«القاعدة» تتراجع عن وعودها بمغادرة المكلا.. وتعتقل ضباطًا عسكريين متقاعدين

مظاهرة مناوئة للتنظيم المتطرف من أجل التضامن مع الضباط من لجنة الأمن والدفاع المعتقلين

قيادي في «القاعدة» يتحدث لمجموعة من المتظاهرين بمدينة المكلا أمس («الشرق الأوسط»)
قيادي في «القاعدة» يتحدث لمجموعة من المتظاهرين بمدينة المكلا أمس («الشرق الأوسط»)
TT

«القاعدة» تتراجع عن وعودها بمغادرة المكلا.. وتعتقل ضباطًا عسكريين متقاعدين

قيادي في «القاعدة» يتحدث لمجموعة من المتظاهرين بمدينة المكلا أمس («الشرق الأوسط»)
قيادي في «القاعدة» يتحدث لمجموعة من المتظاهرين بمدينة المكلا أمس («الشرق الأوسط»)

تراجع تنظيم القاعدة في اليمن، عن وعوده بمغادرة مدينة المكلا (جنوب)، مؤكدا أنه باق فيها، وفي المقابل قام بحملة اعتقالات طالت ضباطا وعسكريين متقاعدين.
وقال القيادي الميداني في تنظيم القاعدة أبو عمر النهدي في خطاب ألقاه على جمع من المتظاهرين المحتجين على السياسات التي تمارسها «القاعدة» على أبناء مدينة المكلا جنوب اليمن، والتي تسيطر عليها «القاعدة» منذ 2 أبريل (نيسان) الماضي: «إن التنظيم لم يأت بموافقتكم، ولن يستطيع أحد أن يخرجنا من حضرموت.. لأني أنا من أبناء حضرموت، ونحن من هنا ومن أبناء حضرموت». وأضاف: «أن نقاتل الحوثي في الجبهات، ونخسر الدماء، ثم نرحل، فهذا غير منصف». وهو ما يتنافى مع الوعود التي قدمها التنظيم للمواطنين عبر ممثليه، والتي قضت بأن يخرجوا خارج مدينة المكلا فور زوال خطر تقدم ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، تجنبًا لتحويل المدينة لساحة حرب بين التنظيم والقوات الحكومية، وتجنبًا لتكرار سيناريو تدمير مدينة زنجبار في محافظة أبين في عام 2012، التي كان يسيطر عليها التنظيم، وحولها لساحة مواجهة بينه وبين القوات الحكومية، مما أدى لدمار شامل، وتهجير كامل لسكانها.
واتهم النهدي رئيس لجنة الأمن والدفاع التابعة لمجلس حضرموت العميد محمد سعيد الجريري بمحاولة تصفية عناصر التنظيم، قائلاً: «الجريري أراد تصفيتنا، ونحن لم نفعل له شيئا، وليس لدينا عداء مع أحد»، مضيفًا: «إنه رغم وجود خلافات مع الضباط فإننا عندما دخلنا المكلا لم نعمد إلى تنفيذ عمليات قتل وتصفية لهم، بل مددنا أيدينا إلى الجميع من كل الطوائف، وكل المكونات الموجودة، فنحن نجتمع على عدة أمور، منها ضرب أي وسيلة تؤدي لاقتراب الاقتتال الداخلي، وحفظ النسيج الاجتماعي بحضرموت». وأشار النهدي للأمر الذي أغضب التنظيم، وهو حصوله على بعض المخاطبات التي تمت بين رئيس اللجنة العميد محمد سعيد الجريري، وجهات داعمة له، أدرج فيها الجريري التنظيم ضمن قائمة المستهدفين من قبل القوات التابعة للجنة الأمن والدفاع البالغ عددها 3 آلاف متطوع.
وكانت المدينة قد شهدت يوم أمس مسيرة ومظاهرة جماعية نفذها المئات، تندد باعتقال «القاعدة» لخمسة من الضباط العسكريين المتقاعدين من الجيش اليمني، والمؤسسين والمنظمين لمعسكرات لجنة الأمن والدفاع، كما سبق للتنظيم اعتقال رئيس اللجنة العميد الجريري في 29 أبريل الماضي، على خلفية إنشائه للمعسكرات التدريبية، وأطلقت سراحه بعد يوم واحد، ليغادر بعدها إلى خارج البلاد، إلا أن التنظيم عاد ليعتقل خمسة من أبرز أعضاء اللجنة في منتصف يوليو (تموز) الحالي، بحجة شكاوى عدد من المتطوعين بالمعسكرات، أفادت بعدم استلامهم لمخصصات مالية كانت مرصودة لهم، وهو الأمر الذي نفى عدد من قيادات اللجنة لـ«الشرق الأوسط» أن يكون السبب الرئيس في اعتقال الضباط.
وقال العقيد غالب حسين المرفدي، الناطق باسم لجنة الأمن والدفاع، إن هذه المظاهرة نظمت من أجل التضامن مع الضباط المشرفين على التدريبات العسكرية في المعسكرات التابعة للجنة الأمن والدفاع المعتقلين، والمطالبة بإطلاق سراحهم، وإن عملية الاعتقال جاءت بسبب حدوث بعض الإشكاليات الداخلية التي تتعلق بصرف حوافز الجنود كما تقول «القاعدة»، موضحًا أن عملية تدريب المجندين تعد تطوعًا، وأن القائمين على هذا المشروع بذلوا ويبذلون جهدا كبيرا في جمع التبرعات والمساعدات من رجال الخير لأجل توفير احتياجات التدريب، وتوفير حوافز المجندين، وأن ازدياد أعداد المجندين الذين يصل عددهم إلى أكثر من 3 آلاف مجند متطوع سبب ضائقة مالية لدى اللجنة، أدت إلى تعثر عملية صرف الحوافز.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.