القاهرة وواشنطن تتكاشفان حول كل القضايا.. وتتفقان على مضاعفة جهود مواجهة الإرهاب

كيري: ندرك أن إيران هي الدولة الأولى الراعية للإرهاب.. لكن الاتفاق النووي سيجعل المنطقة أكثر أمنًا

جانب من المؤتمر الصحافي بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي جون كيري في القاهرة أمس (رويترز)
جانب من المؤتمر الصحافي بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي جون كيري في القاهرة أمس (رويترز)
TT

القاهرة وواشنطن تتكاشفان حول كل القضايا.. وتتفقان على مضاعفة جهود مواجهة الإرهاب

جانب من المؤتمر الصحافي بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي جون كيري في القاهرة أمس (رويترز)
جانب من المؤتمر الصحافي بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي جون كيري في القاهرة أمس (رويترز)

وضعت القاهرة وواشنطن الملفات الإقليمية والعلاقات الثنائية أمس على مائدة حوار حرص وزيرا خارجية البلدين على تأكيد أنه جرى في إطار «غاية في الصراحة». وبينما قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إنه «لا خلافات كبيرة مع واشنطن، لكن بعض التباين بوجهات النظر»، أوضح كيري أن بلاده ملتزمة بقوة بدعم علاقاتها بمصر، رغم التوترات والمخاوف بشأن حقوق الإنسان، مشددا على إدراك واشنطن أن إيران هي الدولة الأولى الراعية للإرهاب، لكنه تمسك بوجهة نظر بلاده أن الاتفاق «سيجعل المنطقة أكثر أمنًا».
وشهدت وزارة الخارجية المصرية نشاطًا مكثفًا لأعمال لجنتي الحوار الاستراتيجي بين البلدين والتي استؤنفت في العاصمة المصرية أمس بعد توقف دام 6 سنوات، بمشاركة ممثلين عن مختلف المؤسسات الحكومية في الدولتين، حيث دار النقاش حول التعاون الشامل في مختلف المجالات، وناقش تفاصيل الأوضاع الإقليمية المتوترة، كما جرى التوافق على مضاعفة الجهود المشتركة في مواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة.
وبينما أكد شكري أنه لا خلافات كبيرة مع واشنطن، ملمحًا إلى وجود تباين في وجهات النظر بالنسبة لعدد من الملفات الداخلية والإقليمية، أوضح كيري أن واشنطن ملتزمة بقوة بدعم علاقاتها بمصر، وأن العلاقة المشتركة بين البلدين قائمة على الوعي والإدراك الكامل للمصالح المشتركة وأهمية التعاون لمكافحة الإرهاب، وأن الولايات المتحدة ومصر تعودان إلى قاعدة قوية للعلاقات رغم التوترات والمخاوف بشأن حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن القاهرة وواشنطن تدركان أن إيران تشارك في زعزعة استقرار المنطقة، وأنه سوف يناقش مع نظرائه في دول الخليج العمل معًا لضمان أمن المنطقة.
وأكد كيري، أن «واشنطن تعتبر إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم»، وأن الولايات المتحدة اتخذت خطوات للتعامل مع هذه الحقيقة.. لكنه قال إنه «لا يوجد شك على الإطلاق في أنه إذا طبقت خطة فيينا (الاتفاق النووي)، ونزع السلاح النووي من إيران، فإن ذلك سيجعل مصر وكل دول المنطقة أكثر أمنًا واستقرارًا»، مشددا على أنه «إذا لم يلتزم الإيرانيون؛ فكل الخطوات متاحة ومفتوحة في المستقبل لدعم هذه القضية».
وأكد كيري في المؤتمر الصحافي الختامي أنه أجرى محادثات اتسمت بالصراحة الشديدة مع المسؤولين المصريين في مختلف المحاور، وهو ما أكده شكري بدوره قائلا إن الحوار المصري - الأميركي جرى في أجواء إيجابية عكست طبيعة العلاقات الاستراتيجية والسعي إلى تعزيزها على أساس الاحترام المتبادل، وذلك من خلال آلية الحوار الذي سيعقد كل عامين أو كلما دعت الحاجة والتطورات إلى ذلك.
