تكمن مشكلة النصائح التي يتلقاها المراهقون وعائلاتهم عن قروض التعليم الجامعي، في أنها بالفعل «سمجة للغاية». وتنصب وزارة التعليم الفيدرالية الأميركية نفسها ناصحا أمينا لمن يرغبون في الحصول على قروض طلابية فيدرالية للمرة الأولى ثم سدادها لاحقا. بالنسبة للمقترضين، تعد تلك النصيحة إجبارية، إلا أنه نظرا لفظاظة الموضوع، ولأن محتوى ما تقدمة وزارة التعليم يخلو من أي جاذبية، فمن الصعب جعل الدرس يثبت في العقل.
ولذلك طلبت من القراء أن يسردوا حكاياتهم، وأن يدونوا أكثر ما كانوا يودون معرفته قبل حصولهم على القرض وشروعهم في سداده. رسمت التعليقات صورة قاتمة لمراهقين عديمي الحلية وآباء منزعجين، وإدارة جامعية لا تحنوا على طلابها ولا تشغل بالها بالتحري عن مقدرتهم المالية.
لم يقل شخص واحد إن الالتحاق بالجامعة كان خطأ (رغم أن البعض ندم على التحاقه بكلية الحقوق). ويعد اقتراض مبلغ بسيط شيئا خطيرا إذا ما تسبب في التسرب من التعليم أو عدم حضور المحاضرات، في حين أن الطلاب الذين يقترضون من الحكومة الفيدرالية من دون الحصول على قرض شخصي إضافي لن يقعوا في الغالب في مشكلة إذا ما ساروا في إجراءات السداد بشكل سليم.
إلا أنه ما زال من الواضح أن كثيرا من العائلات لا تعرف إلا القليل عن القروض الطلابية. وفيما يلي نعرض ما يود المقترضون السابقون إطلاع العائلات والجامعات عليه بغرض التعلم والاستفادة:
* القائمة
* كان ترتيب تيم رانتيز الخامس بين إخوته، وتعلم الدرس جيدا، فقد كان لعائلته دخل لا يجعلها تحتاج لقروض إضافية، حيث إن والديه اعتادا ادخار بعض المال للجامعة عند قيام مصلحة الضرائب برد ما تبقى من المتحصلات في شهر أبريل (نيسان) من كل عام، ولذلك لم يقدموا على التوقيع على أي شيكات عند التحاق تيم بالجامعة.
وفي سن السادسة عشرة، جلس تيم ذات مرة وأعد قائمة بمدخراته و«وضعه المالي». كان ذلك في عام 1983، ولم يتطلب الأمر كومبيوترا أو رسوما بيانية؛ بل مجرد معرفة بسيطة بأساسيات الحساب التي يعرفها كل الأطفال في مثل سنة، رغم أن كثيرين لم يفعلوا ذلك.
فإذا لم يكن أبناؤك على دراية بما ادخروه أو ما يمكن سداده، فيجب توجيه النصيحة. وحتى لو كانت هناك بضع سنوات قبل الالتحاق بالكلية ما زالت متبقية، فابدأ من الآن في شرح نظام المعونة المالية والاقتراض لهم حتى يكونوا قادرين على تدبير أمورهم مقدما. يجب عليك عدم تأجيل إطلاعهم على أمورهم المحاسبية إلى أن يواجهوا أول خطاب معقد عن المعونة المالية، أو الانتظار حتى يفاجأوا بفاتورة السداد الخماسية التي سيتلقونها لاحقا.
ويدير السيد رانتيز الآن مجموعة غير ربحية تدعى «الحسابات الشخصية للجيل الجديد» التي يساعد عن طريقها المدرسين الباحثين عن طريقة أفضل لتدريس طلابهم كيفية التصرف في المال. وأعجبت كثيرا بطريقته التي يديرها عبر الإنترنت التي احتوت على مقاطع مصورة وأفلام تسجيلية عن القروض الطلابية التي تعد رعبا حقيقيا في السنة أو السنتين اللتين تسبقان الالتحاق بالكلية.
ولا يرى المستشار رانتيز سببا في ألا توجه الحكومة الفيدرالية من يقترضون من هيئات إقراض خاصة مثل «سالي مي»، للحصول على النصيحة الإجبارية؛ مثلما فعلت مع الطلاب في المؤسسات الفيدرالية.
ويصعّب القانون الفيدرالي من عملية الإعفاء من القروض الطلابية في محاكم الإفلاس، وتستفيد جهات الإقراض الخاصة كثيرا من ذلك القيد.
ولذلك لماذا لا نطلب عقد جلسة استشارية منفصلة للمقترضين من الجهات الخاصة؟ حيث إنهم قد يكونون عاجزين عن فهم الفارق بين ذلك النوع من الديون وأي قروض أخرى كالتي تأتى مباشرة من الحكومة. ويقترح ألفريد ماكدونالد، 26 عاما، خريج جامعة ترينيتى بسانت أنتونيو ومقيم بالمدينة نفسها، توضيح حقيقة أن القروض من الجهات الخاصة لا تتمتع بنفس مرونة مثيلاتها من الجهات الفيدرالية نظرا لارتفاع نسبة الفائدة عند السداد.
