال سوفي أنها تلقت نداء استغاثة قرابة الساعة السابعة صباحًا من مركب معدني يقل نحو 600 شخص، وعمدت إلى تحويله إلى خفر السواحل في قطانية. وغرق هذا المركب قبالة سواحل مدينة زوارة الليبية القريبة من الحدود التونسية، وكان على متنه عائلات وأطفال. إلا أن المياه دخلت غرفة المحركات ولم يعد بإمكان المركب التقدم.
ورجح خفر السواحل أن يكون المركب هو نفسه الذي تعرض للحادث. وليس معروفًا إلى أي ميناء سيتم نقل الناجين، ففي حادث أبريل، على سبيل المثال، نقلت جثث المهاجرين إلى مالطا بينما نقل الناجون إلى صقلية، بعد نحو 48 ساعة على الغرق. وعلى الرغم من التعزيزات التي تلقتها عملية الإغاثة الأوروبية «تريتون»، والتي تبقى وسائلها وإمكاناتها شبيهة بالعملية الإيطالية السابقة «ماري نوستروم»، إلا أن الظروف التي يحاول فيها المهاجرون عبور المتوسط تجعل جميع الرحلات محفوفة بالخطر.
وخلال الأسابيع الماضية، وجدت في المراكب التي تم إنقاذها جثث تعود لكثير من المهاجرين الذين لقوا حتفهم جراء التجفاف.
وبحسب منظمة الهجرة الدولية، فإن عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم منذ بداية 2015 أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط إلى أوروبا تخطى عتبة ألفي قتيل، متجاوزًا عدد الضحايا المسجلين خلال الفترة نفسها من سنة 2014. وأفادت المنظمة أن نحو 188 ألف مهاجر وصلوا منذ يناير (كانون الثاني) إلى أوروبا ولا سيما إلى اليونان وإيطاليا عبر المتوسط، متوقعة أن «يصل العدد سريعًا» إلى مائتي ألف شخص خلال الأيام المقبلة.
وفي ظل هذه التصريحات، أعرب رئيس المفوضية الأوروبية، جون كلود يونكر، عن خيبة أمله حيال صعوبة التوصل إلى اتفاق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وفي محاولة لامتصاص غضب سكان العاصمة الليبية طرابلس من تصاعد حدة أزمة العيش بسبب عودة الطوابير والازدحام للحصول على وقود السيارات، بالإضافة إلى الانقطاع المزمن للكهرباء، وعجز البنوك عن توفير مرتبات العاملين في الأجهزة الحكومية، قال خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، إن حكومته تسعى جاهدة لحل جميع المشكلات التي تمر بها البلاد بكل ما لديها من إمكانات، وأعلن في مؤتمر صحافي بثته وكالة الأنباء الموالية لحكومته، أنه تمت إحالة مرتبات الشهر الماضي إلى مصرف ليبيا المركزي، تمهيدًا لصرفها اعتبارًا من بداية الأسبوع القادم، مضيفًا أنه تم اتخاذ الإجراءات السريعة اللازمة بتوريد دقيق المخابز بما يغطي نهاية العام الحالي، وأن كميات الوقود كافية بما يغطي الفترة القادمة.
وكانت الشركة الليبية للحديد والصلب قد أعلنت، أمس، رسميًا، عن توقف جميع مصانعها، دعمًا للشبكة العامة للكهرباء واستجابة لطلب حكومة الغويل المدعومة من ميليشيات «فجر ليبيا» المتطرفة، التي تسيطر على العاصمة طرابلس بقوة السلاح منذ صيف العام الماضي.
في غضون ذلك، أعلن مجلس مصراتة البلدي عن تكليف قوة أمنية نظامية تتمتع بالصفة الضبطية القضائية، ومخول لها استعمال القوة عند الضرورة ورفع الغطاء الاجتماعي عن كل من يعتدي على مرافق الدولة، ومؤسساتها خاصة المستشفى المركزي بالمدينة.
وقال المجلس إن هذا الأمر يستند إلى قرار المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، بإعلان حالة النفير العام، ومن خلال متابعته لمعاجلة الوضع المتردي بالمستشفى، وأمام عدم إيفاء الحكومة بتعهداتها في حماية مؤسسات الدولة.
من جهة ثانية، دخلت أمس سفن تابعة لقوات البحرية الإيطالية والآيرلندية عملية إنقاذ واسعة النطاق لإنقاذ الناجين من قارب انقلب في البحر المتوسط قبالة سواحل ليبيا، وعلى متنه نحو 700 شخص، معظمهم مهاجرون من أفريقيا.
والتزمت السلطات الليبية الصمت، ولم تعلن عن أي أرقام بشأن عدد الضحايا، أو الناجين من الحادث، بينما أكد متحدث باسم خفر السواحل الإيطالية، انقلاب القارب المكتظ بالركاب قبالة ساحل ليبيا لدى اقتراب السفن لإنقاذه، كما تحدثت تقارير عن انتشال نحو مائة ناج من الماء على الفور.
وكان المركب المحمل بأكثر من طاقته وجه نداء استغاثة إلى خفر السواحل في صقلية، حولوا النداء إلى مركزهم في روما الذي ينسق عمليات إغاثة كل زوارق المهاجرين في جنوب إيطاليا. وعلى الفور، توجه إلى الموقع مركبان كانا في المنطقة على بعد نحو 15 ميلاً من السواحل الليبية، الأول تستخدمه منظمة أطباء بلا حدود والثاني تابع للبحرية الآيرلندية.
وعمدت السفينة الآيرلندية التي وصلت أولاً إلى استخدام زورقين مطاطين للاقتراب من مركب الصيد، لكنه سرعان ما انقلب، بينما أوضح متحدث باسم خفر السواحل أن هذه الزوارق تقل عمومًا عددًا كبيرًا من المهاجرين، بحيث يكفي أن ينهض عدد منهم في الوقت نفسه لينقلب الزورق. وقد سمحت عمليات الإغاثة بانتشال أكثر من مائة ناج، بينما أرسلت أربعة زوارق إنقاذ إضافية إلى المكان.
وكانت الناشطة الإيطالية نوال سوفي، قد أعلنت أنها تلقت نداء استغاثة من مركب يقل نحو 600 شخص، حيث رجح خفر السواحل أن يكون المركب هو نفسه الذي تعرض للحادث.
وطبقًا لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة لقي أكثر من ألفي مهاجر ولاجئ حتفهم حتى الآن هذا العام أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا، باستخدام القوارب، مقابل 3279 حالة وفاة خلال العام الماضي بكامله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.