وأشار الوزير المصري إلى أنه ناقش مع كيري أيضًا اهتمام البلدين المشترك بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومشددًا على أنه «لا يوجد في مصر صحافيون محبوسون بسبب طبيعة عملهم أو بسبب أي مشكلة متعلقة بحرية التعبير».
وأضاف شكري أن الحوار ساهم في مراجعة أوجه العلاقات الثنائية المختلفة، بالإضافة إلى طرح أفكار جديدة تحدد مسار العلاقات مستقبلاً، خاصة في المجالات العسكرية، بالإضافة إلى محور قناة السويس والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وردا على سؤال حول موضوع المساعدات والشروط التي تفرضها أميركا على مصر، قال كيري إن «هناك توافقًا وتصحيحًا للكثير من سوء الفهم، وحوار اليوم عكس الكثير من الأشياء البناءة.. وواشنطن ملتزمة بتقديم كل الدعم العسكري لمصر بما في ذلك تدريبات (النجم الساطع)».
وكانت الولايات المتحدة قد علقت مشاركتها في المناورة العسكرية «النجم الساطع» في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، كما علقت مساعداتها العسكرية إلى مصر بعد ثورة 30 يونيو (حزيران)، قبل أن تقرر رفع التجميد في مارس (آذار) الماضي. وتسلمت مصر الأسبوع الماضي دفعة جديدة من مقاتلات من طراز إف - 16 ضمن صفقة أبرمت قبل ثورة 25 يناير.
من جانبه، أعرب كيري عن ثقته في أن الانتخابات البرلمانية المصرية المقبلة لن تستثني أيًا من الأطراف السياسية السلمية، مشيرًا إلى أنه اتفق مع شكري على أهمية أن تكون الانتخابات البرلمانية المقبلة حرة ونزيهة وشفافة، وأن شكري أبلغه بأن الانتخابات ستجري في أوائل الخريف. إلا أن شكري كان واضحًا في رده على أسئلة الصحافيين باعتبار أن «جماعة الإخوان مثل (داعش) و(النصرة) و(بوكو حرام)، وكل التنظيمات التي ترتكب العنف من أجل الوصول إلى السلطة»، ورغم ذلك أكد شكري أن الحوار أسهم في طرح أفكار جديدة للتعاون في كل المجالات.
كما أفاد كيري بأن مصر وأميركا اتفقتا على بحث فرص توسيع العلاقات الأمنية، في حين أوضح شكري أن مصر والولايات المتحدة اتفقتا خلال الحوار الاستراتيجي على مضاعفة الجهود المشتركة في مواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، مشيرًا إلى أهمية انعقاد الحوار الاستراتيجي الذي يعكس حرص القاهرة وواشنطن على تعزيز العلاقات التي تربطهما.
وقال شكري، إن «الولايات المتحدة قوة دولية، ومصر بثقلها ووزنها بحاجة إلى مثل هذه الآلية خاصة في ضوء المتغيرات السياسية المتلاحقة التي يشهدها العالم».
وشدد شكري على أن «صناعة القرار في مصر لا تتعامل مع المشروطيات؛ لأن البوصلة التي تحكم ذلك هي ما يريده الشعب المصري»، في إشارة على ما يبدو لرغبة القاهرة في تأكيد استقلالية قرارها.
كما أوضح الوزير المصري أنه تناول مع نظيره الأميركي تقنين أوضاع منظمات المجتمع المدني وتعزيز حقوق الإنسان، في حين شدد كيري على ضرورة وقف الأعمال الإرهابية الموجهة ضد الأهداف العسكرية في مصر، موضحًا أن مصر لعبت دورًا مهمًا في منطقة الشرق الأوسط والعلاقات الدولية.
ورأى كيري أن هدف الإرهاب في مصر هو خلق الفوضى، مشيرًا إلى أن واشنطن لا تريد تبريرا للإرهاب، وأنه يقدر بشدة ما قامت به مصر لمناهضة العنف والإرهاب وفي مجال التنمية الاقتصادية.
