القاهرة تبدي تحفظات خلال اجتماعات اللجنة الفنية لسد النهضة الإثيوبي

وزراء الري في مصر وإثيوبيا والسودان يجتمعون بالخرطوم لحل القضايا العالقة

القاهرة تبدي تحفظات خلال اجتماعات اللجنة الفنية لسد النهضة الإثيوبي
TT

القاهرة تبدي تحفظات خلال اجتماعات اللجنة الفنية لسد النهضة الإثيوبي

القاهرة تبدي تحفظات خلال اجتماعات اللجنة الفنية لسد النهضة الإثيوبي

من المتوقع أن تفصل الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة الإثيوبي بالخرطوم في تحفظات مصرية، تتعلق بالدراسات الفنية التي تقدم بها مكتبان استشاريان (فرنسي وهولندي)، ونسب مشاركة المكتبين والنماذج الرياضية للسد، إذ قال وزير الموارد المائية والري المصري حسام مغازي، عقب الجلسة الافتتاحية، إن هذه الاجتماعات ستبحث التحفظات المصرية على نقاط في الدراسات الفنية التي تقدم بها الاستشاريان الفرنسي والهولندي.
وبدأت في الخرطوم أمس اجتماعات الجولة السابعة للجنة الوطنية الفنية الثلاثية لسد النهضة الإثيوبي، بمشاركة وزير الري والمياه المصري حسام مغازي، والسوداني معتز موسى، والإثيوبي ألمايو تجنو، وتجتمع اللجنة لمدة يومين، بيد أن هناك احتمالات بتمديد الاجتماع ليوم إضافي في حال استدعى الأمر الوصول لاتفاق مرض لكل الأطراف.
ويبعد السد، مثار الخلاف، نحو 20 كلم من الحدود السودانية، وهو بسعة تخزينية تبلغ 74 مليار متر مكعب لتوليد 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء. وتواصل إثيوبيا عمليات التشييد التي اكتمل منها 43 في المائة، ما يثير مخاوف مصرية من تأثيره على حصتها من مياه النهر المقررة وفقًا لاتفاقية مياه النيل.
وتواصل الاجتماعات بحث النقاط الفنية التي ظلت عالقة دون حسم منذ الاجتماع السابق على مستوى الخبراء الذي عقد بالقاهرة في يونيو (حزيران) الماضي، وتتعلق بالتأثيرات المحتملة لسد النهضة على دولتي المصب «السودان ومصر»، وبدء العمل في تنفيذ الدراسات، طبقًا للمدة الزمنية المتوافق عليها في خارطة الطريق التي أقرَّتها الدول الثلاث.
من جهته، قال وزير الموارد المائية والكهرباء والري السوداني معتز موسى، إن بلاده على يقين بأن الاجتماعات ستسودها روح الوفاق والتعاون للوصول لما تصبو له الأطراف الثلاثة، وأضاف في فاتحة اجتماعات عمل اللجنة الفنية «نتطلع لاجتماع تسوده روح الوفاق والتفاهم بين الدول الثلاث، كما هو الحال، وأن نصل إلى ما نصبو إليه جميعًا». ووقع رؤساء الدول الثلاث في الخرطوم خلال مارس (آذار) الماضي وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة، الممهدة للتفاوض على التفاصيل المتعلقة بالسد.
وقال وزير الموارد المائية والري المصري بعد الجلسة الافتتاحية إن المكتبين الاستشاريين الفرنسي والهولندي تقدما بعروضهما الفنية في اجتماعات القاهرة، وإن الأطراف اتفقت على دراسة العروض، لكنه أضاف مستدركا «لدينا تحفظات على بعض النقاط، وقد رفعتها اللجان الفنية إلى الوزراء في الدول الثلاث للبت فيها خلال هذا الاجتماع بالخرطوم».
وأوضح مغازي أن أهم النقاط الخلافية بالنسبة للجانب المصري تتمثل في نسب مشاركة الشركتين، ورؤيتها الفنية المقسمة إلى (70 في المائة) للشركة الفرنسية، (30 في المائة) للشركة الهولندية، بالإضافة للتفاصيل في النماذج الرياضية للسد بقوله «هل تقدر النسب بعدد الساعات أو بالمقابل المادي؟».
ودعا مغازي إلى حسم النقاط الخلافية في هذا الاجتماع والوصول إلى اتفاق في التفاصيل الدقيقة لتتاح الفرصة للمكتب الاستشاري والمكتب الثانوي بدء أعمالهما كسبًا للوقت، على حد قوله.
كما كشف وزير الموارد المائية والري المصري عن تقديم دراستين للسودان وإثيوبيا، لتوضيح تأثيرات سد النهضة على موارد مصر المائية، من خلال جوانب فنية في بناء السد، وقال بهذا الخصوص «لقد تم التوافق على بعض النقاط الفنية، والبعض الآخر تم الاتفاق على رفعه للمستوى الوزاري في الاجتماع القادم».
واختير المكتبان الاستشاريان الفرنسي والهولندي لإجراء الدراسات المطلوبة بعد سلسلة من الإجراءات، لتحسين معاملات ملء السد ونظام تشغيله، للوصول لأحسن النتائج وأقل الأضرار.
وأعلنت إثيوبيا اكتمال بناء 43 في المائة من «سد النهضة»، الذي تعمل فيه الطواقم الهندسية الفنية على مدار الساعة، وبوتيرة متسارعة دون توقف لتنفيذ السد حسب الخطة المرسومة لإكمال تشييده عام 2017.
ويقع السد الذي يحمل اسم سد النهضة، أو «سد الألفية الكبير» في إقليم بني شنقول الإثيوبي بالقرب من الحدود مع السودان، كأكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرومائية في قارة أفريقيا. وتخشى مصر من ضياع ما تسميه «حقوقها التاريخية» في مياه نهر النيل المنصوص عليها في اتفاقيتي مياه النيل 1929 و1958. التي تعطيها حق النقض (فيتو) على إقامة أي مشاريع على حوض النهر تهدد مواردها المائية، ومن تأثر إمدادات المياه أثناء فترة ملء بحيرة الخزان، والتي يصر الإثيوبيون على تقصيرها، فيما ترى مصر ضرورة تطويلها بقدر الإمكان، لما يمكن أن يسببه الملء السريع من تأثير على واردات المياه إلى مصر.
وأعلن الرئيس السوداني عمر البشير تأييد بلاده لإنشاء السد الإثيوبي، بسبب المكاسب التي يتوقعها من إنشائه، كأول «تمايز» بين الموقفين المصري والسوداني بشأن تقاسم مياه النيل منذ توقيع الاتفاقية الأولى إبان الاستعمار البريطاني للبلدين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.