مصر تعد العالم باحتفال لا ينسى في افتتاح قناة السويس الجديدة

خطط أمنية محكمة واستعدادات مكثفة.. وعملات تذكارية ذهبية في استقبال الضيوف

وضع اللمسات الأخيرة على قناة السويس الجديدة قبل أسبوع واحد فقط من حفل الافتتاح المقرر الخميس المقبل (أ.ب)
وضع اللمسات الأخيرة على قناة السويس الجديدة قبل أسبوع واحد فقط من حفل الافتتاح المقرر الخميس المقبل (أ.ب)
TT

مصر تعد العالم باحتفال لا ينسى في افتتاح قناة السويس الجديدة

وضع اللمسات الأخيرة على قناة السويس الجديدة قبل أسبوع واحد فقط من حفل الافتتاح المقرر الخميس المقبل (أ.ب)
وضع اللمسات الأخيرة على قناة السويس الجديدة قبل أسبوع واحد فقط من حفل الافتتاح المقرر الخميس المقبل (أ.ب)

قبل أسبوع واحد فقط من حفل الافتتاح المقرر لقناة السويس الجديدة، الذي يجري الخميس المقبل، تشهد مصر استعدادات مكثفة على كل المستويات لاستقبال الحدث، الذي وصفته دوائر سياسية محلية ودولية بأنه سيكون الأكبر في الأجندة المصرية منذ انطلاق الألفية الثالثة.
وشهدت القناة يوم السبت الماضي تشغيلا تجريبيا بمرور ثلاث سفن عملاقة للمجرى الملاحي الجديد، بينما تستعد كل محافظات مصر لاحتفالات موازية للحفل الرئيسي الذي سيقام على ضفة القناة، بينما أكدت مصادر على صلة بالاحتفالية أن موانئ وسفن العالم ستطلق أبواقها في نفس التوقيت بالتزامن مع افتتاح القناة، احتفالا بهذا الإنجاز التاريخي.
وبالأمس أعلن الفريق مهاب مميش، رئس هيئة قناة السويس، في مؤتمر صحافي عن انتهاء عمليات الحفر في قناة السويس الجديدة، مشيرا إلى أن القناة أصبحت جاهزة الآن لاستقبال أضخم السفن والحاويات، وخدمة الملاحة العالمية. كما أكد أن «قناة السويس آمنة تمامًا لعبور جميع أنواع السفن، بعد تجهيزها بأعلى درجات الأمان وتدريب المرشدين على اصطحاب السفن العملاقة لتعبر من القناة».
وقال مميش بهذا الخصوص: «نحن الآن أوفينا بالوعد، فقد وعدنا أن ننجز المشروع خلال عام، وها نحن الآن على أعتاب الاحتفال لافتتاح المشروع»، مؤكدًا أن قناة السويس «تشكل هدية مصر للعالم لأنها ستخدم جميع دول العالم.. لقد استطعنا القضاء على فترات الانتظار في القناة، والآن ستصل جميع البضائع والوقود أسرع لكل مكان في العالم».
وتستعد الحكومة المصرية بكل أجهزتها للحدث الهام، حيث تشهد مختلف الوزارات حالة استثنائية ليكون افتتاح القناة على «أكمل وجه». وبهذا الخصوص قال مصدر حكومي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إن «الأحداث من هذا النوع وهذا الحجم لا تجري كل يوم، ومصر مُصرّة على خروج الحدث الأبرز في الألفية الجديدة بأفضل ما يمكن، لأن الأمر يتعدى اهتمام الإدارة المصرية بمشروع القناة، وهو إنجاز تاريخي في حد ذاته، لكنه يحمل رسائل سياسية واقتصادية لا تقل أهمية عن دور مصر، وقدرتها على تنفيذ خططها وطموحاتها المستقبلية واستقلاليتها في قراراتها».
ورغم ما تشهده مصر من «قلاقل أمنية متفرقة» منذ أكثر من عامين، فإن المسؤول الحكومي أكد أن «الوضع بأكمله تحت السيطرة، وسيرى العالم أن مصر قادرة على تحقيق مفاهيم الأمن، وأن التهديدات الإرهابية رغم خطورتها العالمية، لكنها لا ولن تستطيع هدم الدولة المصرية أبدا».
