معلومات عن اتفاق تركي ـ أميركي لاستهداف «داعش» وجماعات كردية

عناصر من التنظيم الإرهابي هاجموا مركزاً حدودياً قرب سوريا.. والجيش التركي توغل 5 كيلومترات في منطقة العملية

عنصر أمن تركي يقوم بحراسة المكان الذي شهد الهجوم على مركز حدودي في مدينة دياربكر أمس (رويترز)
عنصر أمن تركي يقوم بحراسة المكان الذي شهد الهجوم على مركز حدودي في مدينة دياربكر أمس (رويترز)
TT

معلومات عن اتفاق تركي ـ أميركي لاستهداف «داعش» وجماعات كردية

عنصر أمن تركي يقوم بحراسة المكان الذي شهد الهجوم على مركز حدودي في مدينة دياربكر أمس (رويترز)
عنصر أمن تركي يقوم بحراسة المكان الذي شهد الهجوم على مركز حدودي في مدينة دياربكر أمس (رويترز)

شهدت الحدود التركية - السورية أمس أول اشتباك من نوعه، بين جنود أتراك وعناصر من تنظيم داعش هاجموا مركزا حدوديا تركيا. ووصفت مصادر تركية الحادث بأنه «موضعي»، لكنها حذرت من «اختبار حدود صبرها من قبل الجماعات الإرهابية»، فيما تحدثت مصادر ميدانية في منطقة الحادث عن «توغل تركي بري محدود» جرى في منطقة العملية لملاحقة المهاجمين، وسط ارتفاع لافت في حدة الهجمات التي تتعرض لها قوات الأمن التركية من قبل جماعات كردية غاضبة بعد الهجوم الانتحاري الأخير لـ«داعش» في بلدة سوروج التركية ذات الغالبية الكردية، مما أطلق سجالا يهدد عملية السلام مع الأكراد.
وتأتي أهمية الحادث في كونه تزامن مع اتصال وصفته مصادر رسمية تركية بأنه «مهم جدا» جرى بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وقالت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اتفاقا كاملا جرى بين الطرفين حول كيفية معالجة الوضع القائم في المنطقة الحدودية والتهديدات الإرهابية التي تطاول تركيا». وقالت المصادر إن الإرهاب لا يقتصر على «داعش»، بل يتعداه إلى جماعات أخرى موجودة في الشمال السوري، في إشارة إلى جماعات مسلحة كردية تعتبرها أنقرة تهديدا مباشرا لأمنها. ورفضت المصادر التركية تأكيد أو نفي معلومات أبلغتها مصادر غير رسمية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن أوباما وإردوغان اتفقا على خريطة طريق تتضمن مواجهة خطر «داعش» والتنظيمات الكردية معا، بما يرضي الطرفين.
وكان الرئيس الأميركي أجرى اتصالا هاتفيًا بنظيره التركي لمناقشة سبل مكافحة تنظيم داعش. وذكر بيان للبيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما بحث مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان سبل تكثيف التعاون بين البلدين في مواجهة تنظيم داعش، وسبل إحلال الأمن والاستقرار في العراق، وكذلك محاولة التوصل لحل سياسي للصراع الدائر في سوريا. وأشار البيان إلى أن أوباما قدَّم التعازي الحارة، باسم الشعب الأميركي، لإردوغان في ضحايا حادث بلدة سوروج الذي وقع الاثنين الماضي، وفي ضابطي الشرطة اللذين استشهدا في بلدة جيلانبينار، أمس، مشيرا إلى أن الرئيسين أكدا على تعاونهما لمكافحة الإرهاب في تركيا.
وأضاف البيت الأبيض في بيانه أن الرئيسين الأميركي والتركي بحثا إمكانيات وضع آلية مشتركة لوقف تدفق المقاتلين الأجانب على التنظيم الإرهابي، وزيادة التعاون في ما يتعلق بفرض الأمن والسيطرة على الحدود التركية مع سوريا. كما أكد أوباما مرة أخرى على التعهدات الأميركية في ما يتعلق بأمن تركيا القومي. واتفق الرئيسان على الاستمرار في العمل المشترك عن قرب في هذا الصدد وفي سائر القضايا الإقليمية.