كما شدد الوزيران على توافق وجهات النظر بين البلدين بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، إضافة إلى أن كيري بحث مع المسؤولين المصريين زيادة التعاون الحدودي في ما يتعلق بليبيا، ونوه إلى دعم جهود المبعوث الأممي برناردينو ليون لحل أزمة ليبيا، قائلا إن «أمام الليبيين فرصة للاتفاق على حكومة وطنية توقف دور الميليشيات المسلحة»، مشددًا أن واشنطن ستبحث سبل تقديم مساندة أكبر لخطة الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة في ليبيا، وأنه «لا يمكن السماح لمجموعات مفسدة بأن تدمر عملية السلام»، في إشارة إلى المجموعات المسلحة المتطرفة.
وكانت أعمال الحوار الاستراتيجي المصري - الأميركي قد انطلقت أمس في القاهرة بجلسة افتتاحية، أشار شكري في كلمته خلالها إلى أن الحوار الاستراتيجي المصري - الأميركي يؤسس لعلاقات جديدة بين البلدين، بما يسمح بتحقيق المصالح المشتركة ومواجهة التحديات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا تنامي ظاهرة الإرهاب بشكل بات يهدد الأمن والاستقرار للدولتين، وقال إن «مصر والولايات المتحدة ارتبطتا بعلاقات استراتيجية وثيقة مكنت البلدين من مواجهة الكثير من القضايا الدولية والإقليمية، وإن انعقاد الحوار الاستراتيجي يمثل فرصة جادة للطرفين لمراجعة الجوانب المختلفة للعلاقات الثنائية سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا».
وأكد شكري أهمية العمل بفكر جديد يستهدف تضييق مساحات عدم التطابق والبناء على القواسم المشتركة التي تجمع بين مصر والولايات المتحدة، مضيفًا أن مصر شهدت على مدار السنوات الأربعة الماضية تغيرات سياسية متلاحقة عكست تطلع الشعب المصري للحرية والعدالة الاجتماعية. وأبدى شكري تطلعه أيضًا في أن يسهم هذا الحوار في حث الجانب الأميركي على الاستفادة من الفرص الاقتصادية الواعدة في مصر، وقال: «إننا نرى أن الأسلوب الأمثل لدعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين يتطلب إدارة العلاقات الاقتصادية بفكر جديد يستند إلى مفاهيم الشراكة الحقيقة القائمة على تحقيق المصالح المشتركة، والابتعاد عن أسلوب فرض المشروطيات، وصولاً لشراكة عميقة ومتوازنة بين البلدين، تعبر عن إدراك حقيقي لطبيعة المرحلة الفاصلة التي تجتازها مصر لتحقيق انطلاقها نحو المستقبل، وتعبر عن مدى الصداقة التي تربط البلدين والشعبين».
ومن جانبه، أكد كيري في كلمته الافتتاحية أن جدول أعمال الحوار يضم تهديدات تنظيم داعش الإرهابي، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة أكدت خطره بشكل كبير من قبل، وأحرزت نجاحًا كبيرًا في هذا الأمر لردعه، موضحًا أن مصر عانت بشكل كبير من الإرهاب في الفترة السابقة، والولايات المتحدة تتفهم جيدًا المخاطر التي تواجهها مصر على حدودها، خاصة من ليبيا وإرهاب «داعش»، وأيضًا من المخاطر التي تهدد أمن المنطقة.
كما أدان كيري اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، وكذلك الأحداث الإرهابية التي تتعرض لها سيناء. وشدد على التزام بلاده وتأكيد رغبتها في مكافحة التطرف، وكذلك تقديم الدعم الأمني لمصر من خلال إرسال طائرات إف 16 والأباتشي وعربات مصفحة ومعدات عسكرية أخرى، موضحًا أن بلاده ستقدم الدعم الكامل للقوات المسلحة المصرية من أجل مكافحة الإرهاب وتأمين حدودها.