وقبل يومين، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري في لقاء مع إعلاميين غربيين في القاهرة أن مصر قادرة على حماية القناة وتأمين الملاحة فيها، مشيرا إلى ثقة المجتمع الدولي في هذه القدرة، وأنه من المتوقع مشاركة دولية في احتفالية افتتاح القناة، ما يعزز نظرة الثقة الدولية في مصر. كما أوضح أهمية هذا المشروع والمردود الإيجابي المتوقع له على المستوى الاقتصادي والتجاري محليا وإقليميا ودوليا.
وتأتي إشارات وزير الخارجية في وقت أكدت فيه مصادر أمنية وعسكرية لـ«الشرق الأوسط» أن «خطط تأمين الحفل انطلقت بالفعل قبل التشغيل التجريبي، وأن الحفل سيكون مؤمنا بشكل كامل، سواء على مستوى الشخصيات أو الفعاليات أو الوضع العام في كل محاور الجمهورية».
وفي السياق الاحتفال بهذا الحدث الكبير، أعلن وزير المالية المصري هاني قدري دميان أمس عن موافقة مجلس الوزراء على طلب هيئة قناة السويس سك إصدار تذكاري، على شكل قطع ذهبية من عيار 21 وبأوزان مختلفة، وذلك بمناسبة افتتاح القناة الجديدة، على أن تحمل على وجهها الأول شعار قناة السويس الجديدة، بجانب عبارة «قناة السويس الجديدة من مصر للعالم أجمع»، بينما يظهر على الوجه الآخر تصميم هندسي لسفينتين متقابلتين تعبران القناة على مجسم للكرة الأرضية، ترمز لازدواج الممر الملاحي للقناة، وتأثير ذلك الإيجابي على حركة الملاحة الدولية.
كما أشار دميان إلى توجه لإصدار جنيه معدني للتداول محليا يحمل التصميم الجديد لقناة السويس وتاريخ الافتتاح حتى يتمكن جميع المواطنين من الاحتفاظ بهذه العملة التذكارية لتخليد يوم عظيم من أيام مصر. وأكد الوزير أن مشروع تنمية محور قناة السويس، الذي يعد ازدواج القناة أحد عناصره الرئيسية، سيعزز من إمكانيات الاقتصاد المصري على مدى أكثر من 500 سنة. كما أن تطوير القناة سيسهم في زيادة نصيب مصر من حركة التجارة العالمية، وذلك من خلال زيادة عدد السفن والناقلات العابرة للقناة، وجذب سفن الحاويات العملاقة من الجيل الرابع، التي تعبر الآن القناة الجديدة للمرة الأولى، إلى جانب القضاء على فترات الانتظار لعبور القناة، وتخفيض زمن العبور، وهو ما تتوقع معه هيئة القناة زيادة عوائدها المباشرة من نحو 5 مليارات دولار حاليًا، إلى نحو 13 مليار دولار تدريجيًا خلال السنوات الثماني القادمة. وحول آخر مستجدات الاحتفالية، قال الدكتور سامي عبد العزيز، عضو اللجنة المنظمة لحفل افتتاح قناة السويس الجديدة، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الآن نضع اللمسات الأخيرة لملامح الاحتفال الكبير، الذي سيعتمد على الطابع المصري الأصيل، مع وجود لمسة عالمية، سواء من حيث الإخراج أو عرض أوبرا عايدة ليلة الافتتاح».
وعن تكاليف إقامة الحفل، وبعض الأصوات التي تحدثت عن وجود أعباء على خزينة الدولة، أكد الدكتور عبد العزيز أن «مصدر تمويل الحفل بشكل مباشر وأساسي هو الشركات التي شاركت في عمليات الحفر، سواء العالمية أو العربية أو المحلية، إلى جانب دعم سخي للغاية من رجال الأعمال والمواطنين المصريين، إضافة إلى الدعم اللوجيستي الذي تقدمه مؤسسات الدولة كافة»، نافيا بشدة أن تكون خزينة الدولة تحملت أي جزء من الأعباء، بقوله إن «كل التكاليف عبارة عن دعم ورعاية».
