في الفلوجة.. ألف مسلح من «داعش» يحاصرون 4 آلاف عائلة

التنظيم المتطرف يسمح للبعض بمغادرة المدينة مقابل أموال

نازحة من الرمادي تحمل طفلها في مخيم ببغداد (أ.ف.ب)
نازحة من الرمادي تحمل طفلها في مخيم ببغداد (أ.ف.ب)
TT

في الفلوجة.. ألف مسلح من «داعش» يحاصرون 4 آلاف عائلة

نازحة من الرمادي تحمل طفلها في مخيم ببغداد (أ.ف.ب)
نازحة من الرمادي تحمل طفلها في مخيم ببغداد (أ.ف.ب)

ساعات وأيام تمر والفلوجة والرمادي، المدينتان الأكبر بين مدن محافظة الأنبار، تنتظران دخول القوات الحكومية العراقية لتحريرهما من تنظيم داعش. المشهد في المدينتين يوحي بقرب ساعة الخلاص وما بين الهروب والتقهقر والتمترس بالمدنيين كدروع بشرية، يعيش مسلحو تنظيم داعش في الفلوجة والرمادي أيامًا تصفها المصادر الأمنية بأنها «باتت معدودة» على ما يبدو بعد الانتهاء من محاصرة المدينتين من قبل القوات العراقية المشتركة.
وبالنسبة للفلوجة، أعلن مجلس محافظة الأنبار عن وجود أكثر من ألف مسلح ينتمون لتنظيم داعش يحاصرون داخل مدينة الفلوجة يحاصرون بضعة آلاف من العوائل. وقال عذال الفهداوي، عضو المجلس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «تنظيم داعش بات يستخدم العوائل المحاصرة داخل مدينة الفلوجة كدروع بشرية من أجل منع تقدم قوات الجيش إلى داخل المدينة، وإن عدد العائلات المحتجزة من قبل (داعش) في الفلوجة يصل إلى 4 آلاف عائلة تعيش ظروفًا مأساوية تحت سطوة التنظيم الإرهابي ويداهمها خطر الموت في كل لحظة وهي تتعرض إلى اعتداءات تصل إلى الاعتقال أو الإعدام».
وأضاف الفهداوي أن «نسبة العائلات التي لم تخرج من مدينة الفلوجة هي أقل من 20 في المائة من مجموع عددها الذي يصل إلى نحو 54 ألف عائلة كانت موجودة قبل سيطرة (داعش) على المدينة». وتابع: «التنظيم الإرهابي أصبح يطبق شريعته بالقوة على عموم المواطنين وينفذ حملة إعدامات على كل من يقدم أو يسرب معلومات أمنية للقوات العسكرية وكذلك لمنتسبي الأجهزة الأمنية».
وأشار الفهداوي إلى أن «عدد مقاتلي (داعش) داخل الفلوجة، وبحسب المعلومات الأمنية والاستخباراتية، وبحسب ما نسمعه من المواطنين، يصل لنحو ألف مسلح»، مؤكدًا أن «هؤلاء المقاتلين مسلحون بأسلحة متطورة ولديهم طرق قتالية ليست بالسهلة؛ مما يحتم على القوات الأمنية التركيز على تجمعاتهم وقصفها قبل دخول الفلوجة».
ويستعين تنظيم داعش في الفلوجة بوسائل شتى بهدف إجبار المواطنين على البقاء في المدينة وعدم مغادرتها تزامنًا مع تضييق الخناق على المدينة بهدف تحريرها من التنظيم الذي يسيطر عليها منذ أكثر من عام.
بدوره، أوضح مصدر أمني أن «عملية خروج العوائل المحاصرة من مدينة الفلوجة تسير بوتيرة بطيئة وتعتمد على الظروف». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «عشرات العائلات تمكنت من الخروج من مدينة الفلوجة خلال الأيام القليلة الماضية عبر ممر الفلاحات والصقلاوية، ونحن ننتظر خروج المزيد منهم، لكون أن عملية دخول قواتنا لتنفيذ المرحلة الأخيرة من خطة تحرير مدينة الفلوجة مرتبطة بخروج هذه العائلات المحاصرة». وكشف أن تنظيم داعش يسمح لبعض العائلات بالخروج مقابل مبالغ مالية.
بدورها، أعلنت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، أن عدد النازحين من الفلوجة بلغ أكثر من 70 ألف شخص أغلبهم من النساء والأطفال، مشيرة إلى أن تنظيم داعش نفذ حملة إعدامات جماعية بحق الكثير من المدنيين الذين خالفوا تعليماته، داعية المجتمع الدولي إلى اعتبار ما قام به التنظيم من جرائم وانتهاكات في الفلوجة وجرائم ضد الإنسانية.
وتتدفق عشرات العائلات الهاربة من العمليات العسكرية الحالية في الأنبار على جسر «بزيبز» على نهر الفرات على أمل السماح لها بالانتقال إلى بغداد أو المرور بها وصولاً إلى مناطق أخرى. وتعزو بشرى العبيدي، عضو مفوضية حقوق الإنسان، التأخير في عمليات تحرير مدينتي الفلوجة والرمادي، إلى تجاهل الحكومة لنداءات المفوضية لها بإخراج المدنيين من مناطق الصراع المسلح. وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «وجود المدنيين بالآلاف في مناطق النزاع، خصوصًا في مدينتي الفلوجة والرمادي، أمر خطير تتحمل الحكومة مسؤوليته بعد أن تغافلت عن الكثير من نداءات مفوضية حقوق الإنسان في العراق التي طالبت من الحكومة وعبر بيانات أصدرتها بإخراج المدنيين من مدن تقع ضمن خطر النزاع العسكري».
ووصفت بـ«الكارثة» وجود هؤلاء المدنيين «بين نار الحكومة وسندان (داعش) في المدن التي تقع تحت سيطرة المسلحين، بينما يعاني النازح من تلك المناطق معاملة سيئة من قبل المسؤولين عند جسر بزيبز وبقية المنافذ التي أغلقتها الحكومة بدوافع أمنية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».