بغداد تدين غارات أنقرة وتعتبرها اعتداء على السيادة العراقية.. ومبعوث تركي يطمئن بارزاني

متحدث باسم حزب العمال الكردستاني: لم نعلن الحرب بعد على تركيا

طائرة شحن عسكرية أميركية تهم بالهبوط في قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا أمس (أ.ب)
طائرة شحن عسكرية أميركية تهم بالهبوط في قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا أمس (أ.ب)
TT

بغداد تدين غارات أنقرة وتعتبرها اعتداء على السيادة العراقية.. ومبعوث تركي يطمئن بارزاني

طائرة شحن عسكرية أميركية تهم بالهبوط في قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا أمس (أ.ب)
طائرة شحن عسكرية أميركية تهم بالهبوط في قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا أمس (أ.ب)

بحث رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أمس مع فريدون سينيرلي نائب وزير الخارجية التركي الوضع السياسي والأمني في المنطقة والحرب ضد تنظيم داعش والتصعيد الأخير بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني.
وبحسب بيان صادر عن رئاسة الإقليم فإن الوفد التركي أبلغ رئيس إقليم كردستان عن اتفاق أنقرة وواشنطن بخصوص الحرب ضد تنظيم داعش. وقد بحث الجانبان الوضع السياسي والأمني والتصعيد الذي تشهده المنطقة. وأشار نائب وزير الخارجية التركي إلى أن أهداف تركيا تتعلق بالقضاء على تنظيم داعش وعودة النازحين إلى مناطقهم وإيصال المساعدات الإنسانية إليهم. وأضاف أن «تركيا ستبقى على اتصال مع حكومة إقليم كردستان حول المشكلات القائمة بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني».
وبحسب البيان فإن سينيرلي أبلغ بارزاني بأن المجال مفتوح في تركيا للجميع لإنجاح العملية السياسية على أسس ديمقراطية وبعيدا عن منطق السلاح وهذا هو الهدف الرئيسي للسلام وبلاده ملتزمة بهذه الأسس.
في المقابل أشار بارزاني إلى خطورة هجمات «داعش» على الجميع وضرورة مشاركة الجميع في الحرب على تنظيم داعش ليس عسكريا فقط وإنما فكريا واقتصاديا. وعبر بارزاني عن سعادته بمشاركة تركيا في الحرب ضد «داعش» وإن مشاركتها لها أثر إيجابي على حسم الحرب مع التنظيم الإرهابي.
وحول المشكلات الأخيرة بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني أشار إلى أن حكومة إقليم كردستان لا ترى في العنف طريقا إلى حل المشكلات. ودعا الطرفين إلى العودة إلى عملية السلام والنقاش والاستفادة من العودة إلى العملية السياسية.
بدوره قال كفاح محمود، المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم، لـ«الشرق الأوسط» إن «الرئيس مسعود بارزاني أكد لنائب وزير الخارجية التركي أن للجميع هدفا مشتركا عسكريا واقتصاديا وفكريا وثقافيا، ويجب أن نتوحد ضد (داعش) لأنه خطر يداهم الجميع». وعما بحثه الجانبان عن الشأن الداخلي التركي والتصعيد بين أنقرة والعمال الكردستاني، قال محمود: «بحث الجانبان الكثير من المواضيع في هذا الشأن، والرئيس بارزاني أكد دائما على خيار السلام الذي أنعش تركيا اقتصاديا وسياسيا، وكرس السلم والأمن الاجتماعي، وهو الخيار الأفضل والأنجح لكلا الطرفين، وإن خيار الحرب لن تستفيد منه لا الدولة التركية ولا حزب العمال الكردستاني».
وعن تأثر العلاقات بين الإقليم وتركيا جراء التصعيد الأخير بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، شدد محمود بالقول: «العلاقة بين أنقرة وأربيل علاقة متينة، بنيت على أسس عقلانية ومصالح مشتركة، وهذا ما أكدته الأيام والسنوات الماضية، لذلك لا خشية على العلاقات التركية الكردستانية بسبب عمق العلاقة السياسية والاقتصادية بين الجانبين».
بدورها، أدانت الحكومة العراقية الغارات التركية في شمال العراق ووصفتها بأنها «تصعيد خطير واعتداء على السيادة العراقية». وفي بيان نشر على حساب رئيس الوزراء حيدر العبادي على «تويتر» دعت بغداد تركيا لتجنب المزيد من التصعيد والسعي لحل للأزمة. وأضافت أنها «ملتزمة بعدم السماح بأي هجوم على جارتها الشمالية من داخل الأراضي العراقية».
من ناحية ثانية، قال وزير الطاقة التركي تانر يلدز أمس إن «تدفق النفط عبر خط الأنابيب العراقي الذي ينقل نفط كركوك والخام الكردي إلى ميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط قد توقف بعد هجوم نفذه مخربون». وقال يلدز في بيان «لحقت أضرار بخط الأنابيب وتوقف الضخ بسبب أعمال تخريبية قام بها إرهابيون»، لكنه أضاف أنه لا تأثير على الإمدادات النفطية للبلاد حتى الآن.
إلى ذلك، أعلنت قوات حماية الشعب، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، أمس مسؤوليتها عن تفجير خط أنابيب نقل الغاز بين إيران وتركيا أول من أمس، مشددا على أن رد مقاتلي الحزب سيتواصل داخل الأراضي التركية فيما إذا واصلت أنقرة حربها عليهم. وقال الناطق الرسمي لقوات حماية الشعب، بختيار دوغان، لـ«الشرق الأوسط»: «مقاتلونا هم الذين نفذوا عملية تفجير خط أنابيب نقل الغاز بين إيران وتركيا أول من أمس، أما بخصوص تفجير أنبوب نقل نفط كردستان إلى تركيا فليس لدينا لحد الآن أي معلومات عن الجهة التي نفذت الهجوم، هل هم مقاتلونا أم لا؟»
من جانبه قال دليل آمد، عضو العلاقات الخارجية في منظومة المجتمع الديمقراطي الكردستاني الذي يضم تحت جناحه حزب العمال الكردستاني وأحزاب كردية أخرى في تركيا، لـ«الشرق الأوسط»: «حزب العمال الكردستاني لم يبدأ حربه حتى الآن ضد تركيا، وردنا على هجماتها ما زال محدودا، فإذا بدأنا الحرب فاعلم أن نارا عظيمة ستنشب في تركيا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.