وعن الإشادة الإعلامية الدولية خلال اليومين الماضيين بالمشروع، عقب التشغيل التجريبي، رأى الدكتور عبد العزيز، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، أن «مشروع قناة السويس ليس مجرد حفر مجرى أو ممر مائي، بل هو عبارة عن نموذج للأداء المتكامل الملتزم، فقناة السويس الأساسية حفرت في 10 سنوات، لكننا الآن نتكلم عن 8760 ساعة فقط لحفر القناة الجديدة. وما حدث في الحفر هو بمثابة تحقيق الوعد كاملا».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وعد عند الإعلان عن المشروع بتنفيذه في غضون عام واحد، بما يسمح بازدواجية حركة الملاحة في قناة السويس بأكملها.
ويوضح عبد العزيز أن «المقاييس التي نفذ بها المشروع، وأرقامه القياسية، تغير من صورة مصر لدى الأجانب، من حيث الاحتراف والالتزام والدقة، وهي مقاييس ربما كان العالم لا يرها لدينا، وكان انطباعه في هذه المناحي ليس جيدا. لكن اليوم غيرنا صورة مصر، بدليل أن صحيفة (التايمز) خصصت عددا كاملا عن القصة، وكذلك هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وغيرها، وهؤلاء بالتأكيد لا يرسلون مجرد رسائل طمأنة أو إملائية، بل يتحدثون على أرض الواقع، ولذلك أقول دائما إن الإنجاز الحقيقي الكبير يفرض نفسه ولن يكابر فيه أحد».
من جهته، أكد عضو اللجنة المنظمة أنه سيتم نقل الاحتفال عن طريق 80 كاميرا منتشرة في أرجاء القناة الجديدة، وأنه تم الاتفاق على بث فعاليات الاحتفال على الهواء مباشرة في شوارع لندن وموسكو وباريس، مشيرا إلى أن مجلة «الإيكونمست» ستصدر عددا خاصا عن القناة يوم افتتاحها بعنوان «هدية مصر للعالم»، وذلك بمبادرة من المجلة نفسها، كما أوضح مشاركة ما يقرب من 1300 شخصية في حفل تنظيم افتتاح القناة الجديدة، ووجود عدد هائل من الإعلاميين ووكالات الأنباء الأجنبية التي ستحضر حفل الافتتاح.
وعن الشخصيات الكبرى التي يتوقع حضورها، أشار الدكتور عبد العزيز إلى أن «هناك دعوات وجهت إلى مختلف دول العالم لحضور الزعماء، لكن لم تصل إلينا معلومات بعد عن أي تأكيدات لأن الرئاسة المصرية هي من يتولى الموضوع بصورة مباشرة، وكل الاتصالات تتم عن طريقها». وفي هذا السياق، أعلنت الخارجية الصينية أمس أن لوه شو غانغ، وزير الثقافة الصيني، سيحضر حفل الافتتاح كمبعوث خاص من الرئيس الصيني شي جين بينغ، وذلك بناء على دعوة من الرئيس السيسي.
ومن جانبه، أكد آموس هوكستين، المبعوث الخاص ومنسق شؤون الطاقة الدولية بوزارة الخارجية الأميركية، أهمية قناة السويس الجديدة، موضحا أنها ستشكل إضافة مهمة تسهم في خفض الأسعار الخاصة بنقل النفط العالمي، وهو الأمر الجيد والإيجابي لمصر والعالم. وقال هوكستين، وهو أحد كبار مستشاري وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال لقاء مع عدد من الصحافيين المصريين، إن مصر تمكنت بفضل القيادة والعمل الفعلي من تجنب الأزمات التي كانت تواجهها في السنوات الماضية، مشيرا إلى أن الوضع كان أفضل هذا الصيف في مختلف المجالات، خصوصا ما يتصل منها بالطاقة.
وأكدت السفيرة ميرفت تلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة في مصر، أن العالم بأسره «يترقب افتتاح القناة الجديدة، وأنها تعد تجسيدا حيا لملحمة شعب وقائد حكيم». وقالت في تصريح إعلامي أمس إن «المصريين يوجهون رسالة إلى العالم مفادها أننا صامدون وقادرون على الإنجاز والبناء، مهما كانت التحديات التي تواجهنا.. وقادرون على تخطي كل العقبات»، مؤكدة أن قناة السويس الجديدة تعد استثمارا حقيقيا في مستقبل مصر، ومشروعا قوميا سيجلب الخير على البلاد ويحقق التنمية التي ينشدها المصريون جميعًا شأنها شأن السد العالي.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.