وكشفت مصادر تركية رسمية، لـ«الشرق الأوسط»، أن أنقرة أبلغت واشنطن موافقتها على تسليح طائرات «الدرون» من دون طيار الموجودة في قاعدة أنجرليك في جنوب تركيا. وأشارت المصادر إلى أن القوات الأميركية كانت تستعمل هذه القاعدة لإطلاق طائراتها من دون طيار فوق الأراضي السورية، وهي طلبت مؤخرا السماح بتزويد هذه الطائرات بأسلحة بعدما كانت أنقرة تصر على عدم تسليحها. وأوضحت المصادر أن الاتفاق الأميركي - التركي يتضمن أيضا إمكانية النظر مستقبلا في استعمال القاعدة للمشاركة في عمليات يقوم بها التحالف الغربي - العربي الذي يستهدف «داعش» في العراق وسوريا.
وكان مقاتلون يعتقد أنهم من تنظيم داعش هاجموا أمس أحد المواقع العسكرية التركية المتمركزة على الحدود السورية التركية في منطقة «ألبيلي»، مما أسفر عن مقتل الضابط «يالجين ناني» وجرح جنديين آخرين. وردت القوات التركية بقصف مواقع التنظيم في الجانب السوري، حيث أسفر ذلك عن مقتل أحد مسلحي التنظيم، حسب المعطيات الأولية. وأوضح والي مدينة كيلس، سليمان تابسيز، أن الاشتباكات بين قوات حماية الحدود التركية وعناصر تنظيم داعش ما زالت مستمرة، وأن قائد فرقة المدرعات الخامسة الجنرال «جلال الدين دوغان» توجّه إلى المنطقة للإشراف على عملية الاشتباك.
وكشفت مصادر ميدانية أن المهاجمين كانوا يستقلون خمس سيارات، مشيرة إلى أن القوات التركية أحرقت أربعا منها وقتلت عنصرا على الأقل من التنظيم. وأكدت نقلا عن شهود عيان أن القوات التركية لاحقت المهاجمين مسافة خمسة كيلومترات في الأراضي السورية، وهو ما لم تؤكده مصادر تركية اتصلت بها «الشرق الأوسط».
وقال مسؤول تركي أمس إن أنقرة أرسلت طائرات مقاتلة إلى الحدود السورية عقب الاشتباكات. وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية بأن تعزيزات عسكرية قادمة من قيادة الفوج الخامس المدرع في ولاية غازي عنتاب التركية (جنوب)، وصلت إلى المنطقة الحدودية مع سوريا في ولاية كيلس (جنوب). وأضافت أن التعزيزات ضمت رتلا من المركبات العسكرية، التي انضمت إلى الوحدات العسكرية المتمركزة على الحدود السورية في قضاء «ألبيلي» التابع لكليس. وكانت القوات المسلحة التركية قد نشرت خلال الأسابيع الماضية دبابات، وعربات قتالية مدرعة، وأنظمة دفاع جوي، إضافة إلى جنود، عند النقاط الحدودية بقضاء «ألبيلي».
واستبعد الأمين العام لمنظمة الحوار العربي - التركي إرشاد هورموزلو عملية عسكرية تركية في الأراضي السورية ردا على العملية، لكنه أشار إلى أن هذا الاحتمال يبقى واردا في حال حصلت هجمات أوسع. ورأى أن الهجوم الذي نفذه «التنظيم الإرهابي يهدف إلى جس نبض تركيا ومحاولة توريطها»، لكنه أشار إلى أن تركيا كانت حازمة وأبلغت من يعنيهم الأمر بأنها ستطبق قواعد الاشتباك الخاصة بها عند الحدود. وإذ أكد هورموزلو أن المنطقة الآمنة التي تطالب بها تركيا أصبحت ضرورة ملحة، أشار إلى أن مجلس الوزراء التركي بحث موضوع السياج الحدودي الذي سيمتد نحو 118 كيلومترا لتأمين النقاط الحدودية مقابل المناطق التي ينتشر فيها «داعش» ومقاتلون أكراد في سوريا.
وكان مسؤول حكومي رفيع المستوى قال إن جدارا بالقوالب الجاهزة طوله 150 كيلومترا سيقام على امتداد جزء من الحدود وسيتم تعزيز سياج من الأسلاك في مناطق أخرى. وأوضح أنه سيتم تركيب أنوار كاشفة على امتداد 118 كيلومترا، وسيجري إصلاح طرق الدوريات الحدودية بتكاليف تبلغ نحو 230 مليون ليرة (86 مليون دولار). ويعمل الجيش التركي على حفر خندق بطول 365 كيلومترا على امتداد الحدود، وأعلنت مصادر تركية أن الجيش نشر نحو 90 في المائة من الطائرات دون طيار وطائرات الاستطلاع على الحدود مع سوريا. وأضاف المسؤول أن نحو نصف العربات المدرعة التي تقوم بدوريات حدودية موزعة على امتداد الحدود السورية. كذلك فإن نصف قوة حرس الحدود المؤلفة من 40 ألف جندي موزع على الحدود السورية.
