تونس تقرر تمديد حالة الطوارئ في إطار حربها على المتشددين

8 منظمات حقوقية دولية تبدي تحفظات تجاه قانون مكافحة الإرهاب

رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد لدى استقباله وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في قصر القبة بتونس أمس (غيتي)
رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد لدى استقباله وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في قصر القبة بتونس أمس (غيتي)
TT

تونس تقرر تمديد حالة الطوارئ في إطار حربها على المتشددين

رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد لدى استقباله وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في قصر القبة بتونس أمس (غيتي)
رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد لدى استقباله وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في قصر القبة بتونس أمس (غيتي)

مددت الرئاسة التونسية أمس الجمعة حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهرين، وذلك بسبب استمرار خطر اعتداءات المتطرفين، بعدما كانت فرضتها في بداية يوليو (تموز) الماضي لثلاثين يوما، إثر الهجوم الذي تعرضت له مدينة سوسة، والذي اعتبر الأكثر دموية في تاريخ البلاد.
وأعلنت الرئاسة التونسية في بيان أنه «بعد التشاور مع رئيس الوزراء ورئيس البرلمان، قرر رئيس الجمهورية تمديد حالة الطوارئ على كامل التراب التونسي لشهرين اعتبارا من الثالث من أغسطس (آب) 2015».
وأوضح معز السيناوي، المتحدث باسم الرئاسة التونسية، أن القرار لم يتخذ استنادا إلى تهديدات محددة بل «لأن الأسباب خلف إعلان حالة الطوارئ في بادئ الأمر لا تزال موجودة»، وتابع مؤكدا «إننا في حرب ضد الإرهاب». وفي الرابع من يوليو، وبعد ثمانية أيام من الهجوم على فندق سوسة الذي خلف عشرات القتلى، معظمهم سياح من بريطانيا، أعلن الرئيس الباجي قائد السبسي حالة الطوارئ في البلاد لثلاثين يوما.
وقال الرئيس التونسي وقتها إن إعلان حالة الطوارئ يعود إلى «المخاطر المحدقة بالبلاد والوضع الإقليمي، وامتداد الإرهاب إلى الكثير من البلدان العربية الشقيقة»، معتبرا أن تونس «في حالة حرب من نوع خاص».
ويمنح إعلان حالة الطوارئ قوات الأمن سلطات استثنائية، كما يتيح للسلطات خصوصا حظر الإضرابات، فضلا عن الاجتماعات التي من شأنها «الإخلال بالأمن»، بالإضافة إلى «الغلق المؤقت لقاعات العروض ومحلات بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات، مهما كان نوعها»، كما يتيح لها «اتخاذ كافة الإجراءات لضمان مراقبة الصحافة وكل أنواع المنشورات».
لكن هذا القرار أثار حفيظة عدد من المنظمات الحقوقية، حيث حذرت أمس ثماني منظمات حقوقية دولية في بيان مشترك من حصول انتهاكات لحقوق الإنسان عبر قانون مكافحة الإرهاب، الذي صادق عليه البرلمان التونسي لتعزيز جهود الأمن في محاربة الإرهاب.
وقالت المنظمات التي وقعت على البيان، ومن بينها منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ومركز «كارتر»، إن القانون يشكل خطرا على حقوق الإنسان، ويفتقر إلى الضمانات الضرورية ضد الانتهاكات.
وركزت هذه المنظمات في تحفظاتها تجاه القانون على منحه قوات الأمن سلطات واسعة للقيام بالرقابة على الأشخاص، وبتمديد احتجاز المشتبه بارتكابهم جرائم إرهابية بمعزل عن العالم الخارجي من ستة أيام إلى 15 يوما. كما يسمح للمحاكم بعقد جلسات مغلقة لا يحضرها الجمهور، وللشهود بعدم الكشف عن هويتهم للمتهم في حالات غير معرفة بدقة. ودعت هذه المنظمات البرلمان التونسي إلى الحد من خطر الانتهاك الذي يسمح به هذا القانون الجديد، عبر تعديل مجلة الإجراءات الجزائية، على سبيل المثال، بما يضمن لجميع المحتجزين حق الاتصال بمحام مباشرة بعد الاعتقال، وكذلك قبل الاستجواب وأثناءه.
وقال إريك جولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» إن «الإرهاب يهدد الجميع في تونس، ولكن أي قانون يسمح للشرطة باستجواب المشتبه فيهم دون حضور محام لمدة 15 يوما هو كذلك تهديد حقيقي لحقوق الإنسان في تونس».