* الدورة
* ينتمي كثير من المراهقين لعائلات لا يملك كثير من أرباب الأسر فيها الوقت أو المهارات اللغوية كي يدرسوا لأبنائهم نظام الاقتراض المالي. ولذا قال بن ليندسي، 27 عاما، خريج جامعة أوكلاهوما المسيحية ومدين بديون طلابية تقدر بنحو مائة ألف دولار، إنه يتمني لو أن الكلية طالبت كل الطلاب المستجدين بالحصول على دورة أساسية في السنة الأولى بالكلية تؤهلهم لإدارة القروض التي تحصلوا عليها خلال فترة الدراسة.
ويبدو تصريح ليندسي كأنه يدين هؤلاء المدينين الذين تراكمت عليهم الديون، ويقول إنهم كان من الواجب عليهم الإلمام باشتراطات الدين، إلا أن السيد ليندسي لا يشير بأصابع الاتهام لأحد، ولا يتنصل من المسؤولية. بالإضافة إلى ذلك، كانت الكلية بالنسبة له شيئا عظيما من أوجه كثيرة، حيث قابل فيها زوجته، وحصل عن طريقها على وظيفة في مجال القروض التجارية بمدينة أوكلاهوما، ليبتعد عن الاقتصاد المهزوز في ولايته ديلاوير.
ما زال المتقدمون للكليات أطفالا، ودائما يتصرف الطلاب بهذا الشكل، ويحتاج الأطفال للكبار كي يرشدوهم للخيارات الأنسب. كانت هناك طرق تمكن السيد ليندسي من الاقتراض بمعدل أقل، وكان من الواجب عليه فعل ذلك. «الكلية استثمار ثمين، لكن تلك حقيقة غير كاملة. الأمر يبدو كمن يقامر بمنزلين في مقامرة واحدة»، بحسب ليندسي.
والشكوى التي سمعتها مرارا هي كالتالي: «وكأنهم يلعبون لعبة الحجلة بأن يحصل الطلاب على قروض كل سنة، قرض بعد قرض، فمن الممكن جدا أن يصيبك الارتباك في حساب الإجمالي». وتقول شانون دويل، مستشارة مالية بشركة «لوثرن للخدمات الاجتماعية» في مينابوليس، إن الناس عادة ما يأتون لمكتبها دون أي فكرة عن الديون المستحقة على الطالب للكلية، ودون أي فكرة عن إدماج ديون الآباء مع ديون الطلاب بعد التخرج.
وتنصح المستشارة المالية الطلاب بأن يحتفظوا بكشف من ثلاث صفحات، ويقوموا بتحديثها كل فصل دراسي. في الصفحة الأولى يتم تسجيل الدين الطلابي الفيدرالي مقسما على خانات للدعم (حيث تغطي الحكومة الفوائد خلال سنوات الدراسة). تشمل الصفحة الثانية القروض الخاصة، إن وجدت، من جهات مثل «سالى ماي»، بينما الصفحة الثالثة تغطي أي قروض يتحصل عليها الآباء لأنفسهم.
انتهت محادثتي مع دويل بنداء وجهته للكليات: «أرجوكم ابذلوا كل ما في وسعكم لحساب إجمالي الدين في بيان مالي ترسلونه للطالب كل عام، فليس هناك ما يمنع من معرفة الطالب مقدار ما اقترضه».
* الفوائد اليومية
* قبل التحاق كيم ليو بكلية جورج تاون، كانت لعائلتها قصة سقوط سريع؛ حيث توفي أبوها، وكافحت العائلة، وكان هناك ضغط على ليو للعمل لبعض الوقت بصفتها طالبة جامعية، ليس فقط لسداد مصروفاتها، لكن أيضا لإرسال المال لأسرتها.
وتعد ليو نفسها محظوظة لأنها تخرجت بدين طلابي يبلغ 22500 دولار فقط، إلا أنه حتى هذا الرقم لم يكن في صالحها؛ فما قلب تفكيرها كانت مكالمة هاتفية تلقتها من مكتب خدمات الدين يبلغها فيها أنه يتوجب عليها سداد 2.23 دولار فائدة يومية للدين؛ «يحتسب الدين على أساس صفر مدون إلى جوار الاسم منذ اليوم الأول للدين ثم تضاف الفائدة يوميا»، حسب ليون.
وبالنسبة للأشخاص الذين يقومون بإعادة سداد دينهم، فقد يكون من الممكن التغلب على هذا الرقم لو قام الطالب بحساب النفقات اليومية، «فجهاز الحاسب سوف يخبرك بمقدار الدين الذي سوف يتراكم عليك بعد عشر سنوات أو عشرين أو ثلاثين سنه»، حسب السيدة ليو التي سددت ديونها بشكل سريع والآن تعمل في المجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتضيف: «لكن حقيقة أنني كنت ملزمة بدفع 2.23 دولار يوميا من دون شراء أي شيء لنفسي؛ كان لها صدى كبير داخلي».
* خدمة «نيويورك تايمز»