فلسطين والأردن نحو مجلس الأمن لطلب فتح تحقيق ومشروع قرار حول إحراق الرضيع

الطلب من بان كي مون إنشاء نظام خاص للحماية ومن سويسرا إنفاذ مواثيق جنيف.. ومواجهات عنيفة في الضفة

فليسطينية تواسي أحد أفراد عائلة شاب فلسطيني قتل أمس بواسطة الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
فليسطينية تواسي أحد أفراد عائلة شاب فلسطيني قتل أمس بواسطة الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

فلسطين والأردن نحو مجلس الأمن لطلب فتح تحقيق ومشروع قرار حول إحراق الرضيع

فليسطينية تواسي أحد أفراد عائلة شاب فلسطيني قتل أمس بواسطة الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
فليسطينية تواسي أحد أفراد عائلة شاب فلسطيني قتل أمس بواسطة الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

أعلنت السلطة الفلسطينية أنها بصدد الطلب من مجلس الأمن التحقيق في جريمة إحراق الرضيع علي دوابشة على يد مستوطنين في قرية دوما القريبة من نابلس في الضفة الغربية، الجمعة، وقالت إنها بدأت مشاورات مع الأردن لطرح مشروع قرار حول الجريمة على في المجلس.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات: «اتفقنا مع الأردن الشقيق العضو العربي في مجلس الأمن، لبدء التشاور مع الدول الأعضاء في المجلس لطرح مشروع قرار حول هذه الجريمة في مجلس الأمن الدولي».
وأضاف: «سنتحرك على كافة المستويات لمحاسبة الاحتلال ومستوطنيه على جرائمهم بحق شعبنا».
وجاء حديث عريقات بينما كان يتفقد، إلى جانب مدير عام المخابرات اللواء ماجد فرج، ووزير الصحة جواد عواد، المصابين من عائلة دوابشة في مستشفى «تل هاشومير» في تل أبيب.
وأكد وزير الصحة وأطباء إسرائيليون أن سعد دوابشة، الذي يرقد في مستشفى «سوروكا» في بئر السبع، والوالدة رهام دوابشة التي ترقد مع ابنها أحمد في مستشفى «تل هاشومير» في حالة حرجة للغاية.
وكانت العائلة أصيبت بحروق خطيرة جراء هجوم المستوطنين على منزلهم، فقضى الرضيع علي (18 شهرا) ونقل والداه وشقيقه الأكبر (4 أعوام) إلى المستشفيات الإسرائيلية.
ويتزامن التحرك الفلسطيني إلى مجلس الأمن مع إدانة المجلس بأشد العبارات لما وصفه «بالهجوم الإرهابي» الذي أسفر عن حرق رضيع فلسطيني وإصابة أفراد أسرته.
وعبر أعضاء المجلس في بيان صحافي عن تعازيهم وتعاطفهم مع عائلة الضحية من هذا الفعل الشنيع، مؤكدين ضرورة تقديم مرتكبي هذا العمل المؤسف للعدالة.
كما أدانوا وبشدة «جميع أعمال العنف، التي أثرت على كل من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، معبرين عن قلقهم إزاء التوترات المتزايدة، ودعوا إلى الهدوء فورا».
وحث الأعضاء جميع الأطراف على العمل على خفض التوتر ونبذ العنف، وتجنب كل الاستفزازات، والبحث عن الطريق نحو السلام.
وأكدوا أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره هو عمل إجرامي وغير مبرر بغض النظر عن دوافعه، في أي مكان، وفي أي زمان، ويجب ألا يكون مرتبطا بأي دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية.