ولفت بيان المنظمات إلى أن البرلمان أضاف تعديلات تحسن بعض الضمانات في القانون، منها تعديل يعزز حق الصحافيين في عدم الكشف عن مصادرهم، وآخر يجرم اللجوء إلى طرق تحر خاصة كالاختراق واعتراض الاتصالات من قبل الشرطة من دون إذن قضائي. غير أن القانون أبقى على الكثير من الخروقات.
وتبدي المنظمات قلقا مما اعتبرته تعريفا فضفاضا للإرهاب في القانون، إلى جانب قائمة الأعمال الإرهابية المجرمة، التي يمكن أن تفضي إلى قمع المظاهرات السلمية، أو أي عمل ليس ذا طابع إرهابي. كما تعارض المنظمات تضمين عقوبة الإعدام التي يجيزها القانون ضد المتهمين المدانين بعمل إرهابي في حالة ما تسبب العمل الإرهابي في موت شخص أو أكثر أو في حالة اغتصاب.
في غضون ذلك, وبينما تمر تونس بحالة أمنية غير مستقرة، ومخاوف شعبية وسياسية من أعمال إرهابية في المستقبل القريب خاصة بعد حادث سوسة الإرهابي الذي شهدته البلاد مؤخرا، وفي ظل تجديد حالة الطوارئ أعرب رجال الأمن عن استيائهم من تمديد ساعات عملهم، وزيادة الضغوطات التي يتعرضون إليها بسبب الأوضاع الحالية في البلاد، وهذا ما دفع النقابات الأمنية لتنظيم احتجاجات الأسبوع المقبل.
وفي بيان مشترك بين كل من نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل والنقابة العامة للحرس الوطني تقرّر خوض تحركات احتجاجية على خلفية تواصل العمل بنظام 12-12.
وأوضح البيان أن هذا القرار خلّف إنهاكا وإجهادا على الأفراد وعلى جاهزيتهم مقابل عدم الإذن بفتح باب المفاوضات المادية والاجتماعية وعدم الرغبة في تحديد شروط اللجوء وآليات خلاص الساعات الإضافية، تقرر وبعد استكمال مراحل التفاوض المعقولة، وأوضحت النقابات الأمنية المذكورة أنها قررت ارتداء الشارة الحمراء يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، وعقد ندوة صحافية يوم الخميس 6 أغسطس (آب) 2015 لتوضيح مطالبهم.
كما أكدت تنظيم وقفات احتجاجية رمزية جهوية أمام الولايات (مباني المحافظات) ومركزية أمام وزارة الداخلية بمشاركة ممثلي النقابات دون سواهم وذلك أيام 10 و17 و24 أغسطس 2015 إلى جانب تنظيم تحرك وطني تحت اسم «القصبة3» يوم 01 سبتمبر (أيلول) المقبل.
هذا وتؤكد نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل والنقابة العامة للحرس الوطني أن اللجوء إلى التعبير عن مواقفها بالشكل المبين أعلاه تمت فيه مراعاة الحالة العامة للبلاد والحالة الخاصة بالأفراد وأنها تعوّل على منخرطيها وعموم الأمنيين تلبية الدعوة للتعبئة القصوى «القصبة3» بتاريخ 01 سبتمبر 2015 دون المساس بالمرفق العام.
كما أكدت النقابات الأمنية على شرعية المطالب المطروحة لدى سلطة الإشراف منذ سنة 2013 وعلى تمسكها بوجوب، وأهمها تعميم منحة الاختصاص (حفظ الأمن والنظام، العدلي، حماية المنشآت، أمن عمومي، مرور، مدرعات، اختصاص إدارة، خدمات فنية، شرطة علمية وفنيّة)، ومطالب أخرى.
في غضون ذلك، كشفت مصادر أمنية مطلعة لـصحيفة «الشروق» التونسية عن «حقيقة» قائمة «رجال الأعمال» التي قيل إن السلطات الجزائرية أمدت بها نظيرتها التونسية على خلفية تورطهم في «تمويل» جماعات إرهابية.
وأكدت المصادر أن الأمر يتعلق بالأساس بمهرّبين «استثروا» بشكل فاحش بعد 14 يناير (كانون الثاني) 2011 استغلوا حالة الانفلات التي مرت بها البلاد بين 2011 و2014 وسيطرة المهرّبين على كثير المناطق الحدودية بعد دخولهم في «تحالفات» مع جماعات دينية متطرّفة وتنظيمات «جهادية» نظرا لتلاقي المصالح بينهما وتداخل التهريب مع الإرهاب.
وأضافت ذات المعطيات أن المهرّبين المذكورين حققوا كسبا في أعوام قليلة يفوق بكثير ما يكسبه رجال أعمال ينشطون داخل الدورة الاقتصادية المقننة للدولة! والثراء الفاحش لقائمة المهرّبين جعلهم يحوزون لقب «رجال أعمال» وهم يموّلون جماعات إرهابية «تؤمّن» لهم طرق التهريب وتحميهم من أي اعتداءات قد تطال قوافل التهريب التابعة لهم!



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.