مقتل 50 شخصًا في تفجيرين انتحاريين استهدفا مصلين شمال نيجيريا

الرئيس النيجيري يزور واشنطن لمناقشة الحرب على الإرهاب

قوات أمن تحرس الطريق المؤدي إلى مسجد الشيخ تيجاني حيث أقيمت صلاة العيد في مدينة كانو أمس (رويترز)
قوات أمن تحرس الطريق المؤدي إلى مسجد الشيخ تيجاني حيث أقيمت صلاة العيد في مدينة كانو أمس (رويترز)
TT

مقتل 50 شخصًا في تفجيرين انتحاريين استهدفا مصلين شمال نيجيريا

قوات أمن تحرس الطريق المؤدي إلى مسجد الشيخ تيجاني حيث أقيمت صلاة العيد في مدينة كانو أمس (رويترز)
قوات أمن تحرس الطريق المؤدي إلى مسجد الشيخ تيجاني حيث أقيمت صلاة العيد في مدينة كانو أمس (رويترز)

ذكر الجيش النيجيري أمس الجمعة أن 50 شخصا قتلوا بعد تفجيرين انتحاريين استهدفا مسلمين كانوا يؤدون صلاة عيد الفطر بشمال شرقي نيجيريا.
وكانت فتاة مراهقة وامرأة مسنة قد فجرتا عبوات ناسفة مربوطة في جسديهما عند مدخل مواقع الصلاة في منطقة لاين جيانج ومنطقة «فيز1» في مدينة داماتورو عاصمة ولاية يوبي صباح أمس، بينما كان المسلمون يؤدون صلاة عيد الفطر.
وقتل 43 شخصا في التفجير الأول، بينما قتل سبعة آخرون في التفجير الثاني، طبقا للمتحدث باسم الجيش الكولونيل ساني عثمان.
ويعد هذان التفجيران الأحدث في سلسلة الهجمات التي أودت بحياة 300 شخص الشهر الحالي وحده، ووقعا بعد مرور أقل من 12 ساعة على مقتل 34 شخصا في انفجار بمدينة جومب في ولاية جومب المجاورة، بحسب الهلال الأحمر.
وحسب عدد من الشهود، فقد انفجرت القنبلة في وقت مبكر، بينما كان كثير من السكان يتبضعون في الأسواق بمناسبة عيد الفطر. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها على الفور عن الهجمات. ولكن جماعة «بوكو حرام» المتشددة، التي تسعى لإقامة دولة وفق تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية، قتلت أكثر من 14 ألف شخص منذ عام 2009 في شمال نيجيريا.
وقال متحدث عسكري في وقت مبكر أمس إن انتحاريتين، هما امرأة مسنة وفتاة في العاشرة من عمرها، قتلتا تسعة أشخاص على الأقل في مدينة داماتورو في شمال شرق نيجيريا أثناء تجمع المصلين لأداء صلاة عيد الفطر. لكن قائد شرطة ولاية يوبي قال إن ثلاث انتحاريات قاصرات هن اللاتي فجرن أنفسهن في داماتورو.
وكانت جماعة «بوكو حرام» المتطرفة قد شنت سلسلة هجمات دموية في شمال شرقي نيجيريا خلال ست سنوات من التمرد، وخلال العام الماضي أرسلت كثيرا من الانتحاريات لتنفيذ هجمات دموية، أسفرت عن عدد من القتلى والجرحى.
ونفذ الجيش حملة أمنية أول من أمس، بعد يوم من قيام مسلحين يعتقد أنهم من «بوكو حرام» بعبور الحدود من نيجيريا.. وقتل 12 على الأقل من القرويين في النيجر. وبهذا الخصوص قال مصدر أمني طلب عدم نشر اسمه: «لقد تمكنت قواتنا التي تشارك في عملية داخل نيجيريا بين بلدات مالام فاتوري وداماساك من قتل المسلحين».
وكان شهر رمضان هذا العام دمويا في نيجيريا، حيث استهدف انتحاريون عددا من المساجد وعشرات المصلين خلال أداء شعائرهم.
وعلى صعيد متصل، أعلنت مصادر في نيجيريا أن الرئيس النيجيري الجديد محمد بخاري سيسافر بعد غد الاثنين إلى واشنطن، ليبحث مع الرئيس الأميركي باراك أوباما مسألة «الحرب على الإرهاب»، والسعي إلى «تعزيز» العلاقات الثنائية التي تراجعت كثيرا إبان حكم سلفه.
ويواجه بخاري، الذي وضع في مقدم أولوياته التصدي لمتمردي جماعة «بوكو حرام»، التي أعلنت ولاءها لتنظيم «داعش»، موجة من أعمال العنف منذ تسلم مهامه في 29 مايو (أيار) الماضي، حيث لقي 660 شخصا مصرعهم خلال شهر ونصف في نيجيريا.
وفي فترة التردد التي تلت تسلمه مقاليد الحكم، وفي انتظار انتشار قوة من 8700 رجل شاركت في تشكيلها نيجيريا وجيرانها النيجر وتشاد والكاميرون وبنين، أواخر يوليو (تموز) الحالي، توالت الهجمات بوتيرة يومية في البلاد؛ إذ نفذت المجموعة المتطرفة أيضا في الأيام الأخيرة اعتداءات انتحارية في الكاميرون وتشاد، وشنت هجوما في النيجر، وهي البلدان الثلاثة التي تتصدى لها عسكريا.
وأعلنت الرئاسة النيجيرية أن «الأولوية خلال المحادثات بين الرئيس بخاري والرئيس أوباما وكذلك مع مسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية، ستكون هي التدابير التي يتعين اتخاذها من أجل تعزيز التعاون الثنائي والدولي، وتكثيفه على صعيد مكافحة الإرهاب في نيجيريا وغرب أفريقيا».
وخلال زيارته إلى أبوجا الأسبوع الماضي، دعا مساعد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إلى «طريقة تعامل شاملة» ضد «بوكو حرام»، «تشارك فيها المنطقة بأكملها، ولا تقتصر فقط على رد أمني عسكري كبير، بل تتضمن أيضا بسط سلام دائم في المناطق المحررة، وإدارة حكيمة وتنمية وآفاقا مستقبلية للمدنيين، واحتراما دقيقا لحقوق الإنسان».
وأضاف في مذكرة نشرت على موقع وزارة الخارجية الأميركية: «عندما تطور نيجيريا هذه المقاربة، ستزيد الولايات المتحدة من مساعداتها».
وتتقاسم الولايات المتحدة معلومات عن «بوكو حرام» مع نيجيريا، وقد أرسلت العام الماضي مستشارين عسكريين ومدنيين، لمحاولة العثور على نحو مائتي تلميذة في شيبوك (شمالي شرق)، أثار إقدام المتمردين على خطفهن استياء في جميع أنحاء العالم.
لكن العلاقات بين واشنطن وأبوجا توترت أواخر 2014، بعدما عدّت نيجيريا أن المساعدة الأميركية للتصدي لـ«بوكو حرام» غير كافية، وقد أثار هذا الموقف رد فعل حادا من وزارة الخارجية الأميركية. وكانت نيجيريا إبان رئاسة غودلاك جوناتان في تلك الفترة، أوقفت بصورة مفاجئة دورة تدريب عسكرية كانت تنظمها الولايات المتحدة على أراضيها.
وأعلن البيت الأبيض أن زيارة بخاري، التي تستمر أربعة أيام والتي تعد الأولى إلى العاصمة الأميركية، تؤكد «التزامنا بتعزيز وتوسيع شراكتنا مع الحكومة النيجيرية الجديدة، ودعمنا للشعب النيجيري بعد انتخابات ديمقراطية تاريخية وانتقال سلمي للسلطة».
ومن الموضوعات الأخرى التي ستناقش في واشنطن، مكافحة الفساد، وهو رهان آخر لبخاري، فيما تعيش الأغلبية الساحقة لمواطنيه الـ173 مليونا بأقل من دولارين في اليوم الواحد.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.