وكشفت مصادر بالجيش التركي عن أن القوات المسلحة التركية تستمر في أعمال حفر الخنادق على الحدود الواقعة بين بلدة نصيبين التابعة لمدينة ماردين جنوب تركيا وقامشلي السورية المواجهة لها مباشرة، مشيرة إلى أن أعمال الحفر ستستمر حتى بلدة جيزرا التابعة لمدينة شرناق. وأوضحت المصادر أنه من المقرر أن يمتد الخندق الذي يعكف الجنود الأتراك على حفره في منطقة الألغام المتاخمة للحدود، بطول الشريط الحدودي حتى بلدة جيزرا التابعة لمدينة شرناق، مشيرة إلى أنه من المقرر أن يكون الخندق بعرض 5 أمتار وعمق 5 أمتار، على أن يصل العمق إلى 9 أمتار بعد إضافة الركام الترابي على جانبي الخندق.
وكان الجيش التركي أوضح أن الغرض من حفر الخندق الحدودي هو وقف عمليات التسلل غير المشروع إلى الجانب السوري، ووقف تدفق المقاتلين إلى صفوف الجماعات الإرهابية المشاركة في الحرب الداخلية المشتعلة شمال سوريا. وتجدر الإشارة إلى أنه تم حفر خندق في فبراير (شباط) الماضي بين بلدة نصيبين وقامشلي ناحية بلدة كيزيل تبه. إلا أن هذا الخندق البالغ عرضه خمسة أمتار وعمقه خمسة أمتار وصل طوله إلى كيلو متر.
وكان نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بولنت أرينتش أكد أهمية الحيلولة دون عبور الإرهابيين الحدود لدرء تهديدات تنظيم داعش الإرهابي. وقال أرينتش، عقب اجتماع مجلس الوزراء الذي عقده أول من أمس عقب تفجيرات سوروج: «الأمر الأهم هو الحيلولة دون عبور الإرهابيين لدرء التهديد الذي يشكله (داعش). ولذلك يجب اتخاذ التدابير اللازمة». وأضاف أرينتش: «لقد اتخذنا قرارا لتأسيس نظام أمني في الحدود درءا لمخاطر الإرهابيين. وهذا النظام يجب أن يحول دون عبور الإرهابيين، كما ينبغي تسهيل إدخال المعونات الإنسانية، ومنع دخول المقاتلين. ونظرا لأننا نعتبر (داعش) مصدر تهديد فعلينا أن نبدأ بتقوية النظام الأمني في المناطق الحدودية القريبة من أماكن وجود (داعش). وسوف تُتخذ تدابير إضافية لسد الثغرات التي يمر منها الإرهابيون».
إلى ذلك، تعرض شرطيّا مرور في ولاية ديار بكر (جنوب تركيا) لهجوم مسلح، أمس، أسفر عن مقتل أحدهما وإصابة الآخر بجروح. وذكرت مصادر لوكالة «الأناضول» أن الشرطيين «تانسو آيدن»، و«علي كارهان» تعرضا لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين، بينما كانا في طريقيهما نحو حي «شهيدليك» في الولاية، لتلقيهما بلاغا بوقوع حادث مروري في المنطقة.
وفي إقليم تونجلي الشرقي، فتح مسلحون النار على قاعدة عسكرية، مما أدى إلى اشتباك قصير. وفي فان قرب حدود إيران، قال بيان للجيش إن متشددين أشعلوا النار في شاحنات وفتحوا النار على جنود. كما عطل متمردون حركة المرور على الطرق السريعة وأشعلوا النار في سيارات في محافظات مختلفة بشرق البلاد.
وقد هاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حزب الشعوب الديمقراطي الكردي لـ«التزامه الصمت إزاء استشهاد اثنين من رجال الشرطة» أول من أمس. وقال إردوغان في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية: «هناك جهات تعلن صراحة أنها تستند إلى تنظيم إرهابي تلتزم الصمت إزاء العملية الوحشية التي تبنتها منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، وهي لا تتجرأ حتى على إدانة الهجمات التي قامت بها المنظمة؛ وهذا أمر مؤسف للغاية». وأضاف: «إن تغاضي البعض عن الجنايات القذرة التي تقوم بها منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، التي تبنت عملية اغتيال الشرطيين، ينم عن تعاطفهم مع هذه المنظمة، كما يعكس خسة نواياهم. بيد أن شعبنا يرى أن الإرهاب لا دين ولا مذهب ولا قومية له، ولا يمكن الدفاع عن وحشية الإرهاب بأي ذريعة، كما أنه يعي أنه لا يمكن تبني أي قيمة من قيم الإرهاب».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».