لم يكتب للملف الرئاسي العالق منذ 14 شهرًا أن يخرج من عنق الزجاجة خلال جلسة الانتخاب التي كانت مقررة أمس، مما استدعى التأجيل الـ27 لانتخاب رئيس للبنان، بفعل استمرار مقاطعة نواب تكتل التغيير والإصلاح، ونواب حزب الله للجلسات، وبالتالي غياب النصاب القانوني الذي يفرض حضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 86 نائبًا من أصل 128 نائبًا، إجمالي عدد نواب الأمة.
وإذا كانت الجلسات الـ26 السابقة معلقة على حبال تفاهم إقليمي لم يبصر النور بعد، فإن الجلسة 27 التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 12 أغسطس (آب) المقبل، ستكون رهن الترجمة العملية للاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران، وانتظار ما تحمله المدة الزمنية الفاصلة عنها من مستجدات، وترقب ما إذا كانت إيران أعطت الضوء الأخضر لحلفائها في لبنان وفي مقدمهم «حزب الله» لإنهاء الشغور الرئاسي، وملاقاة فريق «14 آذار» في منتصف الطريق لاختيار رئيس توافقي تقبل به جميع الأطراف، والتخلي عن معادلة «عون أو لا أحد» التي يفرضها الحزب منذ أكثر من سنة.
هذا الاستحقاق الذي يشكل مفتاحًا لحل الخلافات السياسية القائمة في لبنان، لا يزال مرتبطًا بالكثير من ملفات المنطقة العالقة التي لم تتبلور حلولها حتى الآن، وفق ما أعلن وزير السياحة ميشال فرعون الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الملف الرئاسي لا يزال خارج أي اتفاق داخلي، وبات مرتبطًا أكثر من أي وقت مضى بملفات المنطقة». وقال «قد يكون الاتفاق النووي الإيراني ركيزة أساسية وشرط ضروري لحل المعضلة الرئاسية، لكن ليس كافيًا لوحده نظرًا لوجود ملفات كثيرة شائكة ومتشعبة، ونأمل أن يكون مدخلاً للحلحلة».
واستطرد فرعون: «لا شك أن إيران كانت جزءًا أساسيًا من المشكلة، فالتعطيل الذي نعيشه منذ وقت طويل أتى من إيران، علينا الآن انتظار ما ستكون عليه سياستها في المرحلة الأولى، هل ستقول لحلفائها إن شيئًا لم يتغير، وبالتالي فإن الصراع لا يزال مستمرًا؟ أم أنها ستقول جاء وقت الحل؟ ما نأمله أن تكون إيران في المرحلة المقبلة جزءًا من الحل وليس من التعقيد».
وإذ عبر وزير السياحة عن قلقه من «الفراغ الزاحف الذي يهدد كل المؤسسات الدستورية، بدءًا برئاسة الجمهورية إلى المجلس النيابي وصولاً إلى الحكومة أخيرا». أبدى ارتياحه للوضع الأمني ورأى أن «لبنان لا يزال يحظى بغطاء أمني دولي، لكن الملفات السياسية المعقدة من رئاسة الجمهورية إلى قانون الانتخاب إلى تعيين قائد للجيش وغيرها تحتاج إلى ما يشبه (اتفاق دوحة) جديد ينجز هذه الملفات من ضمن سلة واحدة».
وبدا واضحًا أن كل القوى السياسية في لبنان تراهن اليوم على تبدل في الموقف الإقليمي من الاستحقاقات اللبنانية، وأهمها رئاسة الجمهورية، وهو ما ترجمه اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع عدد من النواب ضمن ما يعرف بـ«لقاء الأربعاء» في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، الذي تمحور حول الاتفاق النووي ونتائجه.
وتوقع بري أن «يكون للاتفاق انعكاسات إيجابية على المنطقة، وأن يساعد على تحقيق الانفراج في لبنان». وقال رئيس المجلس حسبما نقل عنه النواب: «لقد سعينا جاهدين للبننة الاستحقاق الرئاسي ولم ننجح، وقد يسهم هذا الاتفاق بخلق أجواء مساعدة على إزالة التعقيدات أمام انتخاب رئيس للجمهورية».
وشدد على «ضرورة أن يبادر اللبنانيون في ضوء ما حصل إلى السعي لتعزيز مناخات التوافق فيما بينهم لملاقاة الأجواء الإيجابية المنتظرة بعد الاتفاق النووي».
أما رئيس كتلة المستقبل النيابية ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة فاعتبر عقب تأجيل جلسة انتخاب الرئيس أن «عدم انتخاب الرئيس ليس بالأمر المفيد، ويجب التوصل إلى التوافق على انتخاب رئيس يجمع اللبنانيين ولا يساهم في تباعدهم»، معتبرًا أن «الرئيس هو من يجمع اللبنانيين ويحفظ الدستور، لقد فشلنا في انتخاب الرئيس بسبب التعطيل الذي يمارسه بعض النواب ومعروف من يحضر ومن لا يحضر».
وأكد السنيورة أن «الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى حدث مهم، وعلينا أن ننتظر أكثر لنتعرف على حقيقة ما جرى، ونحن كلبنانيين وعرب كان لنا موقف، نقول إننا ضد أن يكون أي وجود نووي لأغراض غير سلمية، وأولى هذه الدول إسرائيل وليس فقط إيران».
وقال السنيورة: «نحن نسعى لإنشاء علاقات جيدة مع إيران، وهناك أمور تجمعنا معها، وهناك تاريخ طويل من العلاقات بين إيران والدول العربية».
لبنان: تأجيل انتخاب رئيس الجمهورية والحل رهن ترجمة الاتفاق النووي
فرعون يؤكد أن إيران وراء التعطيل.. ويحذر من «التعطيل الزاحف إلى المؤسسات»

لبنان: تأجيل انتخاب رئيس الجمهورية والحل رهن ترجمة الاتفاق النووي

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة