مرضى بمستشفيات مناطق خاضعة للحوثيين يشكون تقديم الأفضلية لجرحى المتمردين

أطباء وممرضون يعتصمون في الحديدة للمطالبة بوقف تدخل المسلحين في الشؤون الإدارية والتمريضية

مرضى بمستشفيات مناطق خاضعة للحوثيين يشكون تقديم الأفضلية لجرحى المتمردين
TT

مرضى بمستشفيات مناطق خاضعة للحوثيين يشكون تقديم الأفضلية لجرحى المتمردين

مرضى بمستشفيات مناطق خاضعة للحوثيين يشكون تقديم الأفضلية لجرحى المتمردين

اعتصم العشرات من الأطباء والممرضين العاملين في المستشفى العسكري بمدينة الحديدة الواقعة غرب اليمن والخاضعة لسيطرة الحوثيين، أمس، أمام مبنى المحافظة مطالبين المحافظ والمجالس المحلية بإخراج الميليشيات من المستشفى وإيقاف تدخلاتهم.
قال أحد العاملين في المستشفى العسكري لـ«الشرق الأوسط»: «إننا قررنا الاعتصام أمام مبنى المحافظة لنطالب المحافظ حسن أحمد الهيج بإخراج الميليشيات الحوثية من داخل المستشفى، وخصوصًا من الدور الأسفل الذي صار سكنا ومأوى لبعضهم، وبسبب تدخلهم في أداء الأطباء والممرضين». وأكد أنه «في حال رفضت الميليشيات الحوثية الخروج من المستشفى فإننا سنتوقف عن العمل، خصوصا أن غالبية من يستقبلهم المستشفى العسكري هم من الحوثيين الجرحى القادمين من محافظات حجة وتعز والبيضاء التي تشهد نزاعا مسلحا». وتابع أن «المستشفى بات خاصًا بهم وبجرحاهم مما جعلهم يتدخلون في الشؤون الإدارية والعلاجية والتمريضية».
ويقول أحد المرضى في المستشفى العسكري، وهو جندي أصيب بداية العام الحالي خلال مواجهات مع تنظيم القاعدة حسب قوله: «أزور المستشفى من حين لآخر للعلاج بسبب كسر وإصابة في ساقي، وقد مكتث من قبل في المستشفى، لكن ما لاحظته هو عدم وجود اهتمام بالمرضى». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «جماعة الحوثي تهتم فقط بمسلحيها حتى إنهم يعطون المصابين منهم مبلغا ماليا كمصروف يومي يتراوح بين 3000 ريال و7000 ريال. المبلغ يتفاوت من شخص لآخر». وتابع: «بعدما كان المستشفى يستقبل في الماضي ضباطا وجنودا (من كل الفئات) أصبح الآن حكرا على المسلحين الحوثيين وصاروا هم فقط من يتلقون الاهتمام الكافي». وأوضح أن المرضى الآخرين غير المرتبطين بالحوثيين يجري تأجيل علاجهم «لعدة أيام وربما لشهر».
ومنذ بداية النزاع المسلح سقط الآلاف من المتمردين بين قتيل وجريح واكتظت المستشفيات الحكومية والخاصة بجرحى المسلحين وحتى ثلاجات المستشفيات بقتلاهم، الأمر الذي بات يؤثر على المواطن العادي. ويقول سعيد أحمد، وهو مرافق لأحد المرضى، لـ«الشرق الأوسط»: «لا نستطيع أن نذهب بمرضانا إلى المستشفيات الحكومية بسبب ازدحام المسلحين. عند دخولنا إلى قسم الطوارئ في أي مستشفى نرى المسلحين منتشرين في مداخل ومخارج المستشفى وفي أقسام الطوارئ، وهو ما يخلق الرعب والهول لدى الأطفال والنساء عند مشاهدتهم لتلك المظاهر المسلحة». وأضاف: «كان لدي مريض أصيب في حادث مروري ونقل إلى المستشفى العسكري بصنعاء لأنه جندي ومن حقه الحصول على علاج هناك. وجدنا تجاهلا من القائمين على المستشفى وكان اهتماماتهم منصبّا على الجرحى القادمين من مأرب وتعز وعدن والبيضاء، وجرى تأجيل العملية المقررة له من يوم إلى آخر ولم تجر له إلا بعد 26 يوما».
في غضون ذلك، تستمر الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح بشن حملة ملاحقات واعتقالات لجميع المناوئين لهم من سياسيين وناشطين وصحافيين ومن تشتبه بانتمائه إلى المقاومة في الحديدة وإقليم تهامة. وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية اختطفت الناشط في الثورة الشبابية بمدرية القناوص محمد مشخري وأودعته سجن إدارة الأمن بالمديرية دون معرفة الأسباب، كما اختطفت رئيس فرع حزب الإصلاح بمديرية الحجيلة التابعة لمحافظة الحديدة حسن صغير عصيبة، أمس، واقتادته لجهة مجهولة، بالإضافة إلى اختطافهم الناشط في الحراك التهامي نجيب عبد الله أحمد بس من منزله بحارة الحوك في الحديدة، وناصر السيد إسماعيل مطهر من أمام منزله بالقرب من مستشفى الثورة في الحديدة.
ويقول شهود محليون في مديرية زبيد التابعة لمحافظة الحديدة لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي بمديرية زبيد مارست التعذيب بحق عبد الرحمن الزبيدي، البالغ من العمر 15 عاما، من أجل انتزاع اعترافات ومعلومات منهم بخصوص مكان والده الذي تطارده الميليشيات منذ فترة». وأوضحت المصادر نفسها أن «محمد بن سالم الزبيدي هو أحد مشايخ السلفية بالمديرية وقتل أحد أبنائه في حرب دماج الأخيرة التي كانت مع الميليشيات الحوثيين وتتهمه الميليشيات بالانتماء إلى (القاعدة)، وقاموا مساء الأربعاء بمداهمة منزله واختطاف ابنه عبد الرحمن وتم تعذيبه بشكل عنيف من أجل انتزاع اعترافات مكان والده المطارد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.