المعارضة تشعل 4 جبهات متزامنة لتخفيف الضغط عن الزبداني

أنباء عن تفاوض مباشر بين الإيرانيين ووفد من «أحرار الشام».. والأولوية لإخراج المدنيين

منازل سكنية مدمرة من قبل غارات جوية شنتها القوات الجوية التابعة للنظام السوري في منطقة جوبرا شرق دمشق {غيتي}
منازل سكنية مدمرة من قبل غارات جوية شنتها القوات الجوية التابعة للنظام السوري في منطقة جوبرا شرق دمشق {غيتي}
TT

المعارضة تشعل 4 جبهات متزامنة لتخفيف الضغط عن الزبداني

منازل سكنية مدمرة من قبل غارات جوية شنتها القوات الجوية التابعة للنظام السوري في منطقة جوبرا شرق دمشق {غيتي}
منازل سكنية مدمرة من قبل غارات جوية شنتها القوات الجوية التابعة للنظام السوري في منطقة جوبرا شرق دمشق {غيتي}

أشعلت قوات المعارضة السورية أربع جبهات بالتوازي، في جنوب وشمال البلاد، بهدف تخفيف الضغط العسكري الذي تمارسه القوات الحكومية السورية ومقاتلو حزب الله اللبناني على مقاتلي المعارضة في مدينة الزبداني، في وقت فوّض فيه «المجلس المحلي في الزبداني»، الجناح السياسي لحركة «أحرار الشام» التي تقاتل في المدينة، للتفاوض باسم «المدنيين المحاصرين في الزبداني والفصائل الثورية المسلحة العاملة».
وبالتوازي، تحدث ناشطون عن تفاوض مباشر بين الإيرانيين وممثلين عن حركة أحرار الشام في تركيا، إذ تحدث الناشط علي دياب في صفحته في «فيسبوك» عن «تفاوض مباشر بين الإيرانيين والوفد المفاوض لأحرار الشام» أول من أمس، من غير الكشف عن مضمون المباحثات، واصفا الرئيس السوري بشار الأسد، في التعليق نفسه، بأنه «عبد مأمور»، و«يكتب ما يمليه عليه أسياده».
ونقلت «الهيئة السورية للإعلام» عن الناشط الإعلامي عامر برهان قوله إن «إيران أرسلت مبادرة لثوار مدينة الزبداني لعقد هدنة خاصة بعد التطورات الكبيرة التي شهدتها مدينة الزبداني في صمودها الأسطوري»، و«إعلان الثوار في محافظة إدلب قصف قريتي الفوعة وكفريا ما دامت الزبداني تتعرض للقصف».
ولفت برهان إلى أن مبادرة إيران «نصت على إخلاء المدينة من جميع قاطنيها أو توقيع المصالحة والعودة إلى حضن الوطن حسب وصفهم»، مشيرا إلى أن مسألة الهدنة «جاءت بناء على طلب من القيادات الإيرانية وليس بطلب الثوار كما يروج إعلام النظام».
وتزامنت تلك الأنباء مع تأكيد عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجلس المحلي في الزبداني فوض الجناح السياسي لأحرار الشام للتفاوض باسم (المدنيين المحاصرين في الزبداني والفصائل الثورية المسلحة العاملة)، بينما ثمن عمليات الثوار في الشمال والتي تستهدف قريتي الفوعة وكفريا». وقال إن المجلس المحلي في الزبداني «استهجن صمت المجتمع الدولي إلى اللحظة حيال الحملة العنيفة التي تتعرض لها المدينة».
وأوضح الداراني أن تشكيل وفد من الأهالي تحضيرا للتفاوض «تم بالفعل ليل الجمعة - السبت، وتضمنت المباحثات الأشخاص الذين سيمثلون الثوار، ووضع شروطهم وجدول عمل التفاوض»، نافيا في الوقت نفسه أن يكون التفاوض «قد بدأ بالفعل بعد». وقال إن الوفد «جاهز للتفاوض على إخراج المدنيين من المدينة وليس العسكريين الذين تبدو أحوالهم العسكرية ممتازة»، في وقت «يقول فيه حزب الله إن جميع من في الداخل معه عسكريون ولا يعترف بوجود مدنيين أبدا».
في غضون ذلك، نقلت «الهيئة السورية للإعلام» عن الناشط الإعلامي فادي الزبداني قوله إن ردّ الأهالي والثوار على المبادرة الإيرانية، يفيد بأنه «لا هدنة إلا في حال انسحاب النظام وميليشيا حزب الله من منطقة الزبداني كاملة، إضافة إلى أن أهالي الزبداني هم أبناء البلد وأصحاب الأرض وأصحاب الحق، ولن نتنازل عن هذه المطالب». وأضاف: «ما يروج له حزب الله والنظام بأن الثوار يريدون الهدنة فذاك محض افتراء، والثوار سطروا بطولات أسطورية وليسوا في موقف ضعف أبدا، وكل يوم وكل ليلة يلقنون الحزب دروسا لا تنسى».
ويأتي ذلك وسط تأكيد من قيادي عسكري في الجيش السوري الحر، بأن العرض القائم حتى الآن هو «هدوء الزبداني مقابل هدوء كفريا والفوعة»، مشيرا إلى أن توقيف المعارك في الزبداني «سيتيح إخراج المدنيين منها». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن توقيف الحملة على المدنيين في الزبداني «يعني إيقاف البراميل المتفجرة التي بلغ عددها حتى الآن 880 برميلا خلال عشرين يوما»، مشيرا إلى أن قوات النظام «نفذت حملة اعتقالات لنازحي الزبداني من بلودان» الخاضعة لسيطرة النظام. وقال إن حماية المدنيين «تعني أيضا توقيف الاعتقالات بحق أهالي الزبداني».
وأشار المصدر إلى أن قوات المعارضة طلبت من وفد المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مفاوضات على إيقاف القصف وإخراج المدنيين قبل بدء معركة بلدتي كفريا والفوعة «لكنه لم يستجب إلى حين بدء المعركة فيهما»، وهما بلدتان محاصرتان في ريف إدلب تسكنهما أغلبية شيعية، ناقلا عن أحمد قرة علي، الناطق باسم «أحرار الشام»، أنه «لا نية للسيطرة على كفريا حتى تتوقف الهجمة على الزبداني».
ميدانيا، قال ناشطون إن قوات المعارضة شنت هجوما مضادا، حيث «تمكن ثوار الزبداني من تدمير ثلاث دبابات بينما اغتنموا اثنتين بالإضافة إلى سبع آليات من سلاح النظام الثقيل». كما تقدمت القوات المسؤولة عن حماية المدينة باتجاه بناءي «سمير غانم» و«الططري» على طريق سرغايا، بينما استطاعت مجموعات مقاتلة التسلل نحو حاجزي «العقبة» و«البنايات» ونجحوا في قتل عناصر الحاجزين واغتنام دوشكا وعربة «بي إم بي».
وفي ظل الهجوم على الزبداني الذي دخل يومه العشرين، فتحت قوات المعارضة السورية أربع جبهات متوازية لتخفيف الضغط عن المدينة، حيث أفاد ناشطون بأن قوات المعارضة «جددت هجومها على بلدة جوبر في دمشق»، بالتوازي مع إطلاق هجمات ضد مدينة درعا، واستمرار حملة القصف الذي يستهدف بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب، فضلا عن إطلاق صواريخ باتجاه القرداحة.
وقال ناشطون سوريون إن الهجوم على القرداحة «يهدف إلى فك الحصار عن الزبداني»، فيما شدد الشرعي في «جبهة النصرة» عبد الله المحيسني، في تغريدة له على «تويتر»، على أن التصعيد في الشمال والغرب «ليس إلا البداية».
أما في درعا، فقد جدد مقاتلو المعارضة هجومهم على المدينة من أربعة محاور، بعد يوم واحد من اجتماع قياديين في «فيلق الرحمن» وقياديين في «الجبهة الجنوبية» لإطلاق معركة درعا، بهدف تخفيف الضغط عن الزبداني، كما قال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط».
أما في جوبر، فقد أفاد ناشطون بأن قوات المعارضة «تمكنت من السيطرة الكاملة على مبنى وحدة المياه في حي جوبر الدمشقي بعد اشتباكات عنيفة خاضها الفيلق مع قوات النظام، تكبدت خلاله الأخيرة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد».
وتأتي أهمية هذا المبنى لموقعه الاستراتيجي الواصل إلى الصالة الرياضية ودوار المناشر وتجمع المدارس والمعهد الفني، بالإضافة إلى أهميته الإنسانية وذلك لإعادة ترميم محولات المياه التي قام النظام بتعطيلها عند دخوله المبنى، وإعادة المياه إلى عدة بلدات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».