خلافات بين القوى العسكرية السورية المعارضة حول تشكيل «القيادة العليا»

جهود لإنشاء قيادة جديدة تكون ذراعًا عسكرية لهيئة الحكم الانتقالي

صور عائلية وسط ركام بيت دمّر إثر غارة جوية على جوبر بغوطة دمشق الشرقية السبت الماضي (أ.ف.ب)
صور عائلية وسط ركام بيت دمّر إثر غارة جوية على جوبر بغوطة دمشق الشرقية السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

خلافات بين القوى العسكرية السورية المعارضة حول تشكيل «القيادة العليا»

صور عائلية وسط ركام بيت دمّر إثر غارة جوية على جوبر بغوطة دمشق الشرقية السبت الماضي (أ.ف.ب)
صور عائلية وسط ركام بيت دمّر إثر غارة جوية على جوبر بغوطة دمشق الشرقية السبت الماضي (أ.ف.ب)

انقسم المجلس العسكري الأعلى للأركان، الذي جمّدت الهيئة العامة للائتلاف السوري المعارض في اجتماعها الأخير أعماله لتشكيل مجلس جديد يؤمن صحة تمثيل الفصائل المقاتلة في الميدان، إلى قسمين، الأول يتعاون مع الائتلاف لهذا الغرض، والثاني قرر الانفراد بتشكيل الكيان الجديد بعدما كان اعترض على قرار الهيئة العامة.
وعقد أعضاء من مجلس قيادة الثورة السورية والمجلس العسكري الأعلى المجمّد يوم أمس الأحد، اجتماعا في مدينة الريحانية القريبة من الحدود السورية التركية في محاولة لإعادة هيكلة الأخير. وقد عُرف من أعضاء المجلس المجمد الذين شاركوا باللقاء أمين سر مجلس القيادة العسكرية العليا العقيد عبد الرحمن صويص ورئيس أركان الجيش الحر العميد عبد الكريم الأحمد.
وأكّد مسؤولون في الائتلاف السوري أنه لا علاقة له بالاجتماع الذي تم في الريحانية، وأشاروا إلى أن اللجنة التي تم تعيينها في الاجتماع الأخير للهيئة العامة والمؤلفة من 9 أعضاء، يمثلون الكتل الوازنة في الائتلاف لا تزال تقوم في مهمتها وهي لم تكن على علم بهذا اللقاء. كما نفى المسؤولون في الائتلاف المعلومات التي أفادت بمشاركة عضو الائتلاف نصر الحريري باجتماع الريحانية، وأكدوا أنه لا يمكن الاعتراف بأي عمل يحصل خارج إطار اللجنة الرسمية الخاصة بالائتلاف.
وقد تم الإعلان عن تشكيل مجلس قيادة الثورة السورية، قبل نحو عام وثلاثة أشهر، بعد اتفاق مجموعة من فصائل المعارضة السورية المسلحة في مدينة غازي عينتاب بتركيا، وذلك بعيد مبادرة شبابية عرفت في ذلك الوقت بمبادرة «واعتصموا».
واعتبر عضو المجلس العسكري المجمّد أبو أحمد العاصمي، الذي ينسق مع الائتلاف في مهمة تشكيل المجلس الجديد، أن هناك أعضاء في المجلس المجمد يحاولون «التشويش» على مهمة الائتلاف واللجنة المكلفة من قبله، معتبرا أن ما يقومون به «تجاوز للحدود ولصلاحياتهم». وذكّر العاصمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المادة 31 من النظام الداخلي للائتلاف تنص على أن مهمة إنشاء المجلس العسكري من صلاحية الائتلاف: «ونحن اليوم وأكثر من أي وقت مضى نصر ونسعى لترابط العسكرة والسياسة لنجاح مهمتنا بإسقاط النظام». وقال: «هناك ارتباط عضوي بين الائتلاف والمجلس العسكري، والجهود تنصب حاليا على أن يكون المجلس الجديد الذي نسعى لتشكيله ممثلا حقيقيا لكل الفصائل الناشطة على الميدان السوري».
وأشار العاصمي إلى أن اللجنة المكلفة من الائتلاف للقاء مع قادة الفصائل، عقدت أخيرا سلسلة اجتماعات كان آخرها في الجبهة الجنوبية، وقد تم وضع الخطوط الأساسية لعملية التشكيل كما حددت الفصائل التي ستكون مشاركة بالمجلس الذي ستسانده مجموعة استشارية من المدنيين، مرجحا أن تنهي هذه اللجنة مهمتها مطلع الشهر المقبل، نافيا أن تكون «جبهة النصرة» إحدى الفصائل المشاركة في المجلس «باعتبارها مرتبطة بتنظيم القاعدة».
وتنصب جهود الائتلاف المعارض حاليا على محاولة إنشاء قيادة عسكرية تتمثل فيها معظم الفصائل العاملة على الأرض السورية، كي تكون بمثابة ذراع عسكرية لهيئة الحكم الانتقالي ونواة للجيش السوري المستقبلي.
وقررت الهيئة العامة للائتلاف في شهر يونيو (حزيران) الماضي بعيد اختتام اجتماعاتها في إسطنبول، تشكيل قيادة عسكرية عليا بما يتفق مع المادة 31 من النظام الأساسي، تضمن تمثيل الكتائب والفصائل الفاعلة على الأرض. كما قررت تشكيل لجنة للعمل على تشكيل القيادة الجديدة اعتمادًا على معايير تم التوافق عليها، بالإضافة إلى تجميد المجلس العسكري الأعلى للأركان والإبقاء على ممثلي كتلة الأركان داخل الهيئة العامة حتى تشكيل القيادة الجديدة. وقد حددت الهيئة العامة مدة شهر على الأكثر لإنهاء عمل اللجنة.
من جهته، ذكر بيان صادر عن الائتلاف السوري لقوى المعارضة، أن ما أعلن أمس أمام وسائل الإعلام عن تشكيل مجلس عسكري، أمر لا علاقة له بجهود الائتلاف في هذا الصدد، وأن إعلان ما سمي بالمجلس العسكري الجديد، ليس سوى محاولة لتضليل الرأي العام من قبل بعض أعضاء المجلس المنحل في ظل الجهود التي يقوم بها الائتلاف مع الفصائل المقاتلة لتشكيل قيادة موحدة ضمن إطار وطني جامع.
وأكد البيان على أن رئيس الأركان العميد «أحمد بري» هو المكلف رسميًا بإجراء المشاورات مع الفصائل، إلى جانب لجنة من ممثلي المكونات مكلفة بالإشراف على إعادة تشكيل القيادة العسكرية العليا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».