معلم فيزياء موهوب يحصل على جائزة «الامتياز الرئاسي» في أميركا

يعتمد على أسلوب الحوار مع الطلاب عوضًا عن تلقين الحقائق

جيمس شافر خلال تدريسه لمادة الفيزياء لعدد من الطلاب في مدرسة مونتغمري بلير الثانوية (واشنطن بوست)
جيمس شافر خلال تدريسه لمادة الفيزياء لعدد من الطلاب في مدرسة مونتغمري بلير الثانوية (واشنطن بوست)
TT

معلم فيزياء موهوب يحصل على جائزة «الامتياز الرئاسي» في أميركا

جيمس شافر خلال تدريسه لمادة الفيزياء لعدد من الطلاب في مدرسة مونتغمري بلير الثانوية (واشنطن بوست)
جيمس شافر خلال تدريسه لمادة الفيزياء لعدد من الطلاب في مدرسة مونتغمري بلير الثانوية (واشنطن بوست)

يعمل جيمس شافر في تدريس الفيزياء. والفيزياء ليست المادة الدراسية الأسهل من حيث إتقانها في مدرسة مونتغمري بلير الثانوية، ولكن شافر يحاول جاهدا الابتعاد عن جو المحاضرات الدراسية الخانقة، وبدلا من ذلك يستحث طلابه على استكشاف المواد، والتعاون فيما بينهم، وطرح الأسئلة.
ويقول شافر عن ذلك: «يدور الأمر حول وجود حالة من الحوار مع الطلاب وتوجيههم من خلال تطور الأفكار لديهم، بدلا من طرح الحقائق وتلقينها».
ولاقت مواهب الأستاذ شافر ترحيبا وتكريما من قبل مقاطعة مونتغمري، حيث نال لقب معلم العام في 2010. ولكنه حصل الآن على التكريم الوطني حيث مُنح جائزة الامتياز الرئاسي في تدريس الرياضيات والعلوم لعام 2015.
كان شافر (35 عاما) من بين 108 معلمين مرشحين للتكريم، ومن بينهم اثنان آخران في ذات المنطقة، وهما: اريس بانجيلينان الذي يعمل مدرسا في كلية فرانسيس إل. كاردوزو بالمقاطعة، وفلورينشا سبايرز، وهو من كبار المعلمين لدى النظام المدرسي في مقاطعة كولومبيا.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما في بيان له حال الإعلان عن الجوائز الرئاسية هذا الشهر «إن أولئك المعلمين يصوغون النجاح الأميركي من خلال شغفهم بالرياضيات والعلوم. حيث تمكن قيادتهم والتزامهم الأطفال من التفكير النقدي وخلق حالة من الإبداع لديهم حيال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. إن العمل الذي يقوم به أولئك الأساتذة في الفصول الدراسية سوف يساعد على ضمان بقاء أميركا في طليعة الدول في المستقبل».
يعمل شافر على تدريس مجموعة من الدورات الفيزيائية في مدرسة سيلفر سبرينغ، ومن بينها الفيزياء المتطورة، والفيزياء الكمية، والفيزياء الرياضية ودروس الفيزياء للطلاب الجدد في برنامج المدرسة العام للرياضيات والعلوم والحواسيب.
ولقد برز اسم الأستاذ شافر عندما فاز طالب من طلاب مدرسة بلير الثانوية هذا العام في منافسة إنتل المرموقة للبحث عن المواهب العلمية.
يقول مايكل هوفمان واينر، وهو من طلاب مدرسة بلير، في مقابلة أجريت معه عقب حصوله على ميدالية المركز الأول للابتكار في فعاليات إنتل «إنه أحد أفضل المعلمين في العالم». وأحد الأسباب وراء النجاح الباهر للأستاذ شافر هو معرفته العميقة بالمادة الدراسية، كما قال واينر هذا الأسبوع. وأضاف: «إنه يفهم تلك المفاهيم من زوايا كثيرة، ويمكنه شرحها وتوضيحها بأساليب متعددة ومختلفة».
وقال ريناي جونسون مدير مدرسة بلير الثانوية إن شافر يأخذ ما يكفيه من الوقت للتعرف على تلامذته ولديه مهارة استثنائية للتواصل معهم: «يمكن للمادة الدراسية أن تكون صعبة الفهم على التلامذة الصغار، ولكنه يجعل منها تجربة فعالة وجذابة».
يتابع جونسون فيقول: «إن شافر يتلقى الشكر والثناء بمنتهى التواضع. إنه يستحق ذلك والمزيد. إنه متواضع للغاية. ويواصل ما يفعله بحماس بسبب أنه يعشق التدريس والتعلم».
وظل شافر في مهنته طوال 13 عاما - مع مدرسة بلير منذ البداية - وهو مشرف قسم الفيزياء بالمدرسة وراعي فرق مسابقات المدرسة كذلك. ولقد نافس أعضاء من فريقه الفيزيائي في منافسات وطنية ودولية، بينما دخل فريق المسابقات الخاص به في نهائيات منافسة «إنها الأكاديمية» مرات كثيرة وفازوا ببطولة منطقة واشنطن مرة واحدة. ولقد حصل فريق المسابقات على المركز السابع هذا العام والمركز الـ13 في غير ذلك من المنافسات الوطنية.
يقول شافر إنه يشعر بفخر كبير لأن يكون أحد مؤسسي (بازل بالوزا)، وهي منافسة سنوية للألغاز تمتد لعدة أيام وتعتمد على الفرق الدراسية في مدرسة بلير: «إنها لعبة بالنسبة لهم، ولكننا نشاهد الكثير من المهارات الحقيقية التي يطورونها من خلال تلك المنافسات».
عندما علم شافر بفوزه بالجائزة الرئاسية، قال: إنه «شعر بحماس قليل، وبفخر كبير، وتواضع جم». يتلقى كل مدرس من المكرمين مبلغ 10 آلاف دولار من المؤسسة الوطنية للعلوم، والتي تشرف على البرنامج لصالح مكتب البيت الأبيض للعلوم والسياسات التقنية.
وقال شافر إن هناك الكثير من المدرسين الآخرين الذين يستحقون التكريم كذلك. وأضاف: «إنه لشرف كبير ودائم أن يتم تكريمك لما تصنعه، وإنه لأمر مثير للمزيد من التواضع. ولكنني أعتقد أنه انعكاس حقيقي للطلاب الرائعين الذين أعمل على التدريس لهم، وللناس الذين أعمل معهم يوما بيوم».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.