المعارضة السورية تختلف حول مقترحات دي ميستورا الأخيرة.. والنظام يلتزم الصمت

ممثل الائتلاف في واشنطن: غير مقتنعين بجدوى مجموعات العمل

موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يستمع إلى أسئلة الصحافيين في مؤتمر صحافي عقب تقريره أمام مجلس الأمن مساء أول من أمس (أ.ب)
موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يستمع إلى أسئلة الصحافيين في مؤتمر صحافي عقب تقريره أمام مجلس الأمن مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

المعارضة السورية تختلف حول مقترحات دي ميستورا الأخيرة.. والنظام يلتزم الصمت

موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يستمع إلى أسئلة الصحافيين في مؤتمر صحافي عقب تقريره أمام مجلس الأمن مساء أول من أمس (أ.ب)
موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يستمع إلى أسئلة الصحافيين في مؤتمر صحافي عقب تقريره أمام مجلس الأمن مساء أول من أمس (أ.ب)

اعتبرت بعض قوى المعارضة السورية، السياسية والعسكرية، أن التقرير الأخير الذي تقدم به المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إلى مجلس الأمن، أول من أمس، واقتراحه إنشاء مجموعات اتصال دولية، يثبت فشل مهمته، منتقدة طرحه إنشاء مجموعات عمل تعالج قضايا الأمن والمسائل السياسية والطابع العسكري وإعادة إعمار البلاد، هذا في الوقت الذي اعتبر فيه هيثم منّاع عضو لجنة مؤتمر القاهرة، أن ما اقترحه دي ميستورا بمثابة «تقدم على مسار الحل السياسي».
وأشار ممثل الائتلاف الوطني السوري في الولايات المتحدة نجيب الغضبان، إلى أنه «ومنذ انطلاق دي ميستورا بمهمته كانت كل المؤشرات توحي بأنّه لن يستطيع أن يحقق أكثر مما حققه المبعوثون السابقون إلى سوريا، وأن مهمته صعبة لا بل مستحيلة»، معتبرا أن اقتراحه أخيرا إنشاء مجموعات عمل «محاولة لإنعاش مهمته لكننا غير مقتنعين بجدواها».
وتساءل الغضبان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عمّا إذا كانت مجموعات العمل هذه ستُلزم النظام السوري بالخضوع للحل السياسي والجلوس على طاولة المفاوضات، معربا عن اقتناعه بأن «النظام لن يسير بالحل السياسي إلا إذا فُرض عليه فرضا خاصة أنه وحتى فترة قصيرة ظل مقتنعا بالحل العسكري للأزمة».
واعتبر الغضبان بأن «الخسائر التي مني بها النظام ميدانيا، أخيرا، كانت ستكون فرصة لدفعه إلى طاولة المفاوضات لو ترافقت مع ضغوط مارستها الدول الحريصة على الحل السياسي، إلا أن ذلك لم يحصل». وأضاف: «أما الآن وبعد دخول تركيا مباشرة على الخط والتوجه لإنشاء مناطق آمنة، فنعتقد أن ذلك يقرّبنا أكثر من الحل السياسي».
وأعرب الغضبان عن تفاؤله بالتطورات الحاصلة شمالي سوريا، لافتا إلى أن «قيام المناطق الآمنة فعليا سيعطي فرصة للمعارضة المعتدلة بممارسة الحكم على الأرض وترسيخ فكرة البديل المطلوب للنظام، إلا أن ذلك لا شك يجب أن يقترن بدعم أصدقاء سوريا وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية».
من جهته، اعتبر هيثم منّاع عضو لجنة مؤتمر القاهرة، أن ما اقترحه دي ميستورا لجهة إنشاء مجموعات عمل بمثابة «تقدم» على مسار الحل السياسي، لافتا إلى أن «المطلوب لم يكن عقد مؤتمر جنيف3 إنما الانطلاق في مسار جنيف 3. باعتبار أن اجتماع الأطراف في مكان محدد والاحتفال ومن ثم الاختلاف وتفاقم الإشكال وانصرافهم كل في اتجاه، سيكون بمثابة إفشال للحل السياسي».
وشدّد منّاع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن الحل يبدأ بإقرار خطوات عملية قابلة للتحقق يشعر من خلالها أطراف الصراع أن عليهم مسؤولية مباشرة بوقف الحرب. وقال: «تشكيل لجان تهتم بملفات محددة أمر أساسي ومطلوب، باعتبار أنه وفي حال فشلت لجنة ما بإتمام مهمتها أو كانت تحتاج للوقت، قد تنجح لجنة أخرى بإتمام عملها بوقت سريع».
وأشار منّاع إلى أنّه «قد يكون من المجدي جدا أن تتسلم إحدى اللجان ملف جرائم الحرب سعيا لوضع حد له، بالتزامن مع عمل لجنة أخرى على هيئة الحكم الانتقالي التي تتطلب وقتا، على أن يجري كل ذلك تحت إشراف لجنة مراقبة ومتابعة إقليمية ودولية».
واعتبر منّاع أن «المهمة القادمة يجب أن تكون صدور بيان أو قرار رئاسي عن مجلس الأمن يُقدّم ترجمة محدثة لوثيقة جنيف، بحيث يكون لدينا خارطة طريق يقدمها المبعوث الدولي لتباشر اللجان بعدها عملها، على أن تضم خبراء سوريين».
واعتبر رامي الدالاتي، عضو المجلس العسكري التابع لـ«الجيش السوري الحر»، أن تقرير دي ميستورا الأخير الذي قدّمه إلى مجلس الأمن، جاء «مخيبا للآمال، خاصة بعد سلسلة لقاءات لنا مع المبعوث الدولي وتأكيدنا خلالها لجهوزيتنا للسير بحل سياسي يحقق أهداف الثورة».
ولفت الدالاتي إلى أن «دي ميستورا يريدنا أن نجلس مع قاتل أطفالنا بالأسلحة الكيميائية ويدفعنا للقبول بفكرة أن يبقى عدد من المجرمين في الحكم خلال المرحلة الانتقالية، وهذا ما لا يمكن أن نقبل به». وقال الدالاتي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كنا قد وافقنا على الورقة التي تقدم بها المبعوث الدولي وعلى وقف إطلاق النار، لكن النظام وكما دائما كان، الطرف الذي يرفض الحل السياسي والوفاء بالتزاماته».
وأوضح الدالاتي أن دي ميستورا أبلغهم أن أمين عام حزب الله حسن نصر الله، قال له صراحة بأنّهم مقتنعون بالحل العسكري للأزمة السورية، معتبرا أن ما اقترحه أخيرا عن إنشاء مجموعات عمل «محاولة جديدة للمماطلة وتثبيت لفشل مبادرته التي نعلم أنّها فاشلة منذ زمن». وقال: «حتى أن المبعوث الدولي قال لنا في إحدى المرات بأنّه لم يكن يتوقع أن الأزمة التي كلّف بها بهذا التعقيد».
وفيما غاب أي موقف للنظام السوري من اقتراحات دي ميستورا الأخيرة، خصصت الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري اليوم الرابع من اجتماعاتها التي تسبق اجتماع الهيئة العامة اليوم الجمعة، لمناقشة مقترح المبعوث الدولي الذي تقدم به يوم الأربعاء أمام مجلس الأمن بجلسة خاصة حول سوريا.
وأكد نائب رئيس الائتلاف الوطني هشام مروة «تمسك الائتلاف بمبادئ الثورة السورية وثوابتها، وإيمانه بالحل السياسي المستند إلى بيان جنيف والقاضي بتشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية، لإنهاء معاناة الشعب السوري وتحقيق تطلعاته». وشدّد مروة في بيان على أن الائتلاف «مؤمن بأن هيئة الحكم الانتقالية هي الوحيدة القادرة على مكافحة الإرهاب وإعادة التوازن إلى المنطقة».



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».