على مدار يومين متتاليين، التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري بطلاب عسكريين للمرة الأولى، ثم أوائل الثانوية العامة، حيث تحاور مع المجموعتين حول الأوضاع بالمنطقة والسياسة الخارجية المصرية في الآونة الأخيرة.
وظهر اهتمام الإدارة المصرية خلال اليومين الماضين بتكثيف لقاءات بين مسؤولين وفئات من الشباب المصري لتوعيتهم سياسيا ودبلوماسيا، ومحاورتهم حول كل الملفات الساخنة. وأشار مسؤول مصري رفيع، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «ذلك التوجه سيظهر بصورة مكثفة خلال الفترة المقبلة ضمن سياسة الدولة لمحاربة التطرف من منابعه، عبر رفع الوعي والتواصل المفتوح مع الشباب من مختلف الفئات».
وخلال الأسبوع الماضي، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أهمية استغلال فترة التجنيد الإلزامي في مصر لتأهيل الشباب، ووجه قادة الجيش لأهمية ذلك، مؤكدا على أن هذا التوجه سيسفر عن وجود نحو 10 ملايين شاب مؤهل وأسرهم لمواجهة التحديات التي تواجهها مصر بعد عقد واحد فقط، وهو ما وصفته دوائر سياسية واقتصادية مصرية ومراقبون بـ«الفكر خارج الصندوق، الذي تحتاجه الدولة المصرية بشكل ضروري خلال المرحلة الحالية.
وخلال العقود السابقة، عانى الشباب المصري الذي تقدر نسبته بنحو أكثر من 40 في المائة من إجمالي عدد السكان الذي يوشك على بلوغ نحو 90 مليونا، من تهميش دوره في كل مناحي الحياة المصرية. ويقول خبراء ومراقبون إن «التهميش خلال العهود الماضية كان متعمدا؛ وحتى إن كان نتيجة إهمال فقط، فهو خطأ جسيم أقدمت عليه الحكومات المتعاقبة».
وكان الشباب المصري هو «المحرك الرئيسي» لثورتي 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران) في مصر، لكن أغلب الشباب اشتكى من استمرار التهميش واستيلاء القوى التقليدية على كل الأدوار في الساحات السياسية والاقتصادية المصرية عقب ذلك التاريخ.
وفي المقابل، كان شباب الجامعة إحدى أبرز الجهات التي استخدمت في أعمال الشغب خلال العامين الماضيين، وعلى رأسها طلاب جامعة الأزهر. ويرى محللون أن «الدور الأمني وحده غير كاف لمواجهة استغلال الجماعات الإرهابية وأنصار العنف في تجنيد الشباب لتحقيق مآربهم.. بل يجب على الدولة توعية الشباب واستغلال طاقاتهم بشكل أكثر جدية لوقف حلقة العنف».
ومنذ انتخابه رئيسا قبل عام، يؤكد الرئيس السيسي على أهمية ودور الشباب المصري، وأنه «الأمل في المستقبل»، وتكرر ذلك في خطاباته، حيث قال في شهر مايو (أيار) الماضي إن «الشباب هم أمل مصر ومستقبلها، بما لديهم من المقومات العلمية والثقافية والقدرة على العطاء من أجل مصر». كما وجه السيسي أكثر من مرة للاستعانة بالشباب في دور المساعدين للوزراء والمحافظين، وأيضا كان للشباب دور ملحوظ وناجح بشهادات دولية خلال مؤتمر مصر الاقتصادي الذي عقد في شهر مارس (آذار) الماضي في مدينة شرم الشيخ وشهد حضورا دوليا واسعا.
ويوضح خبراء سياسيون واقتصاديون، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك عوامل كثيرة تؤثر سلبا على خطط التنمية المصرية، مؤكدين أنه رغم «الثروة البشرية» التي تتمتع بها مصر، فإن «تلك القوة البشرية لا تستغل بصورة صحيحة، كما أنها - في أغلبها - غير مؤهلة بصورة كافية للقفز بعجلة الإنتاج والنمو».
وأول من أمس، التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري للمرة الأولى بنحو ألفين من طلبة الكلية الحربية وكلية الضباط المتخصصين. كما التقى أمس بأوائل الثانوية العامة، وتحدث للطلاب في اللقاءين عن دور ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وتأثيرهما على السياسة الخارجية المصرية ومستقبل الاستقرار في مصر والمنطقة، موضحا أن مصر، خاصة بعد انتخاب رئيس الجمهورية، بدأت بالفعل في استعادة قوتها ودورها المؤثر في المحيط الإقليمي والدولي، فضلا عن عودتها بقوة إلى بعدها الأفريقي.
وتناول شكري نشاط السياسة الخارجية المصرية في العديد من الملفات المهمة والحساسة، خاصة تطورات الأوضاع في كل من سوريا واليمن وليبيا، بالإضافة إلى بعض الملفات المهمة، مثل قضية الإرهاب التي تضرب العديد من دول المنطقة والعالم، مستعرضا الجهود المصرية في هذا الإطار، كما تطرق الوزير إلى ملف سد النهضة وجهود مصر في هذا الملف.
كما أعرب الوزير عن ثقته في أن جهود الطلاب من الأوائل في المستقبل ستكون لخدمة الوطن، وأنه يرى فيهم «مستقبل مصر»، فضلا عما يمثلونه لمصر من قدرات ومواهب واجتهاد، مؤكدا أن «طلاب الثانوية الأوائل بتفوقهم واجتهادهم سيسهمون في انطلاق مصر نحو مستقبل يحقق مصالح كل مواطن مصري، ويحقق لنا التنمية والمكانة التي تستحقها مصر وشعبها. ويعد هذا نموذجا للاجتهاد والإنجاز، خاصة ونحن على مشارف افتتاح قناة السويس الجديدة، هذا العمل (المعجزة) الذي تحقق في عام واحد فقط».
وقال مسؤول مصري رفيع، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التوجه من وزير الخارجية يأتي ضمن سياسة الدولة لمحاربة التطرف من منابعه، عبر رفع الوعي والتواصل المفتوح مع الشباب من مختلف الفئات؛ كونهم الهدف الرئيسي لدعاة التطرف والإرهاب، وتوعيتهم من المنبع تعني قطع الطريق مبكرا على قوى التطرف»، مؤكدا أن «الإدارة المصرية بأكملها تتحرك في الإطار ذاته، وستشهد الفترة المقبلة تكثيفا لمثل تلك اللقاءات بين المسؤولين وشرائح مختلفة من مختلف فئات الشباب».
شكري يلتقى طلابًا عسكريين وأوائل الثانوية ومسؤول حكومي يؤكد تكثيف التواصل مع الشباب
الإدارة المصرية تقطع الطريق أمام التطرف بتوعية هذه الفئة سياسيًا
شكري يلتقى طلابًا عسكريين وأوائل الثانوية ومسؤول حكومي يؤكد تكثيف التواصل مع الشباب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة