بعد شهور من الانتظار.. برلمان تونس يقر عقوبة الإعدام لجرائم الإرهاب

الداخلية تتحرى عن تونسي اعتقل بإيطاليا بسبب نشر دعاية لتنظيم داعش

بعد شهور من الانتظار.. برلمان تونس يقر عقوبة الإعدام لجرائم الإرهاب
TT

بعد شهور من الانتظار.. برلمان تونس يقر عقوبة الإعدام لجرائم الإرهاب

بعد شهور من الانتظار.. برلمان تونس يقر عقوبة الإعدام لجرائم الإرهاب

أقر برلمان تونس، أمس الخميس، عدة مواد في قانون «مكافحة الإرهاب» الجديد، الذي ينص على عقوبات تصل إلى الإعدام، رغم انتقادات منظمات غير حكومية وتجميد تنفيذ هذه الأحكام.
وصوت البرلمان التونسي لفائدة قانون يعتبر التكفير جريمة إرهابية، ونال الفصل 13 من قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، المعروض حاليا على أنظار البرلمان للنقاش، موافقة 144 نائبا برلمانيا ليصبح بذلك قانون تجريم التكفير ساري المفعول بمجرد التصديق النهائي عليه.
وينص هذا الفصل على تجريم «التكفير والدعوة إليه والتحريض على الكراهية والتباغض بين الأجناس والأديان والمذاهب والدعوة إليها»، كما ورد في مشروع القانون المقدم إلى البرلمان.
وحضر الجلسة الأولى المخصصة لمناقشة هذا القانون المعطل منذ نحو أربع سنوات والمقدم لأول مرة إلى المجلس التأسيسي، محمد ناجم الغرسلي وزير الداخلية، ومحمد الصالح بن عيسى وزير العدل، باعتبارهما يشرفان على وزارتين ذواتي علاقة مباشرة بموضوع الإرهاب.
وإلى حدود منتصف الليلة الماضية لم يصادق البرلمان إلا على 15 فصلا من مجموع 138 فصلا، تمثل مجمل فصول هذا القانون. وهذا السير البطيء للنقاشات قد يكون، حسب مراقبين، مؤثرا على التزام المجلس النيابي بالانتهاء من النظر في القانون والتصديق عليه قبل يوم غد السبت.
ويتضمن مشروع القانون الجديد 138 فصلا موزعة على بابين أساسيين، الأول خصص لمكافحة الإرهاب، والثاني لمنع غسيل الأموال.
ووعد محمد الناصر، رئيس البرلمان، بإنهاء عملية التصديق على القانون الجديد بالتزامن مع احتفال تونس بعيد الجمهورية الذي يوافق هذه السنة غدا السبت، واعتبر أن احترام هذا الأجل وارد جدا في حال تفهم أعضاء البرلمان طبيعة المرحلة التي تمر بها تونس.
وحاز الفصل الـ13 من قانون مكافحة الإرهاب، المتعلق باعتبار التكفير جريمة إرهابية، حيزا كبيرا من النقاش، خاصة أنه يعدد الحالات التي تعتبر جريمة إرهابية، وتقدمت بشأنه ثلاثة مقترحات تعديل، فيما اعتبره عبادة الكافي، رئيس لجنة التشريع في البرلمان، بمثابة «المحرك الأساسي للقانون المعروض على المجلس»، وبعد نقاشات دامت عدة ساعات حظي هذا الفصل بموافقة 144 نائبا من نواب البرلمان، ليصبح هذا الفصل المثير للجدل ساري المفعول من الناحية القانونية.
وذكرت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» أن التصديق على الفصل المجرم للتكفير يهدف إلى التقليص من تعسف المجموعات الدينية المتطرفة على القيادات السياسية اليسارية والليبرالية، وأصحاب التفكير المختلف في تأويل النصوص الدينية. إلا أنها أشارت إلى أن القانون وحده لا يمكن أن يؤسس لعلاقات متوازنة بين مختلف الأطراف السياسية.
وخلال اليوم الثاني الذي خصص للنظر في قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، قدم عبد الفتاح مورو، نائب رئيس مجلس نواب الشعب (قيادي بحركة النهضة)، الذي ترأس الجلسة البرلمانية، اعتذاره للنواب بسبب «قمعه لهم» خلال الجلسة البرلمانية، على حد تعبيره، ومنعه عددا من النواب من التدخل لمناقشة قانون الإرهاب وغسيل الأموال. وطلب مورو الاعتذار بالخصوص من وليد الجلاد، النائب عن حركة نداء تونس (الحزب الحاكم)، بعد رفض تدخله في أشغال الجلسة العامة البرلمانية، وقال إنه اتخذ هذا الموقف لضمان حسن سير الجلسة.
على صعيد متصل بالإرهاب، ذكر بلاغ لوزارة الداخلية أن قوات الأمن نفذت خلال ليلة أول من أمس وأمس مائة عملية مداهمة لمحلات يشتبه في إيوائها عناصر تنتمي لتنظيمات متطرفة، وأنها أحالت 12 عنصرا إلى الوحدات المختصة في مكافحة الإرهاب، وأنهم ينتمون لولايات (محافظات) تونس العاصمة، وبن عروس، والمنستير، ومدنين، والقصرين، وجندوبة، والقيروان، وسليانة، كما حجزت لدى المشتبه بهم كتبا تحرض على ارتكاب جرائم إرهابية.
في السياق نفسه، قال مصدر أمني بوزارة الداخلية التونسية أمس إن السلطات بصدد التحري بشأن التونسي الموقوف بإيطاليا، والذي يشتبه في تخطيطه لتنفيذ هجمات إرهابية.
وقال متحدث إعلامي تونسي إنه يجري التحري بشأن لسعد البريكي، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية في إيطاليا، بعد أن أكدت الشرطة الإيطالية أول من أمس أنها اعتقلت رجلين كانا قد نشرا دعاية لتنظيم داعش على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وتم سماعهما وهما يخططان لشن هجمات ضد قاعدة جوية إيطالية تضم أفراد جيش أميركيين.
وكان المشتبه بهما، وهما تونسي يدعى لسعد البريكي وآخر باكستاني، يديران حسابا خاصا بتنظيم داعش في روما والذي جرى تعليقه. وأشارت وسائل إعلام محلية في تونس إلى أن لسعد البريكي ينحدر من مدينة القيروان، وهو ما طرح احتمال حول ما إذا كانت له علاقة بسيف الدين الرزقي، منفذ الهجوم الإرهابي على فندق بسوسة في يونيو (حزيران) الماضي والمنتمي إلى المدينة نفسها.
ولم يؤكد المتحدث بوزارة الداخلية أي معلومات بشأن البريكي حتى الآن، وأشار إلى أن الداخلية ستكشف في وقت لاحق تفاصيل عنه إلى الرأي العام حالما تنتهي التحريات بشأنه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».