قوات النظام تدك جوبر بالبراميل وغاز الكلور.. والقذائف تعود للتساقط على دمشق

مقتل قائد الحملة التابعة لها وصحافي سوري ميداني مرافق لقوات النظام

عنصر من الدفاع المدني في دوما بريف دمشق يبحث عن ضحايا بين ركام البناء الذي قصف بغارة جوية من طيران النظام السوري أمس (إ.ف.ب)
عنصر من الدفاع المدني في دوما بريف دمشق يبحث عن ضحايا بين ركام البناء الذي قصف بغارة جوية من طيران النظام السوري أمس (إ.ف.ب)
TT

قوات النظام تدك جوبر بالبراميل وغاز الكلور.. والقذائف تعود للتساقط على دمشق

عنصر من الدفاع المدني في دوما بريف دمشق يبحث عن ضحايا بين ركام البناء الذي قصف بغارة جوية من طيران النظام السوري أمس (إ.ف.ب)
عنصر من الدفاع المدني في دوما بريف دمشق يبحث عن ضحايا بين ركام البناء الذي قصف بغارة جوية من طيران النظام السوري أمس (إ.ف.ب)

بعد مرور أقل من يوم على خطاب الرئيس بشار الأسد، صعدت قواته الهجوم على منطقة جوبر المتصلة بشرق العاصمة، على نحو غير مسبوق، كما دك الطيران الحربي مدينة دوما وعدة بلدات في الغوطة الشرقية بريف دمشق، فيما عادت قذائف الهاون لتتساقط على أنحاء متفرقة من مدينة دمشق.
وأثار الأسد استهجان غالبية السوريين بالطرح الذي قدمه في خطابه يوم الأحد الماضي أمام رؤساء النقابات والمنظمات المهنية والشعبية، حيث أكد أن الوطن ليس لمن يسكنه ويحمل جنسيته؛ بل للذي يدافع عنه، في الوقت الذي أشاد فيه بمشاركة حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني في القتال إلى جانبه. كما وصفت وسائل إعلام معارضة خطاب الأسد بأنه جاء على «غرار خطابات أمراء الحرب»؛ إذ اعترف باضطراره للتخلي عن بعض المناطق من أجل تحصين مناطق أخرى تحت سيطرة قواته. فالخطاب الذي جاء تصعيديا، لا سيما باعتبار الأسد أي حديث عن الحل السياسي كلاما فارغا وأجوف، جاء مقدمة لتصعيد غير مسبوق على جبهة جوبر بريف دمشق، بدأ في الثالثة من فجر أمس بحشد كبير للقوات، والقصف بشكل هستيري بصواريخ أرض – أرض، وصواريخ من طراز «فيل»، بالتزامن مع أكثر من 10 غارات قام بها طيران الـ«ميغ» على الحي.
وقال ناشطون في جوبر إن قوات النظام استخدمت البراميل وغاز الكلور في الهجوم على جوبر وزملكا، وتم تسجيل عشرات الإصابات بالاختناق في صفوف المدنيين. كما أفادت مصادر في المشفى الميداني بعين ترما، أن القصف بالغازات السامة استهدف أحياء سكنية، وأن من بين المصابين نساء وأطفال، مشيرة إلى أن المتأثرين بالغازات أصيبوا بضيق تنفس، وحالات تقيؤ، وتضيق في حدقة العين، خصوصا لدى الأطفال.
ومع تواصل الاشتباكات العنيفة وأنباء عن سقوط طائرة حربية من طراز «ميغ» كانت تقصف المنطقة، جاء تصعيد قوات النظام ردا على تقدم «فيلق الرحمن» المقاتل في جوبر وسيطرته على وحدة المياه، وأيضا تقدم مقاتلي «جيش الإسلام» وسيطرتهم على مقر الشركة الخماسية شرق دمشق.
ودارت اشتباكات عنيفة على أطراف المنطقة في محاولة من قوات النظام لاقتحامها بالترافق مع قصف جوي عنيف شمل مدينة دوما، وأسفر عن سقوط ستة قتلى على الأقل، وعدد من الجرحى. ودمار كبير في المباني.
وفي دمشق، استيقظ السكان على دوي سقوط قذائف الهاون، حيث قتل شخص وأصيب أكثر من أربعة عشر آخرين في مناطق عدة، وذكر مصدر في قيادة الشرطة لـ«سانا» أن «3 قذائف هاون أطلقها إرهابيو ما يسمى (جيش الإسلام) سقطت على منطقة الزبلطاني السكنية، وتسببت بـ(استشهاد) شخص وإصابة 13 آخرين بجروح متفاوتة وإلحاق أضرار مادية بـ3 سيارات».
وأضاف المصدر أن قذيفة هاون سقطت في محيط فندق «شيراتون دمشق»، أسفرت عن إصابة عامل تنظيفات بجروح، في حين خلفت قذيفة أخرى سقطت على حي باب توما أضرارًا مادية بأحد المنازل.
كما أفادت قناة «إل بي سي» التلفزيونية اللبنانية، أن مراسلها في سوريا قتل بينما كان يغطي القتال الدائر في العاصمة دمشق. وذكرت القناة، أن المواطن السوري ثائر العجلاني، قتل خلال تغطيته المعارك في حي جوبر أمس الاثنين.
فيما ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن العجلاني عمل أيضا لحساب إذاعة «شام إف إم» ومقرها دمشق.
من جانبها، ذكرت وسائل إعلام معارضة أن العجلاني كان رئيس مركز الإعلام في «ميليشيا الدفاع» المساندة لقوات النظام بدمشق، وقد قتل مع ثلاثة آخرين من قوات النظام بينهم ضابطان، جراء استهدافهم في حي جوبر. مع الإشارة إلى أن العجلاني كان يرافق بشكل مستمر قوات النظام وميليشيا الدفاع وعناصر حزب الله في معاركهم.
وأفاد مراسل «الدرر الشامية» بمقتل قائد الحملة التابعة لنظام الأسد على حي جوبر الدمشقي خلال المعارك التي اندلعت في ساعات متأخرة من ليلة أول من أمس، واستمرت حتى الصباح. وقال إن قائد الحملة هو الرائد حسن قنطار، وهو مكلف باستعادة عدد من النقاط التي خسرها نظام الأسد خلال الأسابيع الماضية في الحي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».