والتحرك باتجاه مجلس الأمن لن يكون منفردا، إذ قررت القيادة الفلسطينية في اجتماع طارئ إلى جانب طرح مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي، الطلب من السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون تفعيل طلب الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين إنشاء نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني في أراضي دولة فلسطين المحتلة.
وقررت أيضا بدء الإجراءات الواجبة الاتباع مع الفرق القانونية الدولية لرفع ملف جريمة حرق عائلة دوابشة، ووضعها أمام المحكمة الجنائية الدولية، إضافة لتنفيذ قرارات المجلس المركزي في شهر مارس (آذار) 2015، لتحديد العلاقات مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، ورفض ما تطرحه الحكومة الإسرائيلية من إبقاء الأوضاع على ما هي عليه.
ودعت القيادة الفلسطينية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته أمام فداحة الإرهاب الذي تمارسه المجموعات الاستيطانية وإرهاب الدولة المنظم، والكف عن التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون، وضرورة مساءلتها ومحاسبتها وفرض عقوبات عليها.
كما قررت الطلب من الدولة الحاضنة لمواثيق جنيف الأربعة لعام 1949 (سويسرا) دعوة الأطراف المتعاقدة السامية لهذه المواثيق لإنفاذها وتطبيقها على أراضي دولة فلسطين المحتلة (في الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة).
ومن ضمن القرارات التي أعلنتها القيادة، تعزيز وتفعيل المقاومة الشعبية السلمية من مختلف المستويات والأصعدة، وذلك لمواجهة وردع الإرهاب الممارس من قبل المستوطنين بحماية الحكومة الإسرائيلية وجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقررت القيادة الفلسطينية الإبقاء على اجتماعها في حال انعقاد دائم، ودعت أبناء شعبنا الفلسطيني إلى الصمود وتعزيز وحدته الوطنية وترسيخها في أراضي دولة فلسطين كافة (الضفة الغربية، القدس الشرقية، قطاع غزة) وذلك لمواجهة وردع الإرهاب الاستيطاني وإرهاب الدولة المنظم الممارس من سلطة الاحتلال الإسرائيلي
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: «إنها ليست الجريمة الأولى التي يقدم عليها قطعان المستوطنين ولن تكون الأخيرة»، داعيا المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، إلى تسمية المنظمات الاستيطانية في إسرائيل بالمنظمات الإرهابية، «تماما كما تفعل عندما تسمي المنظمات الإرهابية في العالمين العربي والإسلامي».
وقال عباس: «هناك تنظيمات كثيرة في إسرائيل يعترفون أنها إرهابية، لأنه لا فرق بين ما يسمونها إرهابية في العالم العربي والإسلامي، وهذه التي ربما هي أكثر سوءا».
ولم تهدأ حالة الغضب الكبيرة في الأراضي الفلسطيني لإحراق الرضيع، بل تأججت مع قتل إسرائيل شابين، واحدا في غزة والثاني في الضفة الغربية.
وتفجرت مواجهات واسعة أمس في معظم أنحاء الضفة بعد تشييع جثمان الشاب ليث الخالدي من مخيم الجلزون في رام الله.
واشتبك فلسطينيون مع الجيش ومستوطنين في نابلس ورام الله والخليل والقدس وبيت لحم.
وسجلت أعنف المواجهات في رام الله بعد التشييع الدامي للشاب ليث، الذي أصرت والدته على مده على سريره الخاص في بيته قبل أن تحتضنه مطولا فيما استلقت شقيقته بجانبه في مشهد مؤثر للغاية.
وأعلن وزير العدل الفلسطيني المستشار سليم السقا أن نتائج الصفة التشريحية لجثمان ليث أكدت وجود جرح مدخل لمقذوف ناري في منتصف الظهر على مستوى الفقرة القطنية الأولى للعمود الفقري حيث نفذت الرصاصة من الفقرة القطنية الأولى وأصابت الوريد الأجوفي السفلي للبطن وأصابت الأمعاء والكبد محدثة تهتكًا به، وخرجت الرصاصة من الجهة الأمامية اليمنى العلوية للبطن حيث تعتبر الإصابة قاتلة.
وقالت محافظة رام الله والبيرة ليلى غنام: «يكفي شجبا واستنكارا، وعلى العالم حماية شعبنا من آلة الحرب والدمار، وإن هذا العالم الذي وقف متفرجا على حرق الطفل أبو خضير وما زال مصرا على صمته أمام إحراق الرضيع دوابشة وأسرته في دوما، واستهداف أبناء شعبنا في كافة محافظات الوطن وآخرهم الشهيد ليث الخالدي، عالم لا ينحاز لقيم الإنسانية والعدالة والسلامة وإنما ينحاز لآلة الحرب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.