التحرش!

ميرزا الخويلدي
ميرزا الخويلدي
TT

التحرش!

ميرزا الخويلدي
ميرزا الخويلدي

قبل نحو عامين أجرت «تومسون رويترز»، وهي وكالة أنباء عالمية تأسست من اندماج شركتي «تومسون» و«رويترز»، استطلاعًا في العالم العربي شمل 336 خبيرا في مجال قضايا المرأة لوقوف على طبيعة التحديات التي تعترض المرأة العربية.
الاستطلاع تناول قضايا مثل التحرش الجنسي، وزيادة العنف الموجه ضد المرأة، وغير ذلك، لكن النتائج التي خلصت إليها دقت جرس الإنذار، لما تعانيه المرأة في عموم المنطقة العربية، وخصوصا فيما يتعلق بالتحرش والعنف الموجه لها.
ما هي أفضل دولة عربية تعيش فيها المرأة وضعًا «مرتاحًا»..؟ الجواب بحسب نتائج الاستطلاع: جزر القمر. حيث تشغل المرأة 20 في المائة من المناصب الوزارية وتحتفظ الزوجة عادة بالأرض أو المنزل في حالة الطلاق، تليها سلطنة عمان ثم الكويت فالأردن وقطر.
في السعودية، ينشغل الرأي العام منذ أيام بقضية «التحرش»، وهو اشتغال إيجابي وحميد، حيث ينبغي للمجتمع ونخبه الثقافية الاشتغال بمثل هذه المناقشات التي من شأنها تطوير المجتمع وبناء مؤسساته، وممارسة الرقابة على عمل الأجهزة. ومن بين هذه الأجهزة بالطبع مجلس الشورى الذي أخفق للمرة الثانية في سنّ التشريعات المطلوبة لحماية المجتمع، في المرة الأولى لم يتمكن المجلس من سنّ تشريع يجرم الكراهية ويحمي المجتمع، واليوم لا يملك حلاً لقضية التحرش التي تشغل الرأي العام، للعلم هناك 30 امرأة في مجلس الشورى من أصل 150 عضوا.
في استطلاع «رويترز»، المرأة في السعودية تأتي في المرتبة الثالثة في سجل المعاناة، وثمة أرقام فظيعة تظهر تنامي قضايا التحرش التي أصبحت «ظاهرة»، وهناك من يخشى ملامسة هذه القضية حتى لا تقوده بالضرورة لسنّ قوانين المساواة بين الجنسين، أو التعرض لقضية الاختلاط. بل هناك من يلوم المرأة حين تقع فريسة للتحرش، بدعوى التساهل في ضرورات الحشمة والعفاف. ولكن الحقيقة أن الغالبية العظمى من قضايا التحرش تحدث في مجتمعات وبيئات محافظة وضحاياها هنّ من النساء والبنات المتشحات بالسواد، والنسبة الأقل تحدث في دول متحررة كالسويد مثلاً.
التحرش هو قضية فكرية وثقافية في مجتمع ذكوري لا يعرف المرأة إلا باعتبارها فريسة لنزوات وسطوات الرجل. والمرأة هي الحلقة الأضعف في دائرة القهر الاجتماعي.
لماذا يحدث التحرش في بلد متدين ومحافظ؟ لأن العلاقة بين الجنسين غير متكافئة، وغير منظمة، ثمة سلطة مفرطة وفائض قوة يتمتع به الذكور، أمام ضعف هائل تعيشه الإناث. هذا الوضع يقود بالضرورة إلى اختلال الموازين.
جانب من الحلّ يكمن في اللجوء للقانون، وسدّ الفراغ التشريعي الذي يجعل الرجل آمنا من العقاب في نزواته الموجهة للمرأة. بل هناك حاجة الصرامة في حماية الفئات الأكثر ضعفًا. لكن الجانب الآخر يكمن في تعديل موازين القوة لكي تتمكن المرأة من أخذ وضعها الطبيعي المتساوي مع الرجل في المجتمع، بحيث لا يتاح له التعدي على حقوقها لأنها لم تعد أقل شأنًا أو أضعف جانبًا، ولم تعد المنطقة الرخوة التي تفرغ عندها عقد النفسيات أو اهتراء الثقافات.
وعند الثقافات تكمن علة العلل، فلا بد من صياغة ثقافة جديدة تعيد للمرأة مكانتها كشريك متساوٍ مع الرجل وليست جناحًا مهيضًا. الثقافة لا تتكون بالكلمات ولا بالخطب، ولكن عبر طريق طويل يبدأ من «تمكين» المرأة لأخذ دورها الكامل في مجتمعها، و«تقنين» سلطة الرجل.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.