مجزرتان عشية عيد الفطر في شمال سوريا.. ولاجئون يتفقدون منازلهم بعد فتح الحدود التركية

5 آلاف قتيل حصيلة النزاع في رمضان.. وتوثيق أول طفل من «داعش» يذبح ضابطًا نظاميًا

مجزرتان عشية عيد الفطر في شمال سوريا.. ولاجئون يتفقدون منازلهم بعد فتح الحدود التركية
TT

مجزرتان عشية عيد الفطر في شمال سوريا.. ولاجئون يتفقدون منازلهم بعد فتح الحدود التركية

مجزرتان عشية عيد الفطر في شمال سوريا.. ولاجئون يتفقدون منازلهم بعد فتح الحدود التركية

انتهى شهر رمضان في سوريا، على حصيلة قتلى بلغت أكثر من 5 آلاف شخص، قتلوا جراء الاشتباكات وتبادل القصف المدفعي والصاروخي والغارات الجوية النظامية التي تواصلت في يوم عيد الفطر أمس، مستهدفة عدة مناطق في محافظتي إدلب وحلب، وأسفرت عن وقوع مجزرتين، حسبما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
«المرصد» أفاد باستمرار القصف على بلدة معرة مصرين شمال شرقي إدلب منذ ليل الخميس – الجمعة وحتى صباح أمس، أسفر عن سقوط جرحى بينهم أطفال، استكمالاً للقصف الذي بدأ أول من أمس، وأدى إلى مقتل 17 شخصًا بينهم طفلان ومواطنة وعشرات الجرحى، إثر قصف جوي. وأشار المرصد إلى أن عدد القتلى «مرشح للارتفاع بسبب وجود بعض الجرحى في حالات خطرة». ومن جهتها، أفادت شبكة «شام» بارتفاع عدد قتلى مجزرة معرة مصرين إلى 20 قتيلاً وعشرات الجرحى، إثر القصف العنيف على المدينة من الطيران الحربي والمروحي خلال الـ24 ساعة الماضية. وأشارت إلى أن الكثير من الضحايا «ما زال تحت الأنقاض».
وتواصل القصف على ريف إدلب، إذ قال ناشطون إن الطيران المروحي قصف بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة مناطق في مدينة خان شيخون وبلدة التمانعة بريف محافظة إدلب الجنوبي، ومناطق في محيط بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المحاصرتين من قبل جبهة النصرة، كما قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في محيط مطار أبو الضهور العسكري، المحاصر من قبل جبهة النصرة.
بموازاة ذلك، أفاد «المرصد السوري» بمقتل 6 مواطنين بينهم 4 أطفال وسيدة مسنة جراء قصف من الطيران الحربي على مناطق في بلدة دارة عزة بريف محافظة حلب الغربي، مشيرة إلى أن «العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى بعضهم في حالات خطرة». كما ارتفع إلى 5 بينهم 3 مواطنات عدد القتلى الذين قضوا جراء قصف جوي تعرضت له مناطق في مدينة الباب، التي يسيطر عليها تنظيم داعش بريف المحافظة الشمالي الشرقي.
هذه التطورات، تزامنت مع قصف الطيران الحربي بصاروخين مناطق في بلدة دارة عزة، فيما تعرضت مناطق في بلدة بيانون بريف حلب الشمالي لقصف من الطيران الحربي. بينما تعرضت مناطق في بلدة عندان القريبة لقصف جوي.
وذكر ناشطون أن مناطق في محيط بلدتي نبّل والزهراء الشيعيتين بريف حلب الشمالي والمحاصرتين من قبل جبهة النصرة، شهدت قصفًا جويا، أعقبها اشتباكات بين جبهة النصرة والفصائل من طرف، وقوات الدفاع الوطني ومسلحين محليين موالين للنظام من طرف آخر في محيط البلدتين المحاصرتين. وقالت «شبكة شام» إن الغارات «استهدفت مواقع الثوار في محيط البلدتين».
وأشارت إلى أن مقاتلي المعارضة استهدفوا بقذائف مدفع جهنم والرشاشات الثقيلة مواقع عسكرية في حي الخالدية، كما استهدفوا تجمعات في جبل عزان بريف حلب الجنوبي بالرشاشات الثقيلة.
كذلك تجددت الاشتباكات في محيط مطار كويرس العسكري بريف حلب الشرقي بين قوات النظام وتنظيم داعش الذي يحاصر المطار، ودارت اشتباكات على أطراف حي الخالدية وعلى محاور دوار شيحان والليرمون شمال حلب، بين قوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني من طرف، وغرفة عمليات فتح حلب من طرف آخر، ترافق مع قصف متبادل من الطرفين على مناطق الاشتباكات.
وفي مجال مختلف، أظهر شريط فيديو بثه «داعش» على «يوتيوب»، طفلاً ممن سماهم «أشبال الخلافة»، يذبح ضابطًا برتبة نقيب من القوات النظامية، كان معتقلاً لدى التنظيم، وذلك بوساطة سكين، وقام بفصل رأسه عن جسده ووضعه فوق جسد النقيب في قوات النظام. وتعد هذه الحادثة الأولى لإقدام طفل من «داعش» على ذبح شخص وفصل رأسه عن جسده، رغم أن «المرصد» كان قد وثق أول عملية إعدام معلنة يقوم بها أطفال، وذلك بإعدام طفلين من «الأشبال» عنصرين من التنظيم «اعترفا» بأنهما «عميلان للمخابرات الروسية».
أما على الصعيد الإنساني، فقد واصل مئات السوريين اللاجئين إلى تركيا، العبور إلى الأراضي السورية بهدف إحياء عيد الفطر في بلادهم، بعد سماح السلطات التركية بفتح المعبر الحدودي لمدة خمسة أيام.
وقال ناشطون إن السوريين «تفقدوا منازلهم المدمرة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وزاروا المقابر في أول أيام العيد». وكانت السلطات التركية سمحت للسوريين المقيمين على أراضيها، أول من أمس، بالعبور إلى الأراضي السورية عن طريق معبر باب الهوى، شمال غربي سوريا، لقضاء فترة عيد الفطر لمدة خمسة أيام، حيث سيسمح لهم بالعودة حين انتهاء الفترة المقررة عبر المعبر أيضًا.
وبالتزامن مع انقضاء شهر رمضان، قال معارضون سوريون إن المدنيين الذين قتلوا نتيجة قصف القوات الحكومية، بلغوا 1452 سوريًا. وقال المعارض السياسي السوري محمد سرميني، إن معدل المدنيين كان «50 قتيلا في اليوم، منهم 311 طفلاً وامرأة، و52 قضوا تحت التعذيب»، لافتًا إلى أن حلب «قدمت 490، بما يعادل 34 في المائة». غير أن عدد قتلى النزاع خلال شهر رمضان، ناهز الـ5026 قتيلاً، بحسب «المرصد» الذي وثق مقتل 1220 مدنيًا، بينهم 224 طفلاً دون سن الثامنة عشرة و178 مواطنة فوق سن الثامنة عشرة. وقال إن 31 مواطنًا قتلوا تحت التعذيب بينما 562 قتلوا إثر الغارات الجوية، و11 بينهم 9 أطفال نتيجة نقص المواد الغذائية والعلاج اللازم، و74 مواطنًا بينهم 9 أطفال و13 مواطنة في قصف من قبل الكتائب الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة و«داعش»، و13 مواطنًا بينهم طفلان ومواطنتان في قصف لطائرات التحالف العربي – الدولي. وأشار المرصد إلى تنفيذ «داعش» أحكام الإعدام بحق 285 شخصًا بينهم 29 طفلاً و60 مواطنة في كوباني وحدها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.