عون يجمّد التصعيد في الشارع وينفتح على مساعي الحل السياسي

أكّد أن إسقاط الحكومة ليس من ضمن أهدافه للمرحلة الحالية

عون
عون
TT

عون يجمّد التصعيد في الشارع وينفتح على مساعي الحل السياسي

عون
عون

قبل 24 ساعة على الموعد الذي حدده رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لانعقاد مجلس الوزراء، نشطت المساعي السياسية بمحاولة لحل الأزمة الحكومية التي انفجرت قبل أسبوعين مع قرار رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون التصعيد في الشارع.
ورغم عدم تبلور أي صيغة للحل حتى الساعة، فإن مصادر في تيار عون أكّدت لـ«الشرق الأوسط» أنّهم ينتهجون التهدئة حاليا ويفسحون المجال أمام الجهود التي تبذل على المستوى السياسي لحل الأزمة.
ونفت مصادر مقربة من حزب الله ما تم تداوله عن أن الحزب «قام بتسوية لعودة العمل الحكومي مقابل تسهيل إطلاق المناقصة الدولية للتنقيب عن الغاز الطبيعي في لبنان»، لافتة إلى أن أي صيغة للحل لم تتبلور بعد. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لقد نجحنا بإرساء جو من التهدئة لكن جهودنا لم تتكلل بالنجاح لجهة الانتقال لمرحلة التعاون بين الفرقاء لمحاولة إيجاد المخارج المناسبة».
وبدا لافتا ما أعلنه عون يوم أمس في حديث إلى وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن أن «إسقاط الحكومة التي يترأسها تمام سلام ليست من ضمن الأهداف التي نعمل عليها في هذه المرحلة»، مشيرًا إلى أن «الأولوية هي للاعتراض من داخل الحكومة ومواصلة التحرك في الشارع».
ويشترط عون بحث آلية عمل الحكومة قبل البت بأي موضوع آخر أو إقرار أي بند مدرج على جدول أعمال مجلس الوزراء. وكانت الحكومة اللبنانية أجمعت وبكامل أعضائها بعد شغور سدة الرئاسة في مايو (أيار) 2014 وبعد نقاشات ماراثونية لتحديد آلية عملها على «إدارة الفراغ الرئاسي بالتوافق»، أي عدم اللجوء إلى التصويت لاتخاذ القرارات وتأجيل البحث بالملفات التي تعتبر خلافية. إلا أن إنتاجية الحكومة تراجعت وبشكل كبير لتعذر تحقيق الإجماع على كل المراسيم خاصة أن وزيرا واحدا من أصل 24 أصبح قادرا على إعاقة تقدم ملف ما.
وحثّ قياديون في تيار «المستقبل» على العودة إلى تطبيق الآلية التي تنص عليها المادة 65 من الدستور لجهة تصويت ثلثي أعضاء الحكومة على المراسيم ذات أهمية، كالموازنة العامة للبلاد، الاتفاقات الدولية، إعلان الحرب والسلم وغيرها، على أن تتخذ القرارات العادية بموافقة النصف زائدا واحدا من الأعضاء.
وحذّر مصدر مقرب من رئيس الحكومة تمام سلام من أن «اختراع آلية جديدة لعمل الحكومة غير منصوص عليها في الدستور، يشكّل خرقًا للدستور وانتهاكًا لصلاحية رئيس مجلس الوزراء وضربًا للطائف، وهذا ما لا نقبل به»، داعيًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «انتظار ما سيطرحه الفريق الآخر (وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله) خلال الجلسة لينبني على الشيء مقتضاه».
وفيما اكتفى وزير العمل سجعان قزي بعد لقائه الرئيس سلام لدى سؤاله عن مصير جلسة مجلس الوزراء المرتقبة بالقول: «إنه وقت للصمود وليس للانسحاب، للمواجهة وليس للاستسلام»، أشارت وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني إلى أن «الأجواء المتصلة بمجلس الوزراء لا تزال على حالها»، مشددة في تصريح على أن «هناك سعيًا حثيثًا يُعمل عليه بهدف تجنّب التصويت داخل مجلس الوزراء».
وعلى صعيد ملف رئاسة الجمهورية، لفت ما أعلنه منسّق الأمانة العامة لفريق 14 آذار فارس سعيد على صفحته على موقع «تويتر» عن أن «موضوع الرئاسة على طريق الحلحلة». ورفض في اتصال مع «الشرق الأوسط» إعطاء أي تفاصيل أخرى.
وأعرب رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان عن أسفه من «تراكم الملفات الشائكة من دون أن تدفع بالمعنيين إلى انتخاب رئيس الجمهورية لحلحلة غالبية هذه المشكلات، كون انتخاب الرئيس يعيد الانتظام إلى عمل المؤسسات».
أما رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن فأعرب عن تفاؤله في أن «يشكل الاتفاق النووي الإيراني لحظة دفع ودعم للأفرقاء لانتخاب رئيس للجمهورية لئلا يبقى هذا الاستحقاق عالقا في التجاذبات الداخلية، خصوصا أن غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ما زال يشدد على إجراء الانتخابات الرئاسية، لأنها المدخل العريض لحل كل الإشكالات الحكومية والتشريعية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.