خرج عدد من المسؤولين الإسرائيليين، في مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالهجوم على محكمة الجنايات الدولية بسبب قرارها الجديد إعادة ملف سفينة «مرمرة» التركية وقيام إسرائيل بقتل 9 من ركابها في سنة 2010، إلى البحث مجددا في أروقتها.
وقال نتنياهو في بيان رسمي عممه الناطق بلسانه، أمس: «لقد عمل جنود الجيش الإسرائيلي في حينه من منطلق الدفاع عن النفس عندما أوقفوا محاولة لخرق الطوق البحري الذي فرض (على قطاع غزة) طبقا للقانون الدولي، كما أكدت ذلك لجنة عينها الأمين العام للأمم المتحدة ترأسها قاض في المحكمة العليا وضمت مراقبين دوليين. وحين يقوم الأسد بذبح عشرات الآلاف من أبناء شعبه في سوريا ويتم إعدام المئات في إيران، وحماس بغزة تستخدم الأطفال دروعا بشرية، تختار المحكمة الدولية التركيز على إسرائيل لدوافع سياسية ساخرة. وإزاء هذا النفاق، سيواصل جنودنا حمياتنا في الميدان، ونحن سنحميهم في الساحة الدولية».
وكان قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي قد دعوا، أول من أمس، المدعية العامة فاتو بنسودا إلى إعادة النظر في قرارها السابق الداعي إلى عدم التحقيق في حادثة «أسطول الحرية الأول»، وأقر القضاة أنها «أخطأت في تقديراتها بسبب خطورة الحادثة». وكانت بنسودا قد رفضت السنة الماضية طلبًا تقدمت به دولة جزر القمر التي رفع علمها على إحدى السفن المشاركة في الأسطول. وطلبت جزر القمر من المحكمة الجنائية التحقيق في الهجوم الذي شنته البحرية الإسرائيلية على السفن المشاركة في الأسطول. وبحسب بنسودا، فإنه على الرغم من وجود أساس لارتكاب جرائم حرب خلال رحلة الأسطول، فإنها لم تكن خطيرة بما يكفي من أجل فتح ملف تحقيق في المحكمة الجنائية الدولية. وقرر الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 أنهم وجدوا «أساسا منطقيًا» للاعتقاد بأن الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب خلال الهجوم الذي شنته قوات الكوماندوز الإسرائيلية على سفينة «مرمرة»، إلا أن هذه الجرائم لا تنضوي تحت سلطة المحكمة الجنائية الدولية.
وفي الحادثة التي وقعت في شهر مايو (أيار) 2010، قتل ثمانية مواطنين أتراك ومواطن آخر يحمل جنسيتين تركية وأميركية. وأسفر الهجوم عن إصابة عدة نشطاء فلسطينيين آخرين. وفي أعقاب الحادثة، تدهورت العلاقات القوية بين تركيا وإسرائيل وطلب رئيس الوزراء التركي آنذاك، رجب طيب إردوغان، من الحكومة الإسرائيلية تقديم اعتذار عما جرى، وهاجم إسرائيل في أكثر من مناسبة. كما أن محاولات الرئيس الأميركي، باراك أوباما لم تفلح في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، رغم اعتذار نتنياهو، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت انفراجا بين الدولتين، بعدما التقى وفدان تركي وإسرائيلي في العاصمة الإيطالية روما لبحث مسألة إنهاء الخلافات بين الدولتين.
وقالت نائبة وزير الخارجية في إسرائيل عضو الكنيست تسيبي حوطوفيلي: «المحكمة الجنائية الدولية كانت قد قررت في السابق عدم ارتكاب جرائم حرب في حادثة (مرمرة). أستغرب جدا لماذا قررت المحكمة الجنائية فتح ملف تحقيق ضد الجنود الذين دافعوا عن أنفسهم أمام الهجوم البربري الذي قام به الإرهابيون الذين كانوا على متن السفينة. هناك جهات فلسطينية تحاول كل الوقت تحريض مؤسسات دولية ضد إسرائيل. كلي أمل أن تدرك هذه المؤسسات ماهية التحريض وعدم مد يد العون له. المحكمة الجنائية الدولية تحولت من خلال هذا القرار إلى أداة لخدمة الدعاية الفلسطينية». وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها: «نحن ندين بشدة طلب قضاة المحكمة الجنائية الدولية من المدعية العامة إعادة النظر من جديد في قرارها إغلاق ملف التحقيق في قضية (مرمرة).. الحديث عن حادثة عملت إسرائيل من خلالها على الدفاع عن نفسها حسب القانون الدولي.. تم إجراء تحقيق حول الموضوع من قبل لجنة برئاسة قاض في المحكمة العليا في إسرائيل وبمشاركة مراقبين دوليين وأيضا من قبل لجنة الأمين العام للأمم المتحدة». وأضاف بيان الخارجية الإسرائيلية: «ليس من الواضح لماذا تصر المحكمة الجنائية الدولية على تخصيص مواردها من أجل الانشغال بشكاوى ذات دوافع سياسية، بدلا من القيام بالأمور التي أنشئت من أجلها مثل التحقيق في قضايا الإبادة الجماعية. إسرائيل تتوقع أن يبقى قرار المدعية العامة كما كان في السابق».
وعدّ المختص في القانون الدستوري والقانون الدولي د. أيال غروس، أن قرار المحكمة الدولية في لاهاي بشأن سفينة «مرمرة» بداية تورط إسرائيل، وأنه «يشكل تحذيرا لمن لم ينظر إلى (الجنائية الدولية) بشكل جدي حتى اليوم. فقرار شطب قرار بنسودا لا يبقي أمامها سوى فتح التحقيق في قضية (مرمرة) التي قدمت إلى المحكمة من قبل جزر القمر».
وبحسب غروس، فإن ما يقوله القضاة قد يكون محفزا لفتح تحقيقات في مجالات أخرى، مثل الاستيطان. وبالتالي فإن مثل هذه الإجراءات تشير إلى أن التورط القضائي - الدبلوماسي لإسرائيل مع المحكمة الجنائية لا يزال في بدايته.
قلق إسرائيلي من عودة ملف «مرمرة» إلى محكمة الجنايات الدولية
مختص إسرائيلي في القانون الدولي: قرار لاهاي بداية تورط تل أبيب بشكل جدي
قلق إسرائيلي من عودة ملف «مرمرة» إلى محكمة الجنايات الدولية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة