دخلت العلاقة بين الحليفين المفترضين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري منعطفا جديدا، بعد إعلان الأخير أنّه لن ينتخب عون رئيسا للجمهورية ردا على اعتباره المجلس النيابي الحالي «غير شرعي»، كونه مدد ولايته مرتين متتاليتين.
وإذا كان عون يسعى ومنذ سنوات لدى خصومه السياسيين وبالتحديد تيار «المستقبل» وحزب «القوات» لإقناعهم بالتصويت له للرئاسة، بات عليه اليوم العمل على خط حليفه بري لإقناعه بالرجوع عن موقفه الهجومي الأخير الذي يهدد استمرار التحالف بينهما، والذي بدأ واستمر هشا طوال الأعوام الماضية وعلى قاعدة «حليف الحليف»، بإشارة إلى حزب الله.
ورأى سليم عون، القيادي في «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه العماد عون، أن كلام بري وربط انتخاب الأخير رئيسا للجمهورية بمواقفه من المجلس النيابي الحالي: «في غير مكانه» داعيا رئيس المجلس النيابي ليكون «سندا للمسيحيين باستعادة حقوقهم لا أن يشجع الخصم الذي ينهب هذه الحقوق في الاستمرار بهذه العملية ويؤمن له المنافذ للهروب»، مشيرا في هذا السياق إلى تيار «المستقبل» الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.
وقال عون لـ«الشرق الأوسط»: «ما يجمعنا بالرئيس بري قد يكون أعمق من ورقة التفاهم التي تجمعنا بحزب الله أو إعلان النوايا الذي يجمعنا بالقوات، فنحن نلتقي معه على تعاليم الإمام موسى الصدر الذي دفع ثمن تمسكه بالتعايش الإسلامي - المسيحي وجهوده للحفاظ على المسيحيين، لذلك المطلوب من رئيس المجلس اليوم أن يستمر على هذا الخط فلا نضيّع الأمور الاستراتيجية وتفاهمنا على خيارنا الاستراتيجي بمقاومة إسرائيل والجماعات التكفيرية، في الزواريب السياسية الصغيرة».
وشدّد عون على أن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح لم ولن يستجدي الرئاسة فهي ليست منّة من أحد»، وأضاف: «نحن لنا حقوق لن نسمح بعد اليوم بنهبها والاستمرار بالنهج الحالي، فما يريدون أن يطبقوه على رئاسة الجمهورية ليبدأوا بتطبيقه على رئاسة الحكومة ورئاسة المجلس النيابي، فالمسيحيون في لبنان ليسوا مواطنين درجة ثانية بل من مؤسسي هذا البلد وعلى هذا الأساس يجب أن يعاملوا وفق مبدأ المناصفة الحقيقية والفعلية».
وتفاقمت الخلافات بين عون وبري في الفترة الماضية وعلى أكثر من ملف، ولكن الأمور خرجت عن نصابها أخيرا على خلفية الأزمة الحكومية المستجدة ورفض بري طريقة تعاطي عون معها لجهة تحريك الشارع لفرض إتمام التعيينات الأمنية.
وأعلن بري أخيرا أنّه ورئيس الحكومة تمام سلام واحد، موجها بذلك رسالة واضحة لعون مفادها أن الدفع باتجاه استقالة الحكومة، ممنوع.
وأوضح ياسين جابر، النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري أن المواقف الأخيرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي «ليست جديدة»، لافتا إلى أنها «تندرج بإطار توصيف الواقع الحالي خاصة أن البلد شارف على أن يضيع من بين أيدينا».
وأشار جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّه «وبمقابل الملفات الكثيرة التي تجمع الرئيس بري بالعماد عون، إلا أن هناك بالمقابل مواضيع كثيرة يختلفان عليها، إن كان مسألة مقاربة الرئاسة أو عمل المؤسسات وعلى رأسها الحكومة». وتساءل: «من يتحمل مسؤولية وصول الفراغ إلى الحكومة الحالية ونحن نعيش أصلا في فراغ في معظم المؤسسات العامة ما يهدد بدمار البلد؟». وأضاف: «نحن نكافح الإرهاب كونه خطرا وجوديا، ولكن ألا يندرج أيضا ما يحصل على مستوى التعاطي السياسي بإطار الخطر الوجودي؟».
وشدّد جابر على أن بقاء واستمرارية هذه الحكومة بمثابة «أولوية» بالنسبة للرئيس بري، لافتا إلى أن ما أعلنه أخيرا بمثابة «صرخة تحذير مما قد يؤدي إليه استمرار الأوضاع والممارسات على ما هي عليه».
من جهته، نبّه وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، المحسوب على بري، من «صعوبة ودقة المرحلة التي تمر بها المنطقة ولبنان»، داعيا لـ«التنبه والحذر والعمل بحكمة وبعد نظر».
وسأل زعيتر في بيان: «ما المصلحة الوطنية من استمرار ما يجري، وقد بات مؤذيا أكثر مما نتخيل، فضلا عن اهتراء اقتصادنا؟ وأين مصلحة الناس والوطن مما يحصل؟» وأشار إلى أن «اللحظة السياسية لا تحتمل أي مغامرة أو خطوة ناقصة لا تعرف أين تأخذ الوطن، لذلك المسؤولية تقع على عاتق الجميع الذين يفترض بهم الوقوف عند حدود الخطر إن كان على صعيد الاقتصاد أو عمل المؤسسات والإرهاب».
بري يعمق أزمة عون الرئاسية بإعلانه الصريح عدم انتخابه
قيادي في التيار الوطني الحر لـ(«الشرق الأوسط») : كلامه في غير مكانه
بري يعمق أزمة عون الرئاسية بإعلانه الصريح عدم انتخابه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة