السيستاني يشكك بجدية الرئاسات الثلاث بتخفيض مدخولها ويدعوها إلى محاربة فساد مكاتبها

التخفيض يشمل المخصصات وليس الرواتب.. وليس هناك قانون يحددها

السيستاني يشكك بجدية الرئاسات الثلاث بتخفيض مدخولها ويدعوها إلى محاربة فساد مكاتبها
TT

السيستاني يشكك بجدية الرئاسات الثلاث بتخفيض مدخولها ويدعوها إلى محاربة فساد مكاتبها

السيستاني يشكك بجدية الرئاسات الثلاث بتخفيض مدخولها ويدعوها إلى محاربة فساد مكاتبها

في الوقت الذي رحبت فيه المرجعية الشيعية العليا في النجف بالقرار الذي اتخذته الحكومة العراقية بتخفيض رواتب كبار المسؤولين فيها وفي مقدمتهم الرئاسات الثلاث، فإنها دعت إلى تحويل ذلك إلى قانون لكي لا يبقى حبرا على ورق. وقال ممثل المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة أمس إن هذا القرار «خطوة بالاتجاه الصحيح إذا اكتسب صيغة إلزامية من خلال تشريعه والموافقة عليه في مجلس النواب حتى لا يكون مجرد حبر على ورق وقرارا غير ملزم يشغل الناس ووسائل الإعلام بعض الوقت ثم لا يجد طريقه إلى التنفيذ كما حصل سابقا مع عدد من القرارات المماثلة».
وأضاف: «كما ينبغي أن يتكامل هذا القرار بقرارات أخرى تحقق العدالة الاجتماعية للمواطنين ومنها تقليل الفرق بين الرواتب، حيث إنها متوازنة وقد منحت الرفاهية والتنعم لطبقات من الموظفين على حساب الأكثرية المحرومة المظلومة، كما أن هناك حاجة إلى النظر في كثير من النفقات الحكومية التي لا تعد ضرورية ويمكن الاستغناء عنها ولا سيما أن البلد يعيش ظروفا اقتصادية صعبة تتطلب التدقيق في صرف مواردها المالية». ودعا السيستاني كبار المسؤولين العراقيين إلى البدء بمحاربة الفساد بمكاتبهم، مشيرًا إلى أن كل الدعوات السابقة لم تكن كافية «لأن يصحو ضمير البعض ويستيقظ على وقع ما حل بالعراق وشعبه من الكوارث والفجائع»، داعيا الجميع «خصوصا قادة الكتل وكبار المسؤولين في السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية أن يستحضروا في أنفسهم حجم المسؤولية الشرعية أمام الله والمسؤولية الوطنية أمام شعبهم ليبدأوا بمرحلة العلاج الحقيق والجاد لهذا الداء العضال، ونقولها بصراحة إن لم يبدأ القادة بمكاتبهم وبمن يرتبط بهم ويحسب عليهم في هذه الإجراءات فلا يرتجى أمل قريب في علاج الأوضاع الصعبة في البلاد».
وعلى الرغم من أن اللجنة المالية في البرلمان العراقي أكدت أن القرار يشمل المخصصات وليس الرواتب لكنها رأت وعلى لسان العضو فيها هيثم الجبوري إن «تخفيض المخصصات المالية لكبار المسؤولين سيوفر لخزينة الدولة مائة مليون دولار تشكل ما نسبته ثلاثة في المائة من العجز الكلي للموازنة»، مشيرًا إلى أن ذلك المبلغ يمكن أن يستثمر لمساعدة النازحين والحشد الشعبي وشبكة الحماية الاجتماعية.
وفي الوقت الذي لا يبدو فيه هذا الإجراء مقنعا للمرجعية الدينية رغم ترحيبها ما لم يشمل الرواتب فإن الخبير القانوني طارب حرب أبلغ «الشرق الأوسط» أن «الرواتب والمخصصات التي جرى اعتمادها سابقا لم تقر بقانون من مجلس النواب، وبالتالي حين يجري الحديث اليوم عن ضرورة إصدار قانون لذلك، فإنها في حقيقتها لم تقر بقانون، بل استندت إلى قرار من الحاكم المدني بريمر ومن قرار أصدره أول رئيس وزراء ما بعد عام 2003 وهو إياد علاوي انطلاقا من كونه في وقتها يمثل السلطتين التنفيذية والتشريعية بعدم وجود برلمان وبالتالي فإن لقراراته صفة تشريعية»، مؤكدا: «لكن الأمر اختلف فيما بعد، حيث جرت انتخابات تشريعية وأصبح لدينا مجلس نواب بثلاث دورات بينما بقي حال الرواتب مثلما هو عليه بطريقة التوافق».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.