العبادي يتهم أطرافًا سياسية باستغلال «الحشد الشعبي»

رئيس الوزراء العراقي يكرر دعمه للمتظاهرين

أطفال يواجهون موجة الحر الشديدة في مدينة البصرة جنوب العراق بقطرات من المياه  في أحد شوارع المدينة أمس حيث فاقت درجة الحرارة 45 درجة مئوية أمس (إ.ب.أ)
أطفال يواجهون موجة الحر الشديدة في مدينة البصرة جنوب العراق بقطرات من المياه في أحد شوارع المدينة أمس حيث فاقت درجة الحرارة 45 درجة مئوية أمس (إ.ب.أ)
TT

العبادي يتهم أطرافًا سياسية باستغلال «الحشد الشعبي»

أطفال يواجهون موجة الحر الشديدة في مدينة البصرة جنوب العراق بقطرات من المياه  في أحد شوارع المدينة أمس حيث فاقت درجة الحرارة 45 درجة مئوية أمس (إ.ب.أ)
أطفال يواجهون موجة الحر الشديدة في مدينة البصرة جنوب العراق بقطرات من المياه في أحد شوارع المدينة أمس حيث فاقت درجة الحرارة 45 درجة مئوية أمس (إ.ب.أ)

انتقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أطرافا سياسية عراقية بسبب محاولة بغضها استغلال وجود «الحشد الشعبي» لحسابات سياسية. وصرح العبادي أمس بأن «تعاون وتضافر جهود الجميع من كتل سياسية ووسائل الإعلام سيسير بالبلد إلى الإصلاح وبر الأمان، لكننا نرى أن هناك تصارعا بين الكتل على المناصب وحتى التضحيات للأبطال المقاتلين أصبحت مثار صراع بين الكتل». وأشار إلى أن فتوى «المرجعية الدينية كانت للتطوع لـ(الجهاد) الكفائي تحت مظلة الدولة وعلم الدولة وأن المنظومة الأمنية واحدة لا تتجزأ، وبالتالي على الجميع إلى العمل بروح الفريق الواحد لأن التعاون أفضل من الصراع».
واتهم العبادي أمس «أطرافا سياسية» لم يسمها بالوقوف ضد الإجراءات الإصلاحية التي قال: إن حكومته تسعى إلى تطبيقها. وقال العبادي خلال كلمة له في المؤتمر الأول لـ«التعايش بين الشباب» إن «أي خطوة نخطوها للإصلاح تقابل بالرفض ومنها ما يتعلق بتخفيض رواتب المسؤولين وكذلك شمول المسؤولين بالقطع المبرمج للكهرباء». وأضاف العبادي أن «البلاد تواجه تحديا خطيرا متمثلا بخطر العصابات الإرهابية الظلامية والتي يواجهها أبطالنا في جبهات القتال تحت الحر الشديد من أجل كرامة ووحدة بلدنا وأبنائه». وجاءت كلمة العبادي في وقت يشهد العراق مظاهرات يومية منذ الأسبوع الماضي في مدن عدة على تردي الخدمات في البلاد وسط غضب شعبي من إهدار المال العام والرواتب العالية للمسؤولين.
وجدد العبادي تأييده للمظاهرات الجماهيرية المتواصلة في عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية بالإضافة إلى بغداد، قائلا: «إننا لا نريد أن نسكت صوتا يعترض وإننا معهم من أجل تحسين الخدمات والإصلاح وقد أصدرنا أوامرنا للقوات الأمنية بضرورة حسن التعامل مع المتظاهرين وأن القوات الأمنية التي تقاتل في جبهات القتال هي من حمت المتظاهرين وأن العامل المشترك بينهما يتمثل بخدمة الوطن والمواطن». كما أكد العبادي أنه «بات من الأهمية تفعيل مبدأ من أين لك هذا للجميع وأن تقوم هيئة النزاهة بتشكيل فرق خاصة للتحقق من الأموال». وأوضح أن «أي خطوة نخطوها للإصلاح تقابل بالرفض ومنها ما يتعلق بتخفيض رواتب المسؤولين وكذلك شمول المسؤولين بالقطع المبرمج للكهرباء»، عادا أن «الهدر الأكبر للثروات يتمثل بسوء التخطيط والتنظيم المتبع في تنفيذ المشاريع».
وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون محمد الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «العبادي تسلم السلطة في ظروف صعبة حيث كان تنظيم داعش على أسوار بغداد كما أن المؤسسة العسكرية كانت شبه منهارة والفساد ينخر كل مفاصل الدولة وسوء الخدمات وسوء الإدارة يضاف إلى ذلك فتور في العلاقات الإقليمية والدولية وما هو موجود منها لم يجر توظيفه بطريقة صحيحة في توحيد الموقف العراقي حيال ما يجري». وأضاف الشمري الذي ينتمي والعبادي إلى نفس الكتلة (دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي والتي تشهد انقسامات وخلافات حادة بين عدد من أقطابها) أن «العبادي جاء مكبلا بقيود وثيقة الاتفاق السياسي وهو ما يعني استمرار الشراكة والمشاركة في السلطة على قاعدة المحاصصة والتوافقات والتي من شأنها إجهاض أي مشروع حقيقي للإصلاح». وأوضح الشمري أن «العبادي كان يتعين عليه مواجهة كل هذه التحديات جملة واحدة وهو بالفعل بدأ بخطوات معينة في محاربة الفساد وسوء الإدارة كما أنه عمل على بث روح جديدة في العلاقة بين أطراف العملية السياسية من خلال إعادة جسور الثقة مع جميع المكونات السياسية من خلال رغبته في استيعاب الجميع».
وردا على سؤال بشأن الاتهامات لأطراف من داخل البيت الشيعي في محاربتها للعبادي، قال الشمري إن «هذا صحيح حيث إن خطوات العبادي الإصلاحية كشفت خللا في الدولة وبالتالي فإن الأطراف المتضررة والتي كانت جزءا من آلية الفساد لم يرق لها هذا الأمر فبدأت تتحرك بروح أنانية من أجل الوقوف بوجه هذه الإصلاحات حيث إنه عندما تنتصر الأنانية والمصالح الشخصية فإن هذا مدعاة لأن يتحرك من يعتقد أن هذه الإصلاحات ستطاله يوما في محاولة عرقلتها وبعضهم بالفعل أطراف داخل التحالف الوطني الذي ينبغي أن يكون أكثر حرصا من سواه على نجاح رئيس الوزراء لأن هذا النجاح يسجل له».
لكن وزير شؤون المحافظات الأسبق عضو البرلمان العراقي السابق القاضي وائل عبد اللطيف أكد من جانبه لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي يتوجب فيه على القائد الناجح أن لا يتأثر بما يقوله هذا الطرف أو ذاك أو يشكو من هذه الحالة أو تلك حيث يمكنه إسكاتهم جميعا بالإجراءات الناجحة والخطط السليمة التي يجب أن تكون دستورية وقانونية بالدرجة الأساس ولكن لا بد من التأكيد هنا أن (نوري) المالكي لعله أول من يسعى لعرقلة جهود العبادي الإصلاحية». وأضاف عبد اللطيف أن «السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل كل قرارات العبادي صحيحة حتى يشكو الآخرين؟ الجواب لا، حيث إن العبادي مثلا أقدم وبأمر ديواني على تنظيم راتب رئيس الجمهورية بينما يجب أن ينظم ذلك بقانون لا بأمر من رئيس الوزراء ثم إن هناك ثلاثة قوانين للرواتب بدءا من رئيس الجمهورية ونوابه إلى رئيس الوزراء والنواب والدرجات الخاصة نقضتها المحكمة الاتحادية ولكن لم يجر التعامل معها بطريقة صحيحة». وأضاف أن «وجود ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية ومثلهم لرئيس الوزراء إنما يمثل هدرا بالمال العام لأن هؤلاء تخصص لهم موازنة تشغيلية وليس فقط رواتبهم أو مخصصاتهم بل حتى لو بقينا في إطار الرواتب فإنه إذا كان راتب الوزير 12 مليون دينار عراقي فإن مخصصاته تفوق الخمسين مليونا». وأكد وجود «أبواب للإنفاق لا تخطر على بال وهي تحتاج إلى معالجات وليس إلى شكاوى لأن المسؤول يجب عليه اتخاذ إجراءات بينما نحن المواطنين ممن لا نمتلك قرارا من حقنا نشكو».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.