وأكد كيري على العمل معا لمنع الشباب من الانخراط في أعمال العنف، وقال إن عدد المتقدمين للعدالة في هذا الشأن أقل من الأعداد التي تقوم بالعنف والإرهاب، وشدد على أنه يجب دعم السلطات الدينية والتعليمية في مصر والعمل على نبذ العنف.
وقدم كيري التهنئة للشعب المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة الخميس المقبل، مؤكدا أن «هذا المشروع الضخم سيكون له عظيم الأثر على الاقتصاد المصري».
كما أكد أن «العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة تقوم على الفرص وليس التهديدات، والحقيقة هي أنه كلما زادت قوة مصر أصبح تعزيز التعاون أمرًا هامًا»، مشيرًا إلى الدور الهام والمحوري الذي تقوم به مصر إقليميًا ودوليًا، وكذا مكانة مصر على مستوى العالم.
وفي سياق آخر، أعرب كيري عن ترحيب أميركا بالخطوات التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل تحسين المناخ الاقتصادي في مصر وإتاحة المزيد من الفرص أمام رجال الأعمال، معتبرًا أن هناك المزيد الذي يجب عمله ونعرض هذا من أجل مناقشته بشكل أفضل، ومؤكدًا أن أميركا ترغب في دعم مصر والاقتصاد المصري بقوة، وأن الاقتصاد المصري يمكنه أن يعود ويعوض أي انخفاض سابق. كما أشاد بالقرارات الهامة التي اتخذها الرئيس السيسي في مجال الطاقة والتعامل مع أزمة الكهرباء وكذلك الخطوات التي تم اتخاذها بخصوص تخفيض الدعم على أسعار الطاقة والتراخيص الخاصة بالمشروعات.
وأكد كيري من جديد تطلع واشنطن للعمل على تنفيذ مشروعات استثمارية عملاقة في مصر، مشيرًا إلى أن أميركا مهتمة بالتعاون والاستثمار مع مصر، ومذكرًا بأن العام الماضي شهد استثمار الولايات المتحدة نحو ملياري دولار أميركي، وهو ما يعادل خمس الاستثمار الخارجي الحر في مصر.
وجدد كيري التأكيد على أن الولايات المتحدة ومصر تتعاونان سويًا من أجل دعم الإصلاحات السياسية والحوكمة الصحيحة، باعتبار أن الحوكمة الجيدة هي المنصة الأساسية لنجاح أي دولة في القرن الـ21. وقال: «إننا نواجه مثل هذا التحدي حتى في الولايات المتحدة، ونحن قمنا بحل كثير من الأمور بهذا المجال، لكن ما زال أمامنا الكثير الذي يجب فعله وقمنا بكثير من الإصلاحات، ومصر كذلك لديها تاريخ رائع وشاسع وعظيم في مجال القيادة والحوكمة».
وشدد كيري على أن «مصر كانت دومًا مركز العالم العربي ومركز العالم بشكل حقيقي»، قائلا: «ندرك أنه مع اختيار الأوضاع الاقتصادية الصحيحة فإن مصر يمكنها أن تستعيد مكانتها القوية مرة أخرى»، مؤكدًا ثقة بلاده أن «مصر لديها كل ما يدعمها بقوة، وكل ما يدعم الحقوق الأساسية للمواطنين والمبادئ الخاصة وحرية الصحافة والتعبير، وكذلك المرأة يتم تمكينها بقوة في مصر.. وأصبح الآن لكل مصري حرية في التعبير وهذا أمر هام في أي دولة عظيمة، مصر بالطبع دولة عظيمة لا يمكن أن تقبل بأقل من هذا».
واختتم كيري كلمته قائلاً: «إن أمامنا فرصًا كبيرة لدعم العلاقات المصرية - الأميركية»، مشيدًا بأن «الصداقة بين البلدين ليست قائمة على الإطلاق على اتفاقات مثالية؛ ولكنها قائمة على الوعي والإدراك الكامل للمصالح المشتركة وأهمية التعاون لمكافحة الإرهاب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».