حملة اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين لتسهيل احتفالات دينية في باحة الأقصى للمستوطنين

مسيرة في الأقصى احتجاجًا على قيام مستوطنة بتوجيه إساءات إلى المسلمين

حملة اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين لتسهيل احتفالات دينية في باحة الأقصى للمستوطنين
TT

حملة اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين لتسهيل احتفالات دينية في باحة الأقصى للمستوطنين

حملة اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين لتسهيل احتفالات دينية في باحة الأقصى للمستوطنين

في الوقت الذي تشدد فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات القمع في القدس الشرقية، بدعوى منع الفلسطينيين من التصدي لليهود في ذكرى الحداد على خراب الهيكل، خرج مئات المصلين في المسجد الأقصى المبارك، في مسيرة بعد صلاة الجمعة، أمس، احتجاجا على قيام مستوطنة يهودية بتوجيه إساءات إلى المسلمين.
وقد شارك في المسيرة مئات المصلين من الرجال والنساء، الذين رددوا هتافات مناصرة للرسول عليه الصلاة والسلام، ورفعوا المصاحف وإشارة التوحيد. وسبقت المسيرة وقفات احتجاجية بين المسجدين القبلي وقبة الصخرة المشرفة، حيث انطلقت بعدها المسيرة من أمام كافة أبواب المسجد الأقصى الداخلية، فيما تم إغلاق بعض البوابات من الخارج. وفي ظل الاحتشاد الكبير للمصلين والمشاركين في المسيرة الاحتجاجية، سحبت قوات الاحتلال عناصرها المتمركزين عند مداخل الأقصى، فيما قام الشبان والمشاركون في المسيرة بإزالة حواجز الاحتلال الحديدية عند المداخل، وتحطيم كاميرا المراقبة المنصوبة عند باب الأسباط.
وجاءت هذه المسيرة بعد قيام مركز الإعلام الفلسطيني ببث شريط على الشبكات الاجتماعية يظهر مجموعة من المستعمرين اليهود تتجول في باحة الأقصى بحماية قوة من حرس الحدود الإسرائيلية، والمصليات المسلمات يهتفن «الله أكبر». فقامت إحدى المستوطنات اليهوديات بشتم الرسول الكريم بالعربية، وغادرت مع بقية المستوطنين. وقد أثار هذا الاعتداء مشاعر المسلمين. ودعت مؤسسة القدس الدولية على لسان مديرها العام، ياسين حمود، إلى هبة غضب نصرة للنبي صلى الله وسلم ولمسراه. وقال حمود: «إنه في الوقت الذي تلاحق فيه قوات الاحتلال كل من يصدح بالتكبير بالسجن والتنكيل، فإنها تسمح وتقدّم الحماية للمتطرفين من أجل تدنيس المسجد الأقصى بالاقتحامات المتكررة وتسهل لهم المسيرات الاستفزازية في البلدة القديمة التي يطلقون فيها الإهانات وتعلو أصواتهم بشتيمة أقدس رموز المسلمين، وكل ذلك بحراسة عسكرية ودعم حكومي غير محدود».
ودعا حمود علماء الأمة والمرجعيات الدينية إلى تعبئة الجماهير الإسلامية والعربية وحثها على الخروج بمسيرات عامة مناهضة للاحتلال، بسبب تطاوله على الرموز الإسلامية، وانتهاكه لحرمة مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرة على اعتداءات قوات الاحتلال المتزايدة على المرابطات المقدسيات اللواتي يقمن بواجبهن في حراسة الأقصى والتصدي لاقتحامات المتطرفين. كما دعا حمود المقدسيين وفلسطينيي 1948 إلى تكثيف الوجد في الأقصى وشد الرحال إليه أيام الجمعة والسبت والأحد، تحت شعار «حماية مسرى النبي» صلى الله عليه وسلم، في ظل حشد الجمعيات الصهيونية ودعوتها لاقتحامات جماعية للأقصى بمناسبة «ذكرى خراب الهيكل»، مؤكدًا على أهمية دور المرابطين والمرابطات في حماية الأقصى من مشروع الاحتلال في السيطرة عليه.
وكانت سلطات الاحتلال قد أقامت المزيد من الحواجز وكثفت الدوريات البوليسية، تمهيدا لقدوم ألوف المصلين اليهود خلال اليومين القادمين إلى منطقة الحرم لإحياء ذكرى خراب الهيكل. فالمعروف أن المستوطنين يعتقدون بغالبيتهم أن الهيكل اليهودي المقدس كان قائما مكان قبة الصخرة. وبعضهم يطالبون بهدم الصخرة وإعادة بناء الهيكل مكانها. ولذلك يأتون لإقامة الصلوات هناك. وقد شنت القوات الإسرائيلية حملة اعتقالات واسعة، طالت مجموعة كبيرة من أبناء البلدة القديمة في القدس المحتلة، فجر أمس الجمعة، بدعوى ردع الفلسطينيين عن استفزاز المصلين اليهود. كما سلمت عددا كبيرا آخر من المقدسيين الاستدعاءات لمراجعة مخابراتها.
وقال رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين، أمجد أبو عصب، إن هذه الاعتقالات تدل على أن المنظمات والجمعيات اليهودية تنوي القيام بأوسع مشاركة في اقتحام المسجد الأقصى المبارك صباح يوم الأحد المقبل. وحذر من دعوة المستوطنين للشرطة بأن تغلق المسجد أمام المواطنين وفتحه بالكامل أمام المستوطنين لممارسة طقوسهم التلمودية بهذه المناسبة، وتسهيل اقتحام المسجد.
وفي غضون ذلك، تتواصل عمليات القمع الاحتلالي في مختلف أنحاء الضفة الغربية. ففي الخليل اعتقل سبعة أشخاص. وفي مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، أصيب شابان برصاص قوات الاحتلال، التي اقتحمت المخيم فجر أمس الجمعة. وخلال المسيرة الأسبوعية لأهالي قرية النبي صالح غربي رام الله، احتجاجا على الجدار، أصيب متظاهران بإصابات متوسطة من العيارات النارية لجيش الاحتلال.
من جهة ثانية، أصدرت سلطات الاحتلال تعليمات بمنع المواطنين العرب في إسرائيل، من دخول قطاع غزة في الحقبة المقبلة. وبحسب ادعاء الجيش كان يُسمح لهؤلاء المواطنين بالتوجه إلى قطاع غزة من أجل زيارة أقارب من الدرجة الأولى، أو المشاركة في جنازات أو أعراس، والالتقاء مع الزوج أو الزوجة. ووفقا لمعطياته فإن 762 مواطنا عربيا زاروا القطاع في النصف الأول من العام الحالي. وقرر قائد الجبهة الجنوبية في جيش الاحتلال، سامي ترجمان، قبول توصية من منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة، يوآف مردخاي، بـ«تقليص» دخول المواطنين العرب إلى قطاع غزة، بدعوى «الأخطار الأمنية عليهم». وفسر الجيش هذه الخطوة بالقول إن حكومة حماس تحتجز في غزة مواطنا عربيا ومواطنا يهوديا من إسرائيل، وتحاول التعامل معهما كمخطوفين تفاوض على صفقة لإطلاق سراحهما مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».