ذكرت تقارير إخبارية، أمس، أن السوق العقارية الصينية تواصل التعافي، حيث تحسنت أرقام مبيعات شركات التطوير العقاري الكبرى خلال النصف الأول من العام الحالي.
وذكرت شركة «تشاينا فانكي» أكبر مطور عقاري في الصين من حيث المبيعات أن مبيعاتها خلال النصف الأول من العام الحالي زادت بنسبة 9 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، في حين زادت مبيعات شركة «إيفر غراند ريال استيت غروب» ومقرها في جونجشو بنسبة 25.7 في المائة خلال الفترة نفسها.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن شركات التطوير العقاري تستثمر في مشروعات جديدة. فقد اشترت شركة «تشاينا فانكي» 8 قطع أراض جديدة لتنميتها وتطويرها.
كما اشترت الشركات العقارية الكبرى الأخرى مثل «جيمديل كوربورشن» و«بيجين كابيتال ديفلوبمنت» أراضي في المدن الكبرى مثل بكين وهانجشو منذ مايو (أيار) الماضي.
ويعود التحسن المستمر للقطاع العقاري في الصين جزئيا إلى انخفاض أسعار الفائدة، حيث خفض البنك المركزي الصيني سعر الفائدة ثلاث مرات منذ بداية العام الحالي.
في الوقت نفسه أظهرت بيانات معهد «تشاينا إندكس أكاديمي» المتخصص في بيانات أسعار المساكن في الصين أن متوسط أسعار المساكن الجديدة زاد بنسبة 0.56 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي مقارنة بالشهر السابق.
ويتوقع المعهد استمرار العرض والطلب على المساكن الجديدة على مستويات مرتفعة نسبيا مع تراجع ضغوط المخزون تدريجيا في المدن الكبرى خلال الشهر الحالي.
يأتي هذا فيما ذكرت تقارير إخبارية أن صندوق استثمار سياديا صينيا اشترى أخيرا عقارات في فرنسا وبلجيكا قيمتها نحو 1.3 مليار يورو (1.4 مليار دولار) من صندوق استثمار تديره مؤسسة «سي بي آر إي غلوبال إنفستورز».
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء الاقتصادية أن صندوق «تشاينا إنفستمنت كورب» استحوذ على العقارات من خلال فرعها «إيه إي دبليو يوروب». وتشمل الصفقة مركزي تسوق بالقرب من مدينة أنتويرب البلجيكية إلى جانب مراكز تجارية ومتاجر أخرى في فرنسا.
وأشارت الوكالة إلى أن المستثمرين الأجانب يشترون مراكز تجارة التجزئة في القارة الأوروبية للاستفادة من التعافي الاقتصادي. وقد شهد الربع الأول من العام الحالي بيع مبانٍ تجارية وإدارية في أوروبا بقيمة 87.3 مليار دولار، بزيادة نسبتها تفوق 25 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب بيانات مؤسسة «بي إن بي باريبا ريال استيت».
وتبلغ المساحة الإجمالية للعقارات التي باعتها مؤسسة «سي بي آر إي» نحو 221 ألف متر مربع (2.4 مليون قدم مربع) مؤجرة إلى سلسلة متاجر تجزئة منها «إتش آند إم وزارا».
يأتي ذلك فيما تراجع العائد على استثمارات صندوق «تشاينا إنفستمنت كورب» خلال العام الماضي للعام الثاني على التوالي بسبب ارتفاع قيمة الدولار وضعف أسعار السلع، مما قلص قيمة الأصول المملوكة للصندوق بحسب التقرير السنوي للصندوق المنشور يوم 3 يوليو (تموز) الحالي.
على صعيد متصل يتوقع وكلاء عقاريون في أستراليا وبريطانيا وكندا اهتماما متزايدا بالأسواق العقارية في بلادهم، التي تشهد نموا سريعا بالفعل في ظل بوادر أولية على بحث مستثمرين صينيين أثرياء عن ملاذ آمن إثر الاضطراب الشديد الذي عصف ببورصة الأسهم في شنغهاي أخيرا.
وبحسب «رويترز»، قال مايكل باليير الوكيل العقاري إنه باع في الأسبوع الماضي وحدتين سكنيتين جديدتين وعرض منزلا تبلغ قيمته 13.8 مليون دولار أسترالي على عملاء صينيين يبحثون عن استثمار بديل للأسهم.
وقال باليير مدير «سوذبيز إنترشيونال ريالتي» في سيدني: «سحب عدد كبير من الأثرياء أموالهم من سوق الأسهم بسبب تنامي المخاطرة في السوق. ثمة مبالغ كبيرة غير مستثمرة في الصين، وأعتقد أنكم سترون أن جزءا كبيرا منها سيذهب للسوق العقارية في أستراليا».
وفقدت الأسهم في الصين نحو 20 في المائة من قيمتها منذ منتصف يونيو غير أن محاولات السلطات وقف النزيف كان لها بعض التأثير الإيجابي.
وخرج عدد كبير من المستثمرين الصينيين الأثرياء من السوق بالفعل. وقال بنك أوف أميركا ميريل لينش إن مساهمين كبارا باعوا حيازات بقيمة 360 مليار يوان (58 مليار دولار) في أول خمسة أشهر من عام 2015 فقط مقارنة مع 190 مليار يوان في عام 2014 كاملا، و100 مليار يوان في المتوسط في السنوات السابقة.
وقد تذهب معظم المبالغ في البداية لأصول تتمتع بسيولة أكبر مثل سندات الخزانة الأميركية وعملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري، غير أن ثمة دلائل متزايدة على أن مبيعات العقارات الأجنبية قد تلقى دفعة.
وقال تيم بيل رئيس «نايت فرانك لأبحاث العقارات السكنية» في لندن: «ثمة دلائل على تكثيف مشترين صينيين الاهتمام بالسوق العقارية العالمية الآمنة، بما في ذلك لندن نتيجة الاضطراب الأخير في بورصة الأسهم».
وقال إد ميد المدير التنفيذي لـ«دوجلاس وجوردون» في لندن إن شركته استقبلت اثنين من العملاء من الصين يسعيان لشراء مبان سكنية بالكامل.
وتابع: «ليس معتادا أن نرى صينيين يرغبون في شراء مبان بالكامل، ينم ذلك عن حركة لرأس المال وليس مجرد أفراد يسعون لاستثمار أموالهم».
ومند عام 2000 سجلت الصين أعلى معدلات لنزوح أفراد أثرياء في العالم؛ إذ سعى نحو 91 ألف ثري صيني للحصول على جنسية ثانية بين عامي 2000 و2014 بحسب تقرير «ليو جلوبل» وهي شركة وساطة للاستثمارات لراغبي الهجرة، وهو عامل غذى الطلب على شراء عقارات في الخارج.
وينتقل معظم الأفراد - ممن يقدر صافي أصولهم بمليون دولار أو أكثر بعد استبعاد مقار إقامتهم الرئيسية - إلى الولايات المتحدة وهونغ كونغ وسنغافورة وبريطانيا.
وقال بريان وارد من شركة العقارات التجارية «كولييرز إنترناشونال» إن المستثمرين الصينيين اشتروا بالفعل عقارات في الولايات المتحدة بنحو خمسة مليارات دولار في النصف الأول من العام الحالي مقارنة مع أربعة مليارات دولار إجمالي الاستثمارات العقارية في عام 2014.
وفي لندن يقول أليكس نيوول العضو المنتدب في «هانوفر برايفت أوفيس» الوكيل العقاري لوحدات سكنية فاخرة إنه لاحظ اهتماما متزايدا من مستثمرين صينيين بعقارات باهظة الثمن، ولكنه أضاف أنه لم يتم إبرام أي صفقات بعد.
وقال نيوول: «يرغبون في محاولة استثمار مبالغ كبيرة من المال. أتحدث عن مبالغ من 25 مليون إسترليني (38.5 مليون دولار) إلى 150 مليون إسترليني. يسعون لاستثمار المال في منازل بلندن».
وثمة إقبال أكبر على أستراليا وكندا ويعطي انخفاض قيمة عملة كل من البلدين ميزة لكل منهما.
وقال تيموثي شيونج من «مورفيك اسيت مانجمنت» في سيدني: «أسعار العقارات لا تزال رخيصة باليوان».
ولم يسلم تهافت المستثمرين الصينيين على شراء عقارات في الخارج من انتقادات، إذ يلقي البعض في لندن وسيدني وفانكوفر باللوم عليهم في ارتفاع الأسعار الملتهبة بالفعل.
وتحركت الحكومة الأسترالية لتبدو صارمة في هذا الصدد، وفرضت رسوما وعقوبات بالسجن على من يثبت مخالفته لوائح الاستثمار الأجنبي. وأرغم صيني يملك منزلا بقيمة 39 مليون دولار أسترالي على بيعه في وقت سابق من العام، بعد أن اتضح أنه اشتراه بشكل غير قانوني من خلال أكثر من شركة وهمية.
ويخشى آخرون من أن يصبح المستثمرون الصينيون الذين لم يتخارجوا من بورصة الأسهم بالسرعة الكافية عبئا على السوق العقارية العالمية، لا سيما بعد أن منعت بكين يوم الخميس الماضي حائزي الحصص الكبيرة في الشركات المدرجة من بيع الأسهم لمدة ستة أشهر.
وفي لندن، قالت ناعومي هيتون الرئيسة التنفيذية للندن سنترال بورتفوليو إنها سمعت أن مستثمرين ينسحبون من صفقات شراء أبرمت حديثا، لأنه لم يعد يتوافر لديهم سيولة.
وتكرر الشيء نفسه مع اندرو هاسمان، الوكيل العقاري في فانكوفر، الذي يعمل في المنطقة الغربية الراقية في المدينة.
وقال هاسمان: «تلقيت اتصالا هاتفيا في الأسبوع الماضي من وكيل آخر يسأل إذا كان البائع في صفقة أبرمناها أخيرا يمكن أن يسمح للمشتري برد عقاره، لأنهم خسروا للتو مبالغ كبيرة نتيجة التصحيح النزولي في البورصة الصينية».
الصين: الحكومة والأثرياء يلوذون بالاستثمار العقاري في الخارج
مؤشرات جديدة على استمرار تعافي السوق المحلية
الصين: الحكومة والأثرياء يلوذون بالاستثمار العقاري في الخارج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة