أثارت تطورات الأزمة اليونانية توترًا في سوق الديون لكنها أثبتت من جهة أخرى أن هذه السوق قاومت هذه المرة انتشار العدوى، خلافا لما حصل قبل ثلاث سنوات في عز الأزمة.
وأدت المفاوضات مع اليونان، وما رافقها من فوضى وغموض، إلى تأجيج التقلبات في الأسواق، غير أن ارتفاع معدلات الفائدة على القروض بقي محصورا إلى حد بعيد باليونان نفسها.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، حين ظهرت الصعوبات المالية اليونانية إلى العلن عام 2011، فإن انعكاسات هذه الأزمة تخطت حدود اليونان لتغرق منطقة اليورو بكاملها في أزمة ديون خطيرة بالكاد بدأت تخرج منها.
وقال باتريك جاك اختصاصي سوق الديون في مصرف «بي إن بي باريبا» إنه هذه السنة «حصل تلوث إنما لم تحصل عدوى»، في الدول الأوروبية الأخرى.
كذلك رأى فريديريك غابيزون مسؤول أسواق السندات في مصرف «إتش إس بي سي» أنه «لم تحصل عدوى، هذا الفرق الكبير عما حصل قبل ثلاث أو أربع سنوات»، مشيرا إلى أنه حتى في المراحل الأكثر حساسية من المفاوضات بين اليونان ودائنيها «لم تحصل تحركات كثيفة لبيع سندات ديون» إسبانية أو إيطالية.
وقال جان فرنسوا روبان اختصاصي أسواق السندات في ناتيكسيس إن «حجم (الأزمة) مختلف تماما، فنسبة الفائدة على ديون البرتغال لعشر سنوات مثلا ارتفعت إلى أكثر من 18 في المائة في مطلع 2012، مقابل 3 في المائة فقط هذه المرة».
وأول عملية إصدار سندات أجراها الاتحاد الأوروبي بعد إعلان الاتفاق مع اليونان تظهر ثقة المستثمرين، بحسب غابيزون، الذي أشرف على العملية.
وقال إنه «خلال ساعة وربع الساعة فقط سجل طلب بقيمة 1.8 مليار يورو أي ثلاثة أضعاف الـ600 مليون التي كان الاتحاد الأوروبي يأمل في اقتراضها لخمس سنوات لقاء عائدات بنسبة 0.272 في المائة، مما يعتبر نجاحا حقيقيا».
لكن كيف يمكن تبرير هذا الاختلاف في الحالتين، إذ إن الأسباب ذاتها لم تكن لها النتائج نفسها؟
قال روبان ردا على هذا السؤال إن «منطقة اليورو نظمت نفسها بشكل أفضل، كما أن البلدان في أوضاع مختلفة. والبرتغال وإسبانيا أجرتا إصلاحات مهمة» وحققت دول منطقة اليورو نموا اقتصاديا.
وتابع: «تم كذلك تحقيق اتحاد مصرفي وآلية استقرار أوروبية والأهم أن البنك المركزي الأوروبي هنا ويعيد شراء سندات ديون يوميا».
وتعمد المؤسسة النقدية الأوروبية منذ مطلع مارس (آذار) إلى إعادة شراء نحو 60 مليار يورو من السندات في المعدل في الشهر، معظمها سندات دولة، حرصا منها على تحفيز التضخم والنمو.
ويؤمن هذا البرنامج دعما قويا للسوق من خلال إبقائه معدلات الفائدة على القروض بمستويات منخفضة جدا. غير أن هذا لم يمنع السوق من تسجيل توجهات مختلفة تماما بين الفصلين الأول والثاني من السنة.
فنسب الفوائد على ديون الدول تدنت كثيرا في مطلع العام إثر الإعلان عن خطة الدعم، إلى حد باتت معه بعض النسب الفعلية سلبية بعد أخذ نسبة التضخم في الاعتبار.
أما في سوق السندات، فكلما ارتفع الطلب وانخفضت نسب الفوائد، باتت شروط تمويل الدول أفضل.
لكن «الفصل الثاني كان فوضويا» رغم كل شيء بحسب جاك، مع تسجيل فترتين عاودت فيهما نسب الفوائد الارتفاع.
غير أن الاختصاصيين يشيرون إلى أن ذلك لا يمت بصلة إلى اليونان، حيث بدأ هذا التوجه يسجل قبل الحديث عن احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو.
وأوضح جاك: «كان هناك عدة عناصر مسببة: إحصائيات اقتصادية أفضل مما كان متوقعا، وتصريحات بعض اللاعبين الأساسيين في السوق تؤكد أن مستوى النسب منخفض جدا ويدعو إلى البيع».
وتابع: «عندها سجل توتر في السوق»، متوقعا أن يكون الصيف أكثر هدوءا.
وقال: «من المفترض أن يكون الصيف أكثر هدوءا، لكن عند الخريف، مع احتمال زيادة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نسب الفوائد الرئيسية والمفاوضات حول إعادة هيكلة الدين اليوناني، فإن التقلبات قد تعود إلى الأسواق».
سوق الديون تأثرت بالأزمة اليونانية من دون أن تنتقل إليها العدوى
خلافًا لما حصل قبل 3 سنوات في عز الأزمة
سوق الديون تأثرت بالأزمة اليونانية من دون أن تنتقل إليها